من سعد الحصين إلى الرئيس العام لشؤون الحرمين [6][مخالفات أئمة الحرمين للهدي النبوي في الخطبة]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي وفقه الله لخدمة دينه والدعوة إلى سبيله على منهاج النبوّة.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فأرجوا الله أن يثيبكم ويصبّركم على كثرة ملاحظاتي وغيري على ما شرّفكم الله به واصطفاكم له من خدمة المسجد الحرام:
1) تكرّر في دعاء القنوت منذ الشيخ الخليفي رحمه الله: سؤال الله: (صحة في إيمان وإيماناً في حسن خلق) أو نحو ذلك من جمل ركيكة لا أرى تفضيلها على ما علّمه النّبي صلى الله عليه وآله وسلم للحسن بن علي رضي الله عنهما، ولا إضافتها إليه فالصحيح خير وإن قلّ.
2) بعض الأئمّة (مِنْ خَيْرِهم) يبالغ في القلقلة وبخاصّة حرف القاف بما لم يشرعه الله، ويظهر لي أنّه يحرص على الوقوف عليه من أجل ذلك، وأشنع من ذلك تحويلُه السّكون على حرف الدّال إلى كسرة تامّة في مثل: (الأدْنى) و(قَدْ)، وهو لحنٌ جليّ.
3) في خطبة الجمعة الثانية من رمضان هذا العام صُرِفَت الخطبة الأولى كلّها تقريباً لنشرة أخبار عن الشيشان فرّج الله عنهم وعن كلّ مسلم وردّهم إلى دينه ردّاً جميعاً، وادُّعي أن الأمر اضطهاد في الدّين، وتعلمون أنّه لا يتجاوز الخلاف على الدّنيا: الأرض والإدارة.
ومن فضل الله لم يكن اضطهاد في الدّين إلاّ في مثل ما ذكر الله تعالى عن أصحاب الأخدود والمستضعفين في مكّة قبل الفتح ثم في أسبانيا إثر زوال حُكْم المسلمين. وجَمَع الخطيب بين دعوى أن الرّوس (على العموم) ملحدون ودعوة الهيئات الدّوليّة للإغاثة، وأكثرها وأكبرها دنيويّة (أو علمانيّة) لا دينيّة. وتعلمون أنّ يَلْتْسِنْ أبرز من قاوم عودة الشيوعية إلى روسيا وإن كان منهجه دنيويّا.
وبدأت الخطبة الثانية بعد السّجع المفرط في الأولى باقتباس من مثلّث قطرب في تتابع للمُحَسِّنات البديعيّة: جُنّة وجَنّة وجِنَة؛ تليق بكتب الأدب العربي، ولا يجوز أن تشغل الخطيب (في أعظم بيوت الله) عن الدّعوة إلى إفراد الله بالعبادة واتّباع السّنّة والنّهي عن الشرك والبدعة، وبلادنا ودولتنا المباركة مُيِّزَت بالدّعوة لا بالأدب الفنّي.
شرع الله أن يُنبَّه الناس إلى أنّ ما أصابهم بسبب ذنوبهم وغفلتهم وبدعهم وشركهم: {قل هو من عند انفسكم}، وإذا كان الأمر في قضيّة الشيشان الحاضرة مختلفاً نوعاً ما، فإن الغالب فيها التّصوّف والابتداع وأشنعه الشّرك، وأكثر الجمهوريات المستقلّة المسمّاة بالإسلاميّة كانت الشيوعيّة تمنعهم من بناء أوثان المقامات والمزارات لأنهم لا يريدون الدّين الفاسد ولا الدّين الحقّ، فلما استقلّت أو حصلت على الحكم الذّاتي بعد سقوط الشيوعيّة (بفضل الله وحده) تَنَادَى بعض المفتين و(شيوخ الاسلام) إلى بنائها تعويضاً لما فات(1).
وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في خُطَبه منذ بُعِث حتى لقي الله تعالى تُصرف كلّها للشرائع الثابتة ولا يُصرف شيء منها للأمور الطارئة؛ ندعوا الله لهم بالفرج أولاً من بدعهم وضلالهم ثمّ مما حلّ بهم من ظلم البشر عراكاً على الأرض لا على الدّين.
4) وأخيراً أكرّر ما سبق لكم من التّذكير بأن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلّم الوقوف على رؤوس الآي، فإذا قرأ (مثلاً) سورة الأعلى وقف في نهاية الآية وقال: «سبحان ربي الأعلى» ولم يصحّ عنه جمع آيتين، وإذا أراد إمام التّراويح التّخفيف على النّاس فليصلّ إحدى عشرة ركعة كما هي السّنّة الثابتة.
(1) وفي فلسطين يتنادون لبناء مسجد على وثن شهاب الدّين ويقاتلون اليهود على أوثان معبد الخليل.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين، عفا الله عنه، تعاوناً على البرّ والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.
الرسالة رقم329 في 1420/9/11هـ.