من سعد الحصين إلى فؤاد بن يوسف أبو سعيد [3]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الدّين والدّعوة على منهاج النّبوّة  الشيخ/ فؤاد بن يوسف أبو سعيد، نصر الله به دينه وثبّته على هديه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فالحمد لله الذي اصطفاكم بالثبات على منهاج النّبوّة في الدّين والدّعوة الذي ارتضاه الله تعالى أساساً لوحدة هذه الأمّة على التّوحيد والسّنّة، وجنّبكم الانتماء للأسماء والمناهج والشّعارات المحدثة التي زيّنها الشيطان للأغلبيّة أساساً للتّفرّق في الدّين، ومعصية أمر الله بالاعتصام بحبل الله جميعاً ونهيه عن التّفرّق والاختلاف في دينه.

وإجابة لطلبكم رأيي فيما حدث من خلاف بين المنتمين لمنهاج السّلف الصّالح؛ إليكم ما يلي:

أ- «كل ابن آدم خطّاء»، والكمال لله وحده، والعصمة من الخطأ (في أداء شعائر الله وتبليغها) لرسل الله وحدهم.

ويزيد عدد الأخطاء الظّاهرة من قول ابن آدم وعمله بزيادة نشاطه وإنتاجه وكثرة قوله وعمله، وعِلْم ما خفي لله وحده.

ب- وتأتي المبالغة في تكبير الأخطاء ونشرها بسبب الجهل أو الحسد أو العناد، أو القناعة من العلم والعمل بحبّ الجدل، {وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلا}.

ج- والشقاق والمجادلة من قدر الله على ابن آدم، ولم يُعطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم سُؤْلَه ألاّ يجعل بأس هذه الأمّة بينهم إلاّ ما شاء الله «ولكن في التحريش بينهم»، وانشقت فرق وثنيّة عن فرق وثنيّة، وافترق المسلمون إلى سنّة وشيعة ومتصوّفة، وافترق كلٌّ من هذه الفرق إلى فرق كما افترق اليهود والنّصارى قبلهم من بعد ما جاءتهم البيّنات بغياً بينهم.

د- ولا نعجب لاختلاف أهل الأهواء؛ فالوحي وحده يُوَحِّد لأنّه اليقين من ربّ العالمين، والفكر يُفَرِّق لتعدّد مصادره {كلّ حزب بما لديهم فرحون} ولأنّه الظّن {إنّ الظّنّ لا يغني من الحقّ شيئاً}، ومنهاج النّبوّة من الوحي يجتمع عليه كلّ مسلم، ومناهج الفكر الموصوف بالإسلامي تُفرِّق المسلمين إلى فرقٍ وأحزاب بعددها.

هـ- ولكن العجب من اختلاف أهل الحديث مع وحدة منهجهم ووحدة مرجعهم: كتاب الله وسنة رسوله وفقه الأئمة الأُوَل في نصوصهما، ولا شكّ أنّه نزغ من الشيطان ليصدّ عن الصّراط المستقيم، ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره.

و- وكان الخَطْب أهون عندما تصدّى القاعدون من المنتمين إلى السّنّة للقائمين على الدّعوة إلى منهاج النّبوّة حسداً من عند أنفسهم، وكراهيةً لفضل الله عليهم وتمييزه لهم، أو جهلاً أو تلبيساً وتسويلاً من الشيطان ومن الأنفس الأمّارة بالسّوء الحاكمة بالهوى.

ز- ولكن العدوى انتقلت إلى بعض الدّعاة إلى الله على بصيرة فانشغلوا عن هذه الوظيفة العظيمة التي يصطفي لها الله خير خلقه بثلب إخوانهم في الدّين والدّعوة والمنهاج، وتصيّد أخطائهم ونشرها، وجرّهم إلى الانشغال عن الدّعوة بالرّدّ عليهم وتبرئة (أو تزكية) أنفسهم.

ح- ولا أرى علاجاً ناجعاً لهذا المرض العضال غير:

1) تدبّر المعْتَدي عمله بقول الله تعالى: {والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبيناً}، وقوله تعالى: {ولا تعتدوا إنه لا يحبّ المعتدين}.

2) تدبّر المعْتَدَى عليه بقول الله تعالى: {ولا تستوي الحسنة ولا السّيّئة ادفع بالتي هي أحسن} وقوله تعالى: {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين*واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون*إن الله مع الذين اتّقوا والذين هم محسنون}.

3) نبذ الانتماء وشدّ الوسط (في لفظ ابن تيمية) لبشر غير محمد صلى الله عليه وسلم، ولا لجماعة غير جماعة المسلمين، ولا لحزب غير حزب الله المفلحين، ولا لمنهاج غير الوحي والفقه فيه.

4) النّصيحة (لا الفضيحة) لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامّتهم، والدّعوة لدين الله الحقّ على منهاج النّبوّة بالحكمة (وهي الوحي) والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن.

5) الموالاة في صحّة الاعتقاد والاتّباع، والمعاداة في فساد الاعتقاد والابتداع، ومعاملة النّاس (وبخاصّة أهل الحديث) بما نحبّ أن يعاملونا به لا بمثل ما يعاملوننا به: «وخيرهما البادئ بالسلام»، ومِن شُكر العبد نعمة الله عليه بالإيمان والاتباع والعلم وحسن الخلق أن نحرص على الاحتفاظ بهذه النعم والتعامل بها مع الجميع وألاّ يتنازل عن شيء منها في مواجهة من حُرِم بعضها أو كلّها.

وفقكم الله، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.

الرسالة رقم/98 في 1428/4/24هـ.