المرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها [نقد فكر عبد الله المطلق والنّدوة المخالف لشرع الله]
المرأة راعية في بيتها ومسؤولة عن رعيتها
[نقد فكر عبد الله المطلق والنّدوة المخالف لشرع الله]
بسم الله الرحمن الرحيم
في العدد 1295 بتاريخ 1425/2/26هـ من جريدة الوطن روى الأستاذ منصور الحاتم عن الشيخ عبد الله المطلق (تشجيعه خروج المرأة المسلمة بالحجاب في الفضائيات الجادة للدعوة وإيقاظ الضمير والاعتزاز بالإسلام).
وسواءً صحّت الرواية أو حُرّفت فهي مخالفة لشرع الله في كتابه وسنة رسوله وخلفائه وأئمة الفقه في الدين، وعلى هذا فهي مخالفة للمنهاج الشرعي الذي أُسِّست عليه من أول يوم هذه الدولة المباركة وميّزها الله به منذ تعاقد عليه الإمام محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب قبل 267 سنة، ومنذ جدَّد الدين الملك عبد العزيز رحمه الله بالعودة به إلى أصله؛ (وقد أنشئت الإذاعة في عهده)، فلم يرَ هو ولا أبناؤه الملوك من بعده ولا المُفتُون في عهودهم: الشيخ محمد بن إبراهيم والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ عبد العزيز بن عبد الله (جزاهم الله خير ما يجزي به مجدّدي دينه والدعاة إليه على بصيرة)؛ لم يرَ أحدٌ منهم ولا غيرهم من فقهاء دولة التوحيد والسنة ما رآه الصحفي أو الشيخ أو الندوة العالمية للشباب:
1- أمر الله تعالى نساء نبيه صلى الله عليه وسلم قدوة النساء إلى يوم القيامة بالقرار في البيوت (حيث يوجد عمل المرأة الذي خُلِقت لـه بعيداً عن الفتنة) قال الله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ} [الأحزاب:33] فانتدابها للدعوة إثم.
2- بعث الله جميع رسله (الذين قصّ الله خبرهم في كتابه) من الرجال، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم دعاته من الرجال للرجال والنساء. والظّنّ بأن بَعْث النساء بالدعوة للنساء أولى وأدعى للقبول إنما هو نزغ من الشيطان، وقد يصل إلى الاستدراك على الله ورسوله.
3- حث النبي صلى الله عليه وسلم المرأة على الصلاة في قرار بيتها وبيَّن أن صلاتها في بيتها خير من صلاتها في مسجد الجماعة (ولو كان مسجد الجماعة مسجده صلى الله عليه وسلم ولو كان هو إمام المصلين فيه كما كان واقع الحال حين البيان)؛ وعلى هذا فإن (تشجيع خروج المرأة المسلمة بالحجاب في الفضائيات للدعوة وإيقاظ الضمير والاعتزاز بالإسلام) مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الْآخِرَ} [الممتحنة: 6]. وما لم يكن عليه أمر الرسول وأصحابه وأتباعه في القرون المفضّلة فلن يكون ديناً مقبولاً عند الله إلى يوم القيامة.
4- يروي الصحفي عن الشيخ: أن (دعوة المرأة للمرأة [في الفضائيات وإذاعة القرآن والسجون] واجب)، وأن الأمة ما لم تستدرك ما فات فإنه (ما زال يشعر أن العدّة لم تكتمل، وأننا لم نأخذ بقول الله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ} [الأنفال: 60])، وأرى في هذه الرواية ـ صحّت أو لم تصح ـ انتقاص للعهد النبوي وعهد الخلافة الراشدة بقية القرون الثلاثة وفقهاء القرون بعدها ممن اتبعهم بإحسان، وعهد هذه الدولة المباركة في القرن الأخير بخاصة بعد أن ظهرت وسائل الإعلام المرئية والمسموعة؛ فمنذ نزلت هذه الآية الكريمة لم يرَ أحدٌ من ولاة الأمر (أمراء وعلماء) أن العمل بها يقتضي خروج المرأة من أمن ومسؤولية بيتها ورعيتها.
5- واهتمام هذه الرواية ومرجعها: الأدنى دون الأعلى؛ فهي لا (تشجع المرأة على الخروج من بيتها للدعوة) إلى التوحيد بإفراد الله بالعبادة، ولا التحذير من الشرك بالمزارات والمشاهد والأضرحة والمقامات أشنع معصية (وأشهرها) يقع فيها معظم النساء والرجال، والرواية لا تذكر شيئاً من أركان الإسلام العملية، لا الصلاة ولا الزكاة ولا الصوم ولا الحج، ولا تذكر شيئاً من أركان الإيمان، ولا شيئاً من وصايا الله للمؤمنين في سُوَرِ الأعراف والأنعام والنّور، ولا التحذير من الموبقات السبع وبقية الكبائر؛ بل (يقظة الضمير والاعتزار بالإسلام).
و(يقظة الضمير) من الألفاظ الصحفية المولّدة، وليس لها ذكر في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فقه الأئمة في الدين، وهي ـ مثل لفظ الصحوة ـ لا يحوطها سياج الدين الحق ولا تحدها حدوده الشرعية.
و(الاعتزاز بالإسلام) ـ مثل لفظ (يقظة الضمير) ـ اصطلاح عام يفهمه كلٌّ حسب هواه؛ فقد يرى الصحفي أو الشيخ أو الندوة أنه يتحقق (بخروج المرأة المسلمة [من قرار بيتها] بالحجاب للدعوة في الفضائيات والإذاعة والسجون)، أما الفقهاء في الدين منذ عصر النبوّة فلا يرون إلا التّقيّد بنصّ الوحي والفقه فيه من أهله الأُوَل.
6- استدلّ الراوي أو الشيخ أو الندوة على جواز (بل وجوب خروج المرأة المسلمة للدعوة) (بالظن أن تسعين بالمائة من المسلمين لا يشمل عندهم الحجاب تغطية الوجه وهو دين يدينون الله به) ونسي قول الله تعالى: {إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئاً} [النجم: 28]، وقول الله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام:116]، والخلاف بين العلماء في تغطية الوجه والكفّين لم يسوّل لأحد منهم الدعوة إلى (خروج المرأة للدعوة لأننا بحاجة ماسة إلى أن تسمع المرأةُ من المرأة) كما ذُكِر في هذه الرواية.
7- وكان مَثَل الكاتب أو الشيخ أو الندوة ومرجعه في هذا محطة (اقرأ) بميولها الصوفية وبُعدها عن منهاج النبوة، ويمكن إضافة الفضائيات الشيعية في البلاد العربية والأعجمية فهي القائدة إلى (خروج المرأة بالحجاب للدعوة في الفضائيات) وهي القدوة في الانشغال (بيقظة الضمير والاعتزاز بالإسلام) عن منهاج النبوة في الدعوة إلى التوحيد والسنة والتحذير من الشرك والبدعة.
8- استدل الصحفي أو الشيخ أو الندوة بقول الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ} [الأحزاب: 53] على أن صوت المرأة ليس بعورة، ولم يتنبه إلى مخالفته هذه الآية بالدعوة لخروج المرأة سافرة الوجه أمام أنظار مئات الملايين من زبائن الفضائيات لأمر لم يشرعه الله ولا سنّه رسوله صلى الله عليه وسلم ولا فقهه علماء الأمة الأعلام.
9- فقهاء الأمّة متفقون على تحريم كشف ركبة المرأة وعَقِبِها – مثلاً – ولن يختلف أحد في أوّليّة وجه المرأة على ركبتها وعَقِبِها في إثارة الفتنة بالمراة الجميلة، ولهذا رأى علماؤنا وأمراؤنا الأخذ بالأحوط حتى منعوا بيع مؤلّف المحدّث الألباني في الحجاب علماً بأنّه رحمه الله يشترط في جواز كشف المرأة وجهها وكفّيها: انتفاء الفتنة، ويحجب زوجاته وبناته.
10- روى الصحفي عن الأمين العام للندوة العالمية للشباب افتخاره بأن الندوة (تقوم بجهود كبيرة في سبيل تفعيل دور المرأة في مجال الدعوة لخدمة شريحة النساء والتي تمثّل نصف المجتمع)، وتركيز الندوة على دعوة النساء إلى ما لم يدعهن الله ولا رسوله ولا علماؤنا الأعلام إليه ـ إن صحّ ـ إضافة جديدة إلى انحراف الندوة عن منهاج النبوة في عزل الشباب عن بقية الأمة (في عنوان الندوة وكل نشاطها)، وفي إهمالها الدعوة إلى التوحيد والسنة والتحذير من البدعة اقتداء بضلال المنهج الإخواني.
وكانت الدعوة القدوة على منهاج النبوة منذ عهد النبوة والخلافة الراشدة المهدية يتولاها الرجال ويستفيد منها الجميع. والله الموفق.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.
الرياض ـ ربيع الأول 1425هـ