عبد الرحمن عبد الخالق بين الحور والكور
عبد الرحمن عبد الخالق بين الحور والكور
بسم الله الرحمن الرحيم
أ- قبل ربع قرن قرأتُ: (فضائح الصوفية) وحمدت الله الذي أنقذ كاتبه من براثن الفرق والجماعات والأحزاب الموصوفة زورًا بالإسلامية إلى منهاج السلف الذي كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، وشكرًا لله على هذه النعمة عهدت إلى أحد أخواني في مصر من الدعاة إلى الله على بصيرة بإعادة طبعه وتوزيعه هناك، فمن مصر بدأ وإليها يعود، وهي أحوج ما تكون إليه. ومثل أخي عبد الرحمن عبد الخالق الذي نهل من العلوم الشرعية في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية في أول أمرها وأحسن أحوالها يوم كان يرأسها الشيخ عبد العزيز بن باز (وخلفه الشيخ عبد المحسن العباد) وعلَّم فيها ابن باز والشنقيطي والألباني والعباد وأمثالهم أثابهم الله الجنة، مثله كان مؤهلاً للعودة إلى مصر لمحاربة الإشراك بالمقامات والمزارات والأضرحة، وما دون ذلك من البدعة والخرافة: خلفًا لمحمد حامد الفقي وعبد الرحمن الوكيل وجميل غازي رحمهم الله وأسكنهم فسيح جناته، يجاهد كما فعلوا بالقرآن والسنة والفقه في الدين، وليس ذلك على الله بعزيز، مع أن الله ميَّز الثلاثة بما ندر من قبل ومن بعد.
ب- فوجئت عام (1409) ـ فيما أتذكر ـ بمقال لعبد الرحمن عبد الخالق نفسه ينقض غزله (في التعلم إن لم يكن في العمل) في مجلة كويتية بما لا أجد له فيه غير الكفر بنعمة الله عليه وعلى المسلمين بالعلم وبالعلماء بشرع الله والدعوة إليه على منهاج النبوة في الدولة والبلاد المباركة التي ميزها الله (وحدها منذ القرون المفضلة) بتجديد الدين ثلاث مرات في كل قرن من القرون الثلاثة الأخيرة، وطهرها (وحدها) بأمرائها وعلمائها (ثلاث مرات منذ منتصف القرن الثاني عشر الهجري) من مقامات ومزارات ومشاهد الوثنية الأولى، وزوايا التصوف, وبدع المساجد والمقابر وغيرها بينما نجد أوثانا باسم الحسين والشافعي وغيرها منذ عهد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وقبله في بلاد مصر والشام وغيرها على كثرة علمائها الأعلام، وما زادها حكم الفاطميين الذين اقترفوها والأيوبين والمماليك والعثمانيين إلا تحكيمًا، بل لا نكاد نسمع نهيًا عنها إلا من ابن تيمية وتلاميذه ثم جماعة أنصار السنة في مصر والسودان، بل لم يكن النهي عنها أكبر همِّ (عبد الرحمن عبد الخالق) هداه الله ورده إلى الحق، وهي أول وأعظم وأهم ما أرسل الله به كل رسله، بل هو يعيب علماء السعودية اهتمامهم (بقضايا الألوهية والنهي عن عبادة القبور مع أنه لا يوجد فيها قبر ولا من يدعوا غير الله)، ولعله نسي ولم يجهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع ناسًا في المدينة النبوية من المؤمنين كما في حديث عوف بن مالك رضي الله عنه: «ألا تبايعون رسول الله؟» ثلاث مرات، قالوا: قد بايعناك يا رسول الله ـ ثلاث مرات ـ فعلام نبايعك؟ قال: «على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا، والصلوات الخمس، وتطيعوا، وألا تسألوا الناس شيئًا». ولعله نسي ولم يجهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردد في أيام مرض موته: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» بروايات وألفاظ مختلفة أكثرها في الصحيحين، ومنه قول عائشة رضي الله عنها: (يحذر مثل الذي صنعوا). وعن أبي عبيدة رضي الله عنه: أن آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم: «… واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» (راجع: تحذير الساجد للألباني)، وكان يقول هذا في الغالب لكبار الصحابة وآل بيته. وكيف لا يعي من درَسَ في المدينة وأقام فيها؛ أن عدد القادمين إلى المدينة ومكة المباركة من بلاد المسلمين الأخرى أكثر من أهلها أضعافًا مضاعفة، وهم لا يكادون يعرفون الفرق بين التوحيد والشرك، وجلهم يدعون غير الله ويطلبون منه المدد، ويذبحون وينذرون له، ويطوفون بقبره ويستغيثون به، أو هم يقرون بذلك أو لا ينهون عنه، وفيم التذكير بشرع الله إن لم يكن في أعظم أمور الدين؟ {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 4] هذه شنشنة عرفناها من الحزبية الإسلامية (بزعمهم) وظهر أثرها في واجباتهم العملية وموبقاتهم ووصاياهم، فلم يذكر فيها الأمر بإفراد الله بالعبادة ولا النهي عن وثنية القبور، وعيَّروا دعاة السنة بأنهم لا يحسنون غير هذا، وأحكامَ الحيض والفسْل، وتبعهم عبد الرحمن عبد الخالق.
ج- كتبتُ للأستاذ عبد الرحمن خطابًا خاصًّا أذكِّره بفضل الله عليه بمعرفة المنهاج السلفي وتعاون السلفيين معه على الخير، وبيَّنت له خطأ ظنه مشروعية التحزب الديني وأنه تفريق لجماعة المسلمين الواحدة والحزب الواحد والفرقة الواحدة والطائفة الواحدة على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لقول الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: 159]، ولو كان التشيع التعددي مشروعًا لكان التشيع لآل البيت أولى من التشيع لمن دونهم. وإذا أصر على رأي فلا داعي لغلظته على من لا يرون رأيه، ومنهم: ابن باز والألباني وابن عثيمين والفوزان واللحيدان والغديان، وبكر بن عبد الله أبو زيد خاصة في كتابه الفريد (حكم الانتماء للفرق والجماعات والأحزاب الإسلامية) وهو خير كتبه على الإطلاق لعدم وجود ما ينافسه، ولدقته وشموله ولغته. وقد فهمت من مقال الأستاذ عبد الرحمن عبد الخالق أن الذي أثار حنقه وأفقده توازنه هذه المرة مجابهته بفتوى اللجنة الدائمة برئاسة ابن باز وعضوية عبد الرزاق عفيفي والغديان والقعود رحمهم الله رقم (1674) في 1397/10/7، وذكر لي العفيفيُّ أنه كتب مسودتها بيده: (لا يجوز أن يتفرق المسلمون في دينهم شيعًا وأحزابًا… فإن هذا مما نهى الله عنه وذم من أحدثه أو تابع أهله، وتوعد فاعليه بالعذاب العظيم.. أما إن كان ولي أمر المسلمين هو الذي نظمهم ووزع بينهم أعمال الحياة الدينية والدنيوية فهذا مشروع). فأطلق عليهم تجاوز الله عنه هجومه الذي وصفه محاوره من جريدة الوطن بالشراسة السلفية (على السلفيين والسلفية الديمقراطية للبرلمانيين العلمانيين والليبراليين والشوعيين): وصفهم (بالعمى وقصر النظر والجهل بالسنة وبالفتوى الباطلة والقول الجزاف) وقد كرَّر وصفهم بالعمى في أكثر من مناسبة وبلا مناسبة, والعمى قدر من الله يكفر السيئات ويرفع الدرجات ويجزي الله الصبر عليه بالجنة، ولا يعيِّر به إلا سفيه أعمى البصيرة، وفهمت من سلفي أردني ثم من سلفي سعودي أنه نشر ردًّا شرسًا يرى أنه يليق به كتابته ونشره، ورأيت أنه لا يليق بي مجرد قراءته، ولعل من أسباب شراسته أنه طلب منِّي مرةً تبليغ اعتذاره عن خطأ اعترف لي بوقوعه فيه لأحد ولاة الأمر، وقمت بما أستطيعه، ولكن النتائج يبد الله وحده، وتجاوز الله عني وعنه، وليته يتمهل فلا يستعجل الحكم فتكثر أخطاؤه، ويتكرر اعتذاره فلا يقبل منه.
د- وقبل يومين نبَّهني أخ في الدين والدعوة على منهاج النبوة من الكويت إلى حوار بين صحفي من جريدة الوطن الكويتية وبين الأستاذ عبد الرحمن عبد الخالق، ولولا هذا التنبيه (وأنه من أخ كريم يسرُّني الاستجابة له وأنَّنا تعاونَّا كثيرًا بفضل الله على البر والتقوى) لما عرفت عن هذا الحوار ولربما استمر انقطاع الصلة بيني وبين فكر عبد الرحمن عبد الخالق فلست من قراء الصحف والمجلات ولا من متبعي الفكر. وظهر لي ـ كما ظهر لأخي ـ ميل الأستاذ عبد الرحمن في هذا الحوار عن منهاج الوحي والفقه إلى منهاج الفكر الحزبي أكثر من ذي قبل، وتناقض أقواله القديمة والجديدة، بل الجديدة والجديدة، ولكن لا عجب فالفكر منبع التناقض؛ كما قال الله تعالى عن وحيه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} [النساء: 82]:
1) يجعل من صناديق الانتخاب (أصوات الجماهير) الحكم والمرجع والفيصل: (وإذا انتخب العلماني والليبرالي والشيوعي احترمنا حقَّه ووجوده في البرلمان، أما إذا وضع الشعب مواصفات للمنتخب أو المنتخب من بينها ألا يكفر بالله أو أن من يعلن الكفر لا حقَّ له في التصويت فهذه قضية أخرى). وأين الحاكمية والحكم بما انزل الله من حكم الشعب؟ وقد قال في كتابه (المسلمون والعمل السياسي): لا يجوز بتاتًا الانصهار أو الاندماج أو تكوين صف واحد مع أحزاب وهيئات ترفع راية وعلمًا ولهم أهداف في الحياة تخالف هدف الإسلام كالشيعية والبعثية ونحوها من الأحزاب اللادينية، بل يجب على أهل الإسلام والتوحيد أن يرفعوا رايتهم المستقلة ولو لم يكن تحتها إلا رجل واحد، فإنه لا بدَّ أن يحصل تنازل عن بعض الحق ثم أن تتغاضى عن بعض الباطل) ص47 ط2. ألا يَدْمج البرلمانُ السلفيَّ والحزبيَّ والعلمانيَّ والشيوعيَّ في صف واحد؟ قلت: لعله يقصد بالعلمانية معنى خاصًّا به، ولكنه قال في (موقف أهل السنة من البدع والمتبدعة): (ولا شك أن اللادينيه أو العلمانية كفر وخروج عن الإسلام لأن حقيقتها أنه ليس لله أمر ولا نهي ولا حكم) ص19.
2) يقول في حواره: (لا يمكنك التفريق بين الإخواني والسلفي إلا في الأولويات ومرجعها الكتاب والسنة). ولكن الإخواني أبرم ميثاقًا مع العلمانيين في سوريا ومع حزب البعث العراقي ومع حزب الوفد في مصر، وأعلن قائد حماس أن الخميني هو أبو حماس الروحي، وزار ضريحه (وثنه) وقرَّب له الزهور! والسلفي يركز على إفراد الله بالعبادة ونفيها عما سواه وعلى السنة ونفي البدعة وعلى الأحكام الشرعية ومنها الحيض والنفاس، ولك أن ترجع إلى الفقرة (ب) من هذا المقال لتتذكر كيف نفى الحزب الإخواني الأمر بتوحيد العبودية والنهي عن شركها من كل مقرراته، وقد ولد قادته وعاشوا وماتوا بين الأوثان، فضلاً عن أحكام الوضوء.
3) (الإسلام يأخذ بنظام الخلافة، والإمام أو الخليفة ينتخب أو يأتي به أهل الحل والعقد)، هذا ما يقرره الأستاذ عبد الرحمن، ولم يقل هل أخذ الانتخاب من الكتاب أو من السنة أو من فقه القرون الخيرة حين نسبه إلى الإسلام؟ أم هو التقليد لمن لا خلاق لهم؟ وأين يذهب الملك والإمارة اللذين تكرر ذكرهما في الكتاب والسنة أكثر من الخلافة بمعنى الولاية، وأين تذهب الولاية بالعهد التي هي الأصل قبل هذه الأمة، وفي جُلِّ ولاياتها منذ عهد أبو بكر لعمر، وعهد عمر لواحد من ستة، وعهد معاوية ليزيد رضي الله عنهم جميعًا؟ يظهر لي أن عبد الرحمن عبد الخالق لا يقر الولاية بالعهد (ويسميها من يتأسى بهم وراثة الحكم)، ولو ورث سليمان الملك عن أبيه داود عليهما السلام، ولو عهد أبو بكر وعمر لمن بعدهما ولو عهد معاوية كاتب الوحي راوي الأحاديث رضي الله عنه وأرضاه لابنه يزيد عفا الله عنه، بل قد يعد عهد الملك أو الأمير لمن بعده هدمًا لركن (سادس!) من أركان الإسلام أوحى به إليه سيد قطب تجاوز الله عنهما، فقد قال في: (الشورى في ظل نظام الحكم الإسلامي، ص6): (كان أول الأركان هدمًا وإقصاءً من نظام الحكم الإسلامي كما قال الحسن البصري رحمه الله: أفسد أمر هذه الأمة اثنان: عمرو بن العاص يوم أشار على معاوية برفع المصاحف، والمغيرة بن شعبة حين أشار على معاوية بالبيعة ليزيد)، فشارك هداه لله سيد قطب تجاوز الله عنه في (ظلاله) وفي ظنه أن الأمة هدمت ركنًا من أركان الإسلام (سياسة الحكم) منذ القرن الأول، وفي سب صحابيين من كبار الصحابة رواة الأحاديث، واستدل سيد في سبه الصحابة برواية كاذبة عن علي رضي الله عنه وعن مؤرخ منهم بالتشيع، واستدل عبد الرحمن براوية مفتراةٍ على التابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله. قال الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله في (تصنيف الناس بين الظن واليقين): (أطبق أهل الأمة الإسلامية على أن الطعن في واحد من الصحابة رضي الله عنهم زندقة مكشوفة) ص26 ط1 عام 1414، وكرر هذا الحكم عن أبي زرعة الرازي رحمه الله (ص26).
4) سأله الصحفي: متى يثور السلفي؟ فأجاب عبد الرحمن عبد الخالق: (كلُّ مسلم مأمور بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والقيام في وجه الباطل… كل سلف الأمة أنكروا باللسان على الحاكم… السلفيون لا يخرجون بالسيف، أما الخروج بالكلمة والتظاهر حتى تنحية الحاكم كما حدث في الثورة المصرية… وثورة تونس العفوية أمِّ الثورات المعاصرة). وسأله الصحفي: الاعتصامات والتظاهرات وغيرها مشروعة؟ فأجاب الأستاذ عبد الرحمن: (أي صورة يتفق عليها الناس مشروعة وجائزة سلميًّا)، مع أنه لم يخالف الصحفي في أن نسبة الأمية 40%، ولم يبين كم نسبة السلفيين أو مجرد المتدينين في المتظاهرين من مصر أو تونس أو غيرهما، وما دام الظن هو الحكم فلنقل: لا يوجد بينهما سلفي حقًّا، وثورة تونس (العفوية) أم الثورات المعاصرة ائتمت بقاتل نفسه، ولا أظن أنني في حاجة إلى تذكير الأستاذ عبد الرحمن أن قاتل نفسه في النار وعقوبته: تكرار قتل نفسه بمثل ما اختار لها في الدنيا، وبئس الاختيار وبئس القدوة، عافانا الله مما ابتلاهم به جميعًا. وإذا بدأت المظاهرات والاعتصامات السلمية كما يصفها الأستاذ عبد الرحمن، ألن يقوم الحاكم بمسؤولية في حفظ الأمن الذي لا تقوم الحياة الدينية ولا الدنيوية إلا بفضل الله به؟ وإذا فعل ألن يقوم المتظاهرون بحرق سيارات الشرطة ومراكزها كما فعلوا؟ ما هي الحال الأمنية الآن بعد شهر من التظاهرات السلمية في تونس ومصر التي أعجب بها الأستاذ عبد الرحمن وجعلها قدوة؟
5) بعد أن جال وصال الأستاذ عبد الرحمن جولته وصولته السياسية القاصرة عن الفقه في الدين وعن الفكر السياسي، وبعد أن قرر بملء فيه: (العمل السياسي من الدين أو هو الدين)، وأن البرلمان إذا وضع نظامًا اقتصاديًّا حرًّا أو مقيدًا [بالشريعة أو القانون؟] فعلى الأمة الرضا بقرار الأغلبية) ونحو ذلك، قال الصحفي: لأول مرة أستمع إلى سلفي ديمقراطي، وسأله: هل أنت سلفي بالفعل؟ فضحك الأستاذ، وداعب عصاه، ولم يرد.
6) وبشر الأستاذ عبد الرحمن محاوره حسن عبد الله من جريدة الوطن بأنه الآن يكتب آخر كتبه: (في كرامات الصوفية)، وظن أن محاوره (سيتونَّس) به ويفرح به كثيرًا. وقلت في نفسي: اللهم سلِّم سلِّم، لعله لا يقترف ما تنبأ هو به: (تنازل عن بعض الحق أو تقاضٍ عن بعض الباطل)، وفي الغالب: لن يستونس صحفي ويفرح بأقل من ذلك، وليس أكبر مشكلات المنتمين إلى الإسلام (والسنة) اليوم فضلاً عن المبتدعة أن نسبة الأمية 40% فقد كنا في أحسن أحوالنا (أمة أمية لا نكتب ولا نحسب). أكبر المشكلات أن أكثر المنتمين للإسلام والسنة فمن دونهم ينافسون اليهود والنصارى والوثنيين في عبادة أوثان المقامات والأضرحة، وطلاب العلم الشرعي منصرفون إلى السياسة (أو التِّياسة) الرخيصة نقلاً من مراجعها ومنابعها الغربية وتحليلاً ساذجًا لما لا يملكون له بداية ولا نهاية من الأخبار العالمية؛ فيأخذون الظن ممن يسمونهم أعداءهم، ويتركون ما يسر الله لهم من يقين الوحي بفهم الفقهاء الأول في الدين، لعل أحدهم يوصف بأنه مؤسِّس السلفية المعاصرة كما ادعى صحفي الوطن زورًا. ولعل أخي الأستاذ عبد الرحمن يقبل نصيحتي هذه المرة فيقارن بين السياسة الشرعية التي هي من الدين أو هي الدين نزل بها الوحي وفقهها السلف وبين السياسة الدولية من وسائل الإعلام؛ لعله يتبيَّن الفرق بينهما، وأعاذنا الله وإياه من الحور بعد الكور.
(1432/6/6هـ).