توجيه المرأة المسلمة بين جيلين في بلاد الدعوة

توجيه المرأة المسلمة بين جيلين في بلاد الدعوة

بسم الله الرحمن الرحيم

أ) قبل ستين سنة كتب فضيلة العالم بشرع الله الداعي إلى الله بالاتباع ونبذ الابتداع والتقليد الشيخ عبد الظاهر أبو السمح (من أوّل وخير أئمة وخطباء المسجد الحرام في دولة التجديد والدعوة إلى التوحيد والسنّة) عن مكان ووظيفة المرأة المسلمة في دين الإسلام في مؤلفه: حياة القلوب (ص57) فقال:
1 – (الإسلام صان المرأة ورحمها وراعى حقوقها رعاية [عظيمة]، وفرض احترامها أمًّا وأختًا وبنتًا [وزوجة]؛ فأبى أولوا الشهوات إلا أن يُخرجوها من خدرها وكلفوها بغير ما كلفتها به فطرة [الله التي فطر الناس عليها].
لقد جاء هؤلاء الماكرون الشياطين وزينوا لها الخروج من خدرها زاعمين أنه السّجن المؤبد والحبس المخلَّد، فأطاعتهم واغترت بكلامهم المسموم فلم تجن من وراء ذلك إلا الشقاء والمقت والضياع).
2 – وقال عن حرية المرأة المزعومة المشؤومة (ص72): (ليس من الحرية أن تَترك المرأة صيانتها وعفتها وتخرج متبرجة لتفسد الأخلاق باسم الحرية) بل تهمل مسؤوليتها وتضيّع رعيتها التي خصصها الله لها.
3 – وقال عن الدعوة إلى تقليد الغربيين تبشيرًا بدعوى (التّطور والارتقاء والتنمية) (ص77-78): (يوجد ناس من هؤلاء العُمي الصُّم البكم يدعون إلى تقليد أوروبا؛ فهم والله شر من الحشرات الضارة في الأمة وإنهم لدعاة فتنة.
على أن التقليد غير الواعي لا يفيد في الحقّ فكيف في الباطل؟ إنَّ دعوة هؤلاء العمي الصم البكم؛ دعوة إلى شر سيكونون أول من يقع فيه ويصلَى ناره).
ب) وبعد ستين سنة كتب ابنُهُ الصحفي الجاهل بشرعِ الله (ووصفهُ بالجهل أقرب إلى حُسن الظن بالمنتمي إلى الإسلام والإحسان إليه من وصفه بالعناد والجحود):
1 – كتب هداه الله في جريدة عكاظ (العدد: 12992 في: 1423/1/9هـ) يصفُ الحجابَ الشرعي الذي فرضهُ اللهُ على المسلمةِ والوظيفة التي وظفَّها فيها بالعاداتِ القديمة التي تبدوا نشازًا في القرن العشرين مصدَرُها: (الهوس الرِّجالي والنظرة القاصرة للمرأة وعقدة فرويد) ونتيجتها: (تعطيل نصف المجتمع أو إلغاؤه). ورأى: (إعادة النظر في بعض هذه المسلَّمات والخروج من أسرها) حرصًا على: (أن نسير بمحاذاة الحياة المعاصرة لا أن نتخلَّف عنها).
2 – وكتبَ في العدد (14681) بتاريخ: 1427/10/15هـ؛ متفائلاً (بمستقبل حضاري لبلادنا رغمَ جهود بعضهم لإبطاءِ عجلة التطور والارتقاء والتنمية، ويحقّ لنا أن نفرحَ ونستبشرَ حين نقرأ في الصحف عن النجاحاتِ المتواليةِ للمرأةِ السعودية في النشاطاتِ المتعددة للمجتمع وفي شتى المجالات إن لم يكن في جميعها، نرى المرأة السعودية تخرج من القوقعة الآسرة لها بجد واجتهاد إلى مقدمة الصفوف مع صنوها وشريكها في الوطن من الرجال).
ج) وبالمقارنة بين دعوة الأب العالم المتّبع (رحمه الله) ودعوة الابن الصحفي الجاهل (هداهُ الله وكفَّ شرَّهُ وأذاهُ وفتنته) لكأنَّما كان الأب يصف ابنَهُ بالشهوانيةِ والمكر والشيطنة والتقليد غير الواعي والعمى والصمم والبكم والدعوة بالباطل إلى الشر؛ فالابنُ جادٌّ في نقض غزل أبيه يأمر بما نهى عنه وينهى عما أمر به، ولا عجب من الاختلاف بين الأب العالم ومرجعُه: شرع الله في كتابهِ وسنة رسولهِ صلى الله عليه وسلم، وبينَ الابنِ الجاهلِ ومرجعُهُ التقليد (غير الواعي) للغرب الذي يحكمه هواه.
د) ومشاقَّةُ الابنِ لأبيهِ إنما هي مشاقةٌ للهِ ولرسولهِ ولسبيلِ المؤمنين:
1 – فقد قالَ اللهُ تعالى للمرأةِ المسلمةِ في عصر النبوةِ وما بعده إلى قيام الساعة: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى} [الأحزاب: 33]، فَفَرِحَ الصحفيُّ الجاهلُ واستبشرَ بخروجِ المرأةِ من بيتها (القوقعة الآسرة) إلى العملِ مع الرجال.
2 – وقالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «خيرُ صفوفُ النساءِ آخرها وشرها أولها» في الصلاة مع الجماعةِ، وبيَّن أنَّ صلاتها في بيتها خيرٌ لها من الصلاةِ في المسجدِ مع خيرِ عباد الله؛ ففرح الصحفيُّ الجاهل واستبشرَ بخروجها إلى مقدمةِ الصفوف مع الرجال في إدارة الشركة أو منتدى دافوس.
هـ) ولم يبيِّن هذا الصحفي الجاهل من سيقومُ بوظيفة المرأة التي اختارها الله لها (رعاية بيتها وأهلها) إذا خالفت قضاء الله وشرعه فخرجت مما سماه الله ورسوله (بيتها) وسماه الصحفي الجاهل (القوقعة الآسرة)، من سيتولَّى مسؤوليتها؟ الخادمة السريلنكية؟ وبالمناسبة فإن أول رئيسة وزراء في العالم في القرن الماضي كانت امرأة سريلنكية فماذا جنته سريلنكا من (التطور والارتقاء والتنمية) بسبقها الشرق والغرب إلى تولية المرأة هذا المنصب؟
و) وهو يدّعي ـ كأمثاله ـ أن التزام المرأة المسلمة شرع الله بالقرار في البيت والتفرغ لأداء مسؤوليتها الشرعية (تعطيل لنصف المجتمع أو إلغاء له) لأنه ـ مثلهم ـ يتخذ إلهه هواه، ولا يلتفت إلى شرع الله؛ فينسى الوظيفة الشرعية العظيمة التي ولاّها الله تعالى عليها: مسؤولية بيتها ورعاية أولادها وزوجها كما جاء في وحي الله على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم: «والمرأةُ راعيةٌ في بيت بعلها، وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتها» [متفق عليه]. ويحثها على هجر بيتها للعمل في شتى المجالات وفي مقدمة الصفوف، تمامًا كما ترك الصحفي الجاهل التحليلات السياسية غير الشرعية لخطباء المساجد الجاهلين بها وسرق منهم القول على الله وشرعه بغير علم ولا عقل.
ز) وإذا استمر عدوان شواذ الصحف وشواذ الصحفيين وغيرهم من شواذ الإعلاميين على شرع الله وعلى ولاة أمره ودعاته وعلى بلاده ودولته فسيزداد الخطر من ضياع الأسس والمميزات التي خص الله بها بلاد ودولة التوحيد والسنة في القرون الثلاثة الأخيرة وتتناوشها اليوم سهامُ أقلامِ من لا خلاقَ لهم في الدنيا ولا في الآخرة: الحجاب، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، المناهج التعليمية الدينية، الأحكام الشرعية والحاكمين بها، الدعوة إلى إفراد الله تعالى بالعبادة وإلى السنة ومحاربة الشرك في العبادة والبدعة؛ فلا يجد العبد الصالح إلا اللجوء إلى الله تعالى ثم إلى ولاة الأمر في هذه البلاد المباركة الذين جدَّد الله بهم دينه في كل مرحلة انتهت بعدوان المعتدين.
ومع مقتي الاستشهاد بغير الوحي والفقه فيه؛ فقد رددت مرارًا قول إحدى ضحايا الثورة الفرنسية الغاشمة: (أيتها الحرية [الصحفية] كم باسمك تُقْترف الآثام)!

(1427هـ).