رأيٌ في كتاب الأشاعرة (الكبير) د. سفر الحوالي
رأيٌ في كتاب الأشاعرة (الكبير) د. سفر الحوالي
بسم الله الرحمن الرحيم
من: سعد الحصين، إلى أخي في الدين الشيخ (….) أحسن الله رزقه وعمله.
لا يظهر لي أن أ.د. سفر الحوالي وُفِّق في (الكبير) كما وفق في (الصغير) كما وصفهما، من (منهج الأشاعرة في العقيدة). وبخاصة في المقدمة؛ فقد كانت في الأول: ردًّا موثقًا على مقالات الصابوني عن الأشاعرة. وكانت في الثاني: تحليلًا ساذجًا مبتذلًا لحال العصر مما سمي: فقه، بل فكر الواقع. وهو مؤهل للبحث العلمي أكثر من تأهيله للفكر الظني الذي انصرف إليه (واأسفاه) مع بداية القرن الخامس عشر الهجري بل مع بداية العقد الثاني منه، ويتضح ذلك من المقارنة بين عرضه للمنهاج الأشعري في الاعتقاد وبين تحليله السياسي الذي تخبط فيه من قبل فظنَّ أن تحول روسيا عن الشيوعية مكر منها للخروج وراء الستار الحديدي، وظن أن الجزائر لا تزال على الطريق الاشتراكي (العربي) بعد عشر سنوات من تحولها إلى الديمقراطية العربية. وتخبط فيه من بعد فظن هنا أن امبراطور اليابان (لا يزال منسوبًا إلى سلالة الآلهة) بعد أن أنكرها هيروهيتو عام 1946 قبل أكثر من 50 عامًا، أما ابنه الإمبراطور الحالي فلم يرتبط بها أصلًا (ص6). بل يتناقض ويتخبط هنا فيما يقرره (ص7) من دعوى (بروز ظاهرة إنسانية كبرى: العودة إلى الماضي (الظاهرة الواقعة التي شهدتها إنما هي: رفض الماضي والحاضر) ويحكم على هذه العودة الخيالية (بالخسران الأكبر والإفلاس الماحق لقوم كفروا بالله ورسله)، ثم يقرر (آخر ص7 وأول ص8) بأن هذا الرافد العالمي العصري (الخاسر المفلس) التقى بالرافد الأصلي (بقايا الخير في هذه الأمة)، يقول: (بدأ هذان الرافدان تشكيل نهر لا بدَّ أن يصبح تيارًا يجتاح ما على الأرض من الشرور والأدران والأوثان) كيف يتعاون الشر مع الخير على إزالة الشر؟ لعل المعنى في بطن المفكِّر. ولن أدخل في تفاصيل التخبط الفكري في هذه المقدمة وحدها (وغيرها كثير) منذ انحرف المؤلف (ردنا الله وإياه إلى دينه ردًا جميلًا) عن الفقه إلى الفكر بعد أن كان يحذر من هذا الانحراف، بل اكتفى بهذه الملاحظات القليلة التي أشرت إليها في حديثنا الهاتفي عن اختياري مؤلفه الصغير (قبل الانحراف) على (الكبير) بعد الانحراف، ولم يكن أسوأها استدلاله بأبيات للمعري يتمنى الموت ويسبُّ الدهر (ص22)، وفق الله الجميع لأقرب من هذا رشدًا.
(1429/10/23هـ).