الأمم المتحدة تشارك أو تنافس في الفتن والفساد
الأمم المتحدة تشارك أو تنافس في الفتن والفساد
بسم الله الرحمن الرحيم
أ- منذ عشرات السنين وجمعية (الأمم المتحدة) مشهورة بالفساد الإداري والمالي، وكانت بعض الدول الكبرى تمتنع من أداء حصتها في تمويل الجمعية حتى تَبدأ الجمعية محاولة الإصلاح، أو تحتاج الدول التأييد في حوادث طارئة، وتبقى الجمعية مثالاً للإسراف المالي والتوظيفي، مثالاً للفساد الإداري والسياسي، لا يتغلب عليها في عمق الفساد ومقاومة الإصلاح غير الجمعيات التي أُسست لمجرد تقليدها في آسيا وأفريقيا.
ب- ورغم فسادها المالي والإداري والسياسي حققت بعض النجاح (الذي لم يحاوله مقلدوها) في الإغاثة، وأقرب أمثلتها إلينا مخيمات اللاجئين الفلسطينيين ومدارسهم في بعض الدول العربية المجاورة، والحواجز العسكرية بينهم وبين إسرائيل، ومخيمات اللاجئين في حرب الصربيين للبوسنيين في (بوسنياهرتزوكفينا) وللألبانيين في (كوسفو) ثم محاكمة مجرمي الحرب الصربيين، ولو أن الإغاثة تمول من التبرعات، والحرب يتولاها حلف الأطلسي، وكان للجمعية جهود في الصحة والتعليم أقل مما يطلب منها.
ج- ولكنها اليوم ابتدعت نوعًا من الفساد العريض لم يظهر لي منها قبل اليوم؛ فمع أنها تلتزم بتفرُّد العَلَم السعودي لحمله شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فلا يُنكس إذا نُكست الأعلام الأخرى لموت عظيم وفق الابتداع العالمي؛ ولكنها اليوم تخالف دين الإسلام وحرية المسلمين في الاعتقاد بما فرضه الله عليهم فيما هو أعظم من تنكيس العَلَم: وجوب سمع المسلم وطاعته من ولاه الله أمره في المنشط والمكره والأثرة والظلم، بل كل معصية دون الكفر الصريح. وقد منع الإمام أحمد رحمه الله أهل زمانه من الخروج على المأمون والمعتصم والواثق حينما ارتكب الثلاثة كبيرةَ القول بخلق القرآن، وألزموا علماء المسلمين بها، وجلدوهم وسجنوهم وقتلوهم عليها، ولم يسبقهم ولم يلحقهم من ولاة المسلمين من أمر بصغيرة أو أكره الناس عليها، فضلاً عن الأمر بالكبيرة، وفضلاً عن ارتكاب الثلاثة شرًّا لم يسبقهم إليه أحد من المسلمين وهو: تمكين الفُرس (بجهلهم وبدعهم) من ولاية رقاب المسلمين وإفساد دينهم ودنياهم، تجاوز الله عنا وعنهم.
د- وكانت الأمم المتحدة قبل اليوم تُطلِق كلابها: (منظمة العفو الدولية) و(منظمة حقوق الإنسان) وأذنابهما المحلية الموصوفة بالوطنية تنبح وتختلق الأزمات وتشعل نار الفتنة المخالفة للدين والوطن والجماعة والإمارة والحق والعدل بما تزينه النفس الأمّارة بالسوء وتوسوس به شياطين الجنّ والإنس.
هـ- ولا عجب من الأمم المتحدة إذا لم تقبل شرع الله حَكَمًا، وجُلُّ القائمين عليها والعاملين فيها من عباد الحجر أو البشر أو الصور! ولكن العجب من أنها لا تقبل شرعها: (حرية الدين)؛ فهي تحظر على ولاة الأمر في بلاد المسلمين مقاومة الخارجين على الأمة والأئمة! ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أتاكم وأمركم جميع على رجل منكم واحد، يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فاقتلوه» [رواه مسلم]، وقال: «إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما» [رواه مسلم]. أمْ أن الحرية لدين الخرافة؛ ولا حرية لدين الإسلام!؟
و- ولو نزَّهنا الدين عن جمعية الأمم المتحدة ومن ينتفع بها، أفلم يروا إلى ما أورثته فتنة الخوارج منذ أشهر من الدمار والفوضى والشقاء في مصر واليمن وليبيا وسوريا؟ وكم من أرض في التاريخ حَمِدَت عاقبة المظاهرات والثورات؟ لا أعرف أحدًا انتفع من هذه الفوضى (مقدِّمة) والفوضى (نتيجة) إلا مَن أُشرِبوا في قلوبهم الفتنة (فرحًا قصير الأجل بالشرِّ)، وإلا حصول الأمين (الخائن: بان كي مون) على فترة ثانية بتقليده صوت سيِّده.
ز- والأعجب من ذلك كلِّهِ فرحُ أكثر العرب والمسلمين هذه المرّة بالاعتداء السافر على شريعة الإسلام في بلاد المسلمين، وكانوا يملئون الدنيا ضجيجًا في قضايا (غير شرعية) مثل: منع الحجاب في المدارس الفرنسية (والجريمة الحقيقة إدخال الفتيات المسلمات المدارس العلمانية)، وضياع المسجد البابري (وهي جريمة المسلمين الذين هجروا الصلاة فيه (15) سنة) ومقاطعة البضائع الدانمركية (والمجرم الحقيقي من يتعبَّد بما لم يشرعه الله من المقاطعة، ومن يأخذ الجميع بجريرة سفيه واحد، ومن ينشر إفكه في العالم من المسلمين)، تجاوز الله عنا وعنهم.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن في 1432/8/7هـ.