مِنْ ضَلال الفكر [2] ضلال فكر النّدوة العالميّة للشباب الاسلامي ومجلّتها المستقبل الاسلامي

مِنْ ضَلال الفكر [2]

ضلال فكر النّدوة العالميّة للشباب الاسلامي ومجلّتها المستقبل الاسلامي

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأت العدد 64 من مجلة المستقبل الإسلامي التي تصدرها الندوة العالمية للشباب الإسلامي، وأرجوا الله لمستقبل الإسلام وشبابه وشيبه خيرًا مما تتمنَّاه المجلة والندوة؛ فالإسلام الصحيح هو القائم على الوحي والفقه في الدّين لا على الفكر والعاطفة والظّنّ. ولست بالحريص على قراءة هذه المجلة وأمثالها من المجلات الإسلامية الفكرية العاطفية، ولكن النّدوة بروتينها الإداري تصرّ على تزويدي بها فأجد أنّ عليَّ إظهار الحق وإبطال الباطل.
ليس في المجلة كلمة واحدة عن التوحيد ولا السنّة ولا عن الشرك ولا البدعة طبقًا لمنهج الندوة المخالف لمنهاج النبوّة في الدعوة إلى الله على بصيرة (لفقد البصيرة)، وهذا لا يعني اتّهام النيّة؛ فغالب المتديّنين (بدين الحق أو الضّلال) {يَحسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} [الأعراف: 30] ولكن الخطأ هو في انحراف المنهاج والعمل عن منهاج وسنّة النبي صلى الله عليه وسلم.
ويبدو أنّ المجلة ـ مثل المشرف العام عليها ـ ترى الدعوة إلى التوحيد والنّهي عن الشرك بالصّمت عنهما؛ ولعلَّ خير مثال على ما أدّعيه خلاصة بحث في هذا العدد بعنوان: (دراسات وبحوث: الشباب أولاً: عبرة الماضي من أجل المستقبل).
ومع احترامي لعبد الحليم عويس (وهو في نظري خير الإسلاميّين)؛ فاختيار عبد القادر أحمد عبد القادر لهذا البحث غير موفّق، وإلى الندوة والمجلة وقرائها البيان:
أ) (للشباب أولاً) وهل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصّ الشباب بالدعوة إلى الله؟ أم أن الشيطان قد زيَّن للأحزاب الإسلامية المبتدعة تمييز الشباب وبالتالي: عزلهم عن بقية الأمَّة، وبالتالي: الفتنة.
ب) يدَّعى البحث أنّ: (أخطر عوامل سقوط الخلافة إهمال ركن الجهاد)، وأركان الإسلام خمسة؛ فمن أضاف ركنًا سادسًا فقد استدرك على الله وعلى شرعه.
جـ) (بعد المعتصم لم يسمع عن معارك قامت بها الدّولة):
1- والمعتصم (ورواية ومعتصماه) ركن آخر من أركان الدعوة الحزبيّة المبتدعة ضُيِّعت به خُطَب الجمعة ودروس الدّين في المدارس والمساجد. والذي لا يفقهه الإسلاميون أن المعتصم تجاوز الله عنه هو الذي تولّى كِبْرَهُ في محنة وفتنة خلق القرآن وتعذيب وسجن الإمام أحمد رحمه الله، فهل معاركه وأمثاله (لو صحّت) هي القتال لتكون كلمة الله هي العليا؟ ليس هذا أكبر همِّ المفكّرين الإسلاميين هدانا الله وإياهم.
2- وكيف لم تسمع الندوة وأمينُها ونائبه (إن لم يسمع عبد الحليم وعبد القادر) بمعارك الأئمة الأُول والمتأخرين من آل سعود وآل الشيخ وغيرهم، وجُند الله حقًّا ممن نصر الله بهم دينه؟ لقد زاغت أبصار الإسلاميين وبصائرهم عن معارك التّوحيد والسّنّة التي قامت عليها دولة آل سعود ووحّدت بها معظم جزيرة العرب على التوحيد والسّنّة، وهدمت أوثان الشرك والبدعة من العراق إلى بحر العرب ومن الخليج إلى البحر الأحمر، ولمَّا قامت خرافة آل عثمان (التي يسميها البحث: آخر خلافة) بالانتصار للشرك والبدعة والعنصرية فهاجمت دولة التوحيد والسّنّة وانتصرت عسكريًّا إلى حين؛ أعيدت جميع الأوثان والبدع إلى أقدس بقاع الأرض ومنها وثن ذي الخلصة الذي أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعودته كما في صحيح مسلم، ثم جاءت دولة الإسلام والتوحيد والسّنّة فهدمت الأوثان مرّة أخرى وأزالت البدع وتميَّزت حتى اليوم بإقامة الدين الصحيح والدعوة إليه، يشهد بذلك أهل الحقّ وأهل الباطل؛ فالخرافيّون والحزبيّون والمبتدعة يسمون الدّاعين إلى الله على بصيرة: (وهَّابيين) أو (عملاء السعودية)، والحمد لله الذي اصطفانا لهذا ونعوذ به من أن يضلّنا الفكر عنه.
د) (الذين لا يملكون إرادة الهجوم يفقدون القدرة على الدفاع). طبيعة القتال الشرعي دفاعيّة؛ لا يُحارِب المسلم إلاَّ دفاعًا عن دينه وكلمة ربّه (لا انتصارًا لنفسه ولا لحزبه): {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آَمَنُوا} [الحج: 38]، {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا} [الحج: 39]، {لَا يُحِبُّ اللهُ الجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ القَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} [البقرة: 193].
هـ) (منذ سقطت الخلافة العثمانية لم تتقدم أمّتنا):
1- بلى والله! كان سقوط خرافة آل عثمان (وكرَّم الله الخلافة عنها) خيرًا للمسلمين في دينهم ودنياهم.
2- هل سمع الإسلاميون بحديث مسلم: «الخلافة ثلاثون سنة ثم تكون بعد ذلك مُلْكًا»؟
3- وهل عرف الإسلاميّون أن حكم خير العثمانيين عندهم: عبد الحميد كان قائمًا على الخرافة والشرك والتصوف مثل أو أكثر من غيره، وأن الصّيّادي الرّفاعي المخرّف في عهده كان الخصم والحكم في دين الله؟
و) (العسكرية العثمانية التي قَدَّمَتْ ما قَدَّمَتْ للحضارة الإسلامية).
لو عرف الإسلاميون شرع الله المبنيّ على الوحي والفقه لا على الهوى والفكر، لتبيَّنوا أن ليس الأهم إضافة رقعة من الأرض في منهاج الوحي والنبوة؛ فلم يُبْعَث رسولٌ لهذا الغرض: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5].
ولكن اكتساب الأرض والحكم مقدّم على صحّة الاعتقاد وصحة العبادة في فكر الحزبيّين، وكذلك الحقد؛ فقد بُني صَنَم لصلاح الدّين على فرسه كيدًا للنصارى في الأردن، وهو أول تمثالٍ يُقام فيها، وفُتِحَ بذلك ثغرة عظيمة، ولكنَّ الله أيَّد دينه وحمى هذه البقعة من الأرض المباركة من هذا التقليد الجاهلي فأَمَرَ مَلِكُ البلاد بهدم تمثال أقيم له إقتداءً بصنم صلاح الدين؛ بحجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جاء لِهَدْم الأصنام.
وفّق الله وُلاة الأمر لتغيير نهج النّدوة وأمثالها من الفكر والعاطفة إلى الوحي والفقه، وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.