غزّة بين صواريخ حماس وغارات إسرائيل
غزّة بين صواريخ حماس وغارات إسرائيل
بسم الله الرحمن الرحيم
لا أعرف لحركة حماس (بل ولا لحزب الإخوان عامّة) هدفاً غير الدّعاية والجباية، فمنذ أسِّس الحزب عام1928 وأسِّست الحركة عام1987 لم تظهر لقادة الحزب منذ حسن البنّا وسيّد قطب ولا قادة الحركة منذ أحمد ياسين خطوة عمليّة واحدة لإنكار أكبر الكبائر والموبقات التي وُلِدوا وعاشوا ومات من مات بينها لا باللسان ولا باليد، بل أيّدوها بنشر رسائل ومذكّرات حسن البنّا سنوات تصوّفه وقبوريّته.
كان أكبر همِّ الحزب الإخواني ومبلغ علمه: الإنكار على الحكّام والخرس عن المحكومين منذ اكتشافهم أنّ هذا هو أهمّ ما يجذب إليهم تأييد الغوغاء وأموالهم.
وكان أكبر همّ حركة حماس ومبلغ علمها (تأسّياً بمرضعتها) محاولة الأذى لإسرائيل بحبل من إيران وحبل من كوريا الشّيوعيّة وحبال من أموال مغفّلي الخليجيّين، والشّيوعيّون هم الأكثر تعاطفاً وتعاوناً معها.
وقبل معاهدة أسلو وتخلّي اسرائيل عن احتلال الضّفّة وغزّة كان الشّيوعيّون الإسرائيليّون هم الذين يخيطون الأعلام الفلسطينيّة لحركات المقاومة ويحتجّون على الاحتلال فرادى وجماعات، وربّما تجسّسوا لصالح المقاومة قليلاً ردّاً لجميل التّجسّس الفلسطيني الكثير لصالح إسرائيل؛ ولو أنّ دعاوى حركات المقاومة وأحكامها بالموت للمتّهمين بالتّجسّس لا يوثق بها، فقد حُكم على بعضهم بالموت بتهمة التّجسّس، وبعد تنفيذ الحكم بأيام ثبت أنّه بريء فحُكِم له بالشهادة التي لن تنفع الميّت ولن تعزّي أهله إلاّ أن يشاء الله.
وتمضي الأيّام والشهور والسّنين واللعبة التّجاريّة الحزبيّة لا تتغيّر: تُطْلق حماس صواريخها على إسرائيل (ولو أثناء المفاوضات للهدنة) ويُقتل إسرائيلي من أيّ عرق ومن أيّ دين، فتردّ إسرائيل بغاراتها ويقتل العشرات وتهدم البيوت، ولا يقتل من قادة الحركة إلاّ الأقلّون لأنهم يلجأون إلى أنفاقهم وتحصيناتهم، ويتركون أبرياء المدنيّين الذين ابتلوا بهم يدفعون الثمن من أمنهم وأرواحهم وممتلكاتهم.
وليس من صالح حركة حماس بل ولا من أساس وجودها أن تتوقّف الغارات الإسرائيليّة على غزّة فيتوقّف التّأييد الجاهل المادّي (وهو الأهمّ) والتّأييد الجاهل المعنوي وهو مهمّ.
حاولت إسرائيل بناء سدٍّ بينها وبين الضّفّة وغزّة مثل سدّ يأجوج ومأجوج بعد أن فُتِحَت سوق للسّيّارات المسروقة من إسرائيل، ولتخفّف من تسلّل الانتحاريّين المجرمين الذين يفجّرون أنفسهم بين النّاس صالحهم وطالحهم، فضجّ القادة الفلسطينيّون بالاحتجاج لأنّ هذا السّدّ سيعوق العمال الفلسطينيين من العمل في مجالات الأعمال الصّناعيّة والزّراعيّة وأعمال البناء مما لا يمكن تعويضه في الضّفّة وغزّة، بل ولا تهتمّ المقاومة ولا تقدر على تعويضه فلم يكن هدفها الاصلاح في الدّين ولا في الدّنيا فيما يظهر منها منذ أن ركبَتْ دعوى الدّين والاصلاح مطيّة للمحافظة على الحزب والحركة لمجرّد البقاء وزيادة عدد الأعضاء المشاركين، وجباية أموال المغفّلين المخدوعين بدعاياتهم الضّحلة المخالفة لواقعهم في كلّ زمان ومكان وحال، وزيادة عدد المؤيّدين لهم الجاهلين بشرع الله أو المخالفين له وهم يعلمون من واقعهم في مصر قبل أن ينقذها الله منهم أو في تونس أو في تركيا، وكلاهما تتعايش فيهما العلمانيّة والوثنيّة والفكر الموصوف زوراً بالإسلاميّ، والله الموفّق.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن. عفا الله عنه – مكة المباركة 1435/10/27هـ