بحث غير موفق كالعادة للندوة العالمية للشباب الإسلامي

بحث غير موفق كالعادة للندوة العالمية للشباب الإسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

بين يديّ العدد 64 من مجلّة المستقبل الإسلامي التي تصدرها النّدوة. وأرجوا الله لمستقبل الاسلام خيراً ممّا تتمنّاه المجلّة والنّدوة: الاسلام الصحيح هو القائم على الوحي والفقه في الدّين لا على الفكر والعاطفة والظّن.

ولست بالحريص على قراءة هذه المجلّة وأمثالها من المجلاّت الإسلاميّة الفكرية العاطفيّة، ولكن النّدوة بروتينها الإداري تصرّ على تزويدي بها فأجد أنّ عليّ إظهار الحقّ وإبطال الباطل.

ليس في المجلّة كلمة واحدة عن التّوحيد ولا السّنّة ولا عن الشرك والبدعة طبقاً لمنهاج النّدوة الأصيل المخالف لمنهاج النّبوّة في الدّعوة إلى الله على بصيرة (لفقد البصيرة).

وهذا لا يعني اتّهام النّيّة؛ فغالب المتديّنين (بدين الحقّ أو الضلال) {يحسبون أنهم مهتدون}. ولكن الخطأ في انحراف المنهاج والعمل عن منهاج وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم.

ويبدو أن المجلة مثل المشرف العام عليها (فيما كتبه لي من قبل) يرى الدّعوة إلى التوحيد والسنّة والنهي عن الشرك والبدعة بالصّمت عنهما. ولعلّ خير مثال على ما أدّعيه خلاصة بحث بعنوان دراسات وبحوث: الشباب أوّلاً: عبرة الماضي من أجل المستقبل.

ومع احترامي لعبد الحليم عويس (وهو في نظري من خيرة الإسلاميين) فاختيار الكاتب/ عبد القادر أحمد عبد القادر لهذا البحث غير موفّق:

1) للشباب أولاً! هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يخصّ الشباب بغير ما يخصّهم مثل: (من استطاع منكم الباءة فليتزوّج)؟ أم أن الشّيطان قد زيّن للأحزاب الإسلاميّة وبخاصّة (الإخوان) تمييز الشباب وبالتالي عزلهم عن بقيّة الأمّة، وبالتالي: الفتنة؟.

2) يدّعي البحث أن أخطر عوامل سقوط الخلافة اهمالهم لركن الجهاد. ظننت قبل قراءة المقال أن أركان الإسلام خمسة.

3) بعد المعتصم لم نسمع عن معارك قامت بها الدّولة:

– والمعتصم ورواية وامعتصماه ركن آخر من أركان الدّعوة الإخوانيّة، ضيّعت خطب الجمعة ودروس الدّين في المدارس والمساجد.

والذي لا يفقهه الاسلاميّون أنّ المعتصم هو الذي تولّى كبره في محنة خلق القرآن وتعذيب الإمام أحمد رحمه الله، فهل معاركه (لو صحّت) هي القتال لتكون كلمة الله هي العليا؟ ليس هذا أكبر همّ المفكّرين الإسلاميّين هدانا الله وإياهم.

– وكيف لم تسمع النّدوة والدّكاترة فيها: الأمين ونائبه وأعوانه (إن لم يعلم عبد الحليم وعبد القادر) بمعارك الأئمة الأُوَل والمتأخّرين من آل سعود وآل الشيخ وجند الله حقّاً ممن نصرهم الله بهم ونصر بهم دينه؟ لقد زاغت أعين الإسلاميّين وبصائرهم عن معارك التوحيد والسّنّة التي قامت عليها دولة آل سعود ووحّدت بها جزيرة العرب على التّوحيد والسّنّة، وهدمت أوثان الشرك من العراق إلى بحر العرب ومن الخليج إلى البحر الأحمر، ولما قامت دولة آل عثمان (التي يسمّيها البحث: آخر خلافة) بالانتصار للشّرك والبدعة والسّلالة فهاجمت دولة التّوحيد والسّنّة وانتصرت عسكريّاً إلى حين؛ أعيدت جميع الأوثان والبدع إلى أقدس بقاع الأرض ومنها وثن ذي الخلصة الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعودته كما في صحيح مسلم، ثمّ جاءت دولة الإسلام والتوحيد والوحدة فهدمت الأوثان مرّة أخرى وأزالت البدع وتميّزت حتى اليوم (وحتى يوم القيامة بإذن الله) بإقامة الدّين الصّحيح والدّعوة إليه، يشهد بذلك أهل الحقّ وأهل الباطل (فالخرافيّون والحزبيّون والمبتدعة يسمّون الدّاعين إلى الله على بصيرة: (وهّابيّين) أو(عملاء السّعوديّة)، والحمد لله الذي اصطفانا لهذا ونعوذ به من أن يضلّنا الفكر عن الوحي.

4) الذين لا يملكون إدارة الهجوم يفقدون القدرة على الدفاع.

طبيعة القتال الشرعي دفاعيّة؛ لا يهاجم المسلم إلاّ دفاعاً عن دينه وكلمة ربّه (لا كلمة رئيس حزبه): {إن الله يدافع عن الذين آمنوا}، {أذن للذين يقاتلون بأنّهم ظلموا}، {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله}.

5) منذ سقطت الخلافة العثمانية لم تتقدّم أمتنا.

– بلى والله! كان سقوط دولة آل عثمان (وكرّم الله الخلافة عنها) خيراً للمسلمين في دينهم ودنياهم.

– هل سمع الإسلاميّون بحديث مسلم: «الخلافة ثلاثون سنة ثم تكون ملكاً»؟.

– هل عرف الإسلاميّون أن حكم خير العثمانيّين عندهم: عبد الحميد كان قائماً على الخرافة والشرك والتّصوّف أكثر من غيره، وأن الصيّادي الرفاعي المخرّف كان الخصم والحكم في دين الله؟.

6) العسكريّة العثمانيّة التي قدمت ما قدمت للحضارة الإسلامية.

لو عرف الإسلاميّون شرع الله المبنيّ على الوحي والفقه لا على الهوى والفكر، لتبيّنوا أن ليس المهمّ إضافة رقعة من الأرض في منهاج الوحي والنبوة؛ فلم يبعث رسول لهذا الغرض: {وما أمروا إلاّ ليعبدوا الله مخلصين له الدّين}، {ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}.

ولكن اكتساب الأرض مقدم على صحة الاعتقاد في فكر الحزبيّين وليس من دليل على ذلك أقرب من بناء الإسلاميين صنماً لصلاح الدّين على فرسه في الأردن وهو أوّل تمثال يقام فيها، وفتحوا بذلك ثغرة عظيمة، ولكنّ الله أيّد دينه وحمى هذه البقعة من الأرض المباركة من هذا التقليد الجاهلي فأمر ملك البلاد بهدم تمثال أقيم له على غراره بحجّة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم إنما جاء بهدم الأصنام.

وفقكم الله لتغيير نهج الندوة من الفكر والعاطفة إلى الوحي والفقه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن الرسالة رقم/310 في1417/12/28هـ