ردٌّ على مقال للأمير عمرو بن محمد الفيصل

ردٌّ على مقال للأمير عمرو بن محمد الفيصل

بسم الله الرحمن الرحيم

إلى: أخي في الدّين وفي وطن أسِّس من أوّل يوم على الدّعوة إلى التّوحيد والسّنّة رئيس تحرير جريدة المدينة، وفقهم الله للحقّ والعدل وأعاذهم من الهوى.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: ففي العدد (الأسبوعي) رقم 14851 في 1424/10/27هـ وفي زاوية (مقال) بعنوان: (150 جلدة) جانَبَ الأمير عَمْرو بن محمد الفيصل الشرع والحقّ والعدل بما يلي:
1) نَقَل خبرًا من جريدة المدينة دون تثبُّت وعصى أمر الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} وفي قراءة: (فتثبتوا) {أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ}؛ ووسائل الاعلام عامّةً أفسق ممن نزلت فيه هذه الآية بلا شك لاعتمادها على أخبار الظنّ وقولها على الله وشرعه بغير علم ونشر ذلك في مخالفة صريحة لمحكم كتاب الله: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الهُدَى}؛ {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}؛ والقول على الله بغير علم شرّ من الفواحش، فليس في الغرائز الطّبيعيّة ما يدفع إليه، فهو مثل الشرك بالله والابتداع في دينه حريٌّ بعدم المغفرة بدون التوبة.
2) تطاول على قاضي الشريعة في البلد الذي ميَّزه الله بتحكيم الشريعة والدعوة اليها والتَّأسيس عليها، وتجاوَزَ القاضي المختصَّ إلى مجلس القضاء الأعلى يملي عليه رأيه وهو (فيما أعلم وفيما يظهر من مقاله) لا يفقه من الشريعة أكثر مما يظنّه عوامّ الصّحفيّين الحقّ.
3) وَهِمَ، وأوْهَمَ أن القاضي أخطأ في حكمه بإثبات البُنُوّة دون فحص الـ: (DNA)، وأخطأ في الحكم على المعتدي بالسّجن والجلد لجهره بالسوء على قاضي الشريعة في بلاد ودولة الشريعة المباركة؛ فأخطأ الكاتب مرتين:
ـ فحص (DNA) ظنيٌّ مثل كل المستكشفات الحديثة، والأخذ به غير لازم شرعًا حتى لو أقرّ مجمع الرابطة الفقهيّ جواز الأخذ به بشروط لا يعرفها ولا يعرف توفرها الكاتب، هدانا الله وهداه لأقرب من هذا رشدًا.
ـ وأما الحكم بالسّجن والجلد لمن تهجّم على قاضي الشريعة لأنه لم يحكم على هواه، فإنَّ هذا حق للقاضي، وحق للشريعة، وحق للدولة المباركة في حفظ شرع الله ونظامها الشرعي.
والآية الوحيدة التي استشهد بها الكاتب في جواز الجهر بالسّوء وَضَعَهَا في غير محلِّها ـ كالعادة ـ وفي غير معناها. وتفسيرها ـ غير الصّحفيِّ ـ: دعاؤه على من ظلمه، وتظلّمه ممّا مسّه من ظلم ـ يجهل الكاتب حقيقته وواقعه ـ. ولا يجوز سبّ دين موسى وعيسى لأن يهوديًّا أو نصرانيًّا سبّ دين محمد عليهم السلام، ولا يجوز مقابلة الكذب بالكذب ولا السرقة بالسرقة ولا الزنى بالزنى بحجة أنّ الله تعالى قال: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ}، اللهم أنقذ دينك من الصّحفيّين.
4) شطر البيت: (فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة) إنّما يَصْدُق في حق الصّحفي أكثر مما يَصْدقُ في حق القاضي ـ وفقه الله ـ كما بيّنت، فالقاضي حَكم بما يَعْلم ممّا تعلَّم من أحكام الشريعة، وفي حدود تخصّصه العملي فإن أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر، أما الصّحفي ـ هداه الله أو أوقف قلمه وأمثاله عن الاعتداء على شرع الله ـ فقد سوّد زاويته بما لا يَعْلم عمّا لا يَعْلم، واستدلّ بما لا يصلح الاستدلال به في هذا المقام وبخاصة ألفاظ (الردح) المصري.
5) ثم التفت إلى التّعدّي على خير أمةٍ أخرجتْ للناس منذ القرون المفضلة (في القرون الثلاثة الأخيرة) يتهمها بالجور على الضعيف والمرأة والفقير والمظلوم، ومحاباة القويّ والرَّجُل الغَنِيّ ـ وخاصة في محاكمها الشرعية ـ. أين يعيش هذا الكاتب؟ وإلى أي أمة ينتمي؟ أم أنه سلم عنانه للدعايات الضالة التي يطْلِقُها شذّاذ الآفاق مِنَ الحاقدين الحاسدين والفاتنين من الحركيّين والحزبيّين ومَنْ لَفَظَتهم الأرض المباركة (كما جاء الوحي بأنّها في أسوأ الفِتن تَلْفِظ المنافقين)، فطهرها الله منهم ولله الحمد والمنّة. لو سأل أهل الذّكر إن كان لا يعلم لبيّنوا له أنه أقيم حدّ الرجم والقصاص والتّعزير بالسّجن وغيره في هذا القرن ـ فضلًا عن القرنين الأوّلين قبله ـ على مَنْ هُمْ مِنْ أكثر الناس مالًا وجاهًا ومنْصبًا ونسبًا، أعرف اثنين منهم من آل سعود.
6) أما استهزاؤه بالقضاء الشرعي في بلد ودولة الشريعة واتهامه (بالتساهل والاستعجال في كَيْل العقوبات وكأنّها أنواع من الحلوى وبالذّات على الغلابة) فلعلَّه (يستعجل ولا يتساهل) بالتّوبة إلى الله والاعتذار عن سوء مقاله لعلّ الله أن يتوب عليه ويهديه ويهدي به.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سعد الحصيّن / تعاونًا على البر والتقوى.