أبو عبد الرّحمن بن عقيل الظّاهري قِمّة القِمَم العربيّة
أبو عبد الرّحمن بن عقيل الظّاهري قِمّة القِمَم العربيّة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
يسرّني مشاركة أبي عبد الرّحمن في وفائه لغازي القصيبي رحمه الله (وهو علم آخر من الأعلام العربيّة السّعوديّة لا يبارى في الشّجاعة والأصالة والقيادة)، وفي الدّفاع عنه وتبرئته من افتراء المفترين ومن تبعهم بغير إحسان. ولم أَرَ بَعْدُ لأبي عبد الرّحمن تعزية لغازي رحمهما الله قبل لقائه ربّه الكريم الرّحيم ولا لأهله بعده خَلَفَه الله عليهم بصلاحهم،
ولعلّه – مثلي – يرى من الأَوْلى: تنبيه المسلمين إلى ما تميّز به أخوهم المسلم من الخير قبل موته إشاعةً للخير وإن رغب الأكثرون الأقلّون في إشاعة الشّرّ – واقعاً أو افتراءً -، وقد تحمّل غازي رحمه الله كثيراً من الإفتراءات ما بين: العلمانيّة انتقاماً فاجراً من سخريته في الوطن الكويتيّة من الخوارج على الأمّة وولاة أمرها أثناء فتنة العراق في الخليج لا أعادها الله ولا أعادهم، وبين اتّهامه بالغَزَل في المذكّر يوم حوّل سفهاء الأحلام رثاءه لأخيه نبيل رحمهما الله إلى نشرٍ للفاحشة، وأقلّ ما لقي من سوء الظّن أنّه (عندما انقطعت الكهرباء عن أحد أحياء الرّياض وكان يومها وزيراّ جلس في مكتب الاتّصالات بالوزارة يتلقى شكاوى المواطنين مع موظّفي الاتّصالات) فقال له أحد المتّصلين: قولوا لوزيركم لو لم ينشغل بالشّعر عن عمله ما انقطعت الكهرباء، ولم يَعْرف أنّ وزيرهم هو الذي تلقّى شكايته، وكثير من النّاس بمن فيهم طلاّب العلم الشرعي والدّعاة والقضاة يحمّلون ولاة الأمر مسئوليّة التّنفيذيّين من الرّعيّة مستدلّين بالرّواية الحركيّة عن عمر رضي الله عنه: (لو أن دابة ببغداد عثرت …الخ) ولو صحّت الرّواية فالرعيّة في عهد عمر من الصحابة لا من شياطين الحركيّين (أكثرهم).
ويسرّني مشاركة أبي عبد الرّحمن في انتقاد غازي رحمهما الله ورحمني يوم رثى من يسمّيهم شهداء من الانتحاريّين، وقد ثبت النّص الصّريح الصّحيح أنّهم يعذّبون بما انتحروا به يوم القيامة، وقد رسم صورة شعريّة عاطفيّة عن سناء محيدلي وآيات الأخرس وأمثالها بعيدة عن الشرع وعن الواقع ونشَرْتُ انتقادي له أوّل مرّة في جريدة الحياة التي نشَرَتْ قصيدته: (الله يشهد أنّهم شهداء) وبيّنت له عفا الله عنه أنّ هذا يصل إلى الإفتراء على الله وعلى رسله وعلى أوليائه، وبقيّة انتقاداتي له موجودة بين المقالات في موقع باسمي على الأنترنيت عن هذا الأمر وعن احتفائه ببعض الشّعراء مثل نزار قبّاني وهم لا يصلون إلى كَعْبه في الدّين والإصلاح الدّنيويّ، وعن غير ذلك. وبين يديّ مَثَل آخر لتَميُّز العلامة أبي عبد الرّحمن أحياه الله حياة طيّبة صالحة مُصْلحة: نَقْده لقصيدة سليمان العتيق: (رسالة إلى عبد الله العصيمي) وعذراً لأني أجترّ منشورات قديمة هي جديدة عليّ لهجري وسائل الاعلام منذ 35سنة، ولكنّ أبنائي وأحفادي ألزمهم الله كلمة التّقوى وثبّتهم عليها وفّروا لي من أجهزة الاتّصالات ما يسّر لي به الله الوصول إلى ما فاتني من خيرها.
ذكّرني العلامة أبو عبد الرّحمن بأخي صالح رحمهما الله معاً وأسكنهما الفردوس من الجنّة، كان صالح يقوم على ركن ثابت بعنوان (من القرّاء وإليهم) في مجلّة اليمامة الوليدة بطلب من الأستاذ حمد الجاسر رحمه الله أول عهده بالصّحافة. ومرّة ردَّ صالح على من ظنّه ناشئ يجرّب شاعريّته ولم يَعْرف أنّه يُعَدّ من كبار الشعراء وأن الشعر بالأقدميّة لا بالجودة، وثارت ثائرة الشاعر وآله وقومه.
وصالح وأبو عبد الرّحمن من نوادر القرّاء العرب الذين يَعُون ما يقرأون وقليل ما هم.
ولعلّ أصدق ما سوّد به القصيمي صحائف الكفر والضّلال – بعد الهدى – قوله: (العرب ظاهرة صوتيّة)، وهو أولهم كما أشار شيخنا أثابه الله، ولعلّ أحد مؤيّدي القصيمي صَدَقَني في ادّعائه أنه كان يصلّي على سرير مرض موته.
ويبقى أكثر مؤيّدي ضلاله لا يهمّهم إلاّ الدّعاية لضلاله بصوت هزيل المبنى والمعنى مثل شعر سليمان العتيق أو فوقه أو دونه إن كان دونه شيء، تجاوز الله عمّن مات منهم لا يشرك بالله شيئاً وإن زنى وإن سرق وقال هجْراً.
ولا أعْرِف أحداً جمع الله تعالى له ما جمع لأبي عبد الرّحمن من العلم الشرعي وآلته، وما دون ذلك من المعارف العربيّة والأعجميّة، والبيان السّاحر النّادر، والكرم الذي يبلغ حدّ الاسراف والتّبذير، فَيَدُه مخروقة – كما يقول المثل – مِثْل أو أكثر من الشيخ ابن باز والملك سعود رحمهما الله وأسكنهما الفردوس من الجنّة، وكلٌّ من الثلاثة أنفق أكثر مما في يده عوّض الله نفقاتهم بالدّرجات العلى من الجنّة وبالنّظر إلى وجهه يوم القيامة. ولعلّ الله أن يختم له بالتّركيز على إفراد الله بالدّعاء ونفيه عمّن سواه؛ رسالة كلّ رسله.
سعد الحصيّن- 1434/9/2هـ.