من سعد الحصين إلى معالي وزير الحج إياد مدني [أكبر باب للشرك فتحه الشيطان لأتباعه]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى معالي وزير الحج الأستاذ/ إياد مدني أعاذه الله من وزر القول والاعتقاد والعمل والقدوة غير الصّالحة.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد نبّهني بعض الإخوة على رأي لكم في منتدى عكاظ عدد 13283 في 1423/11/5 تضمن ما يلي:
1) الاعتراف بمشاركة المرأة (مثلها مثل غيرها). وبما أن (غير المرأة) هو الرّجل، وأنّ الله خلقها ليسكن إليها ولتربّي أولادها ولتدير بيتها، وأنّ الله كوّنها تكويناً مختلفاً عن تكوين الرّجل لاختلاف وظائفها المحاطة بالوظيفة المشتركة بينهما: عبادة الله وحده، وبما أنّ الله ميّز هذه الدّولة على جميع دول الإسلام والكفر بعد القرون المفضّلة بالدّعوة إلى شرع الله وتحكيمه وتأسيسها على ذلك من أول يوم؛ فلا يليق بمثلك ترديد ما يردّده صغار الصحفيين منقولاً من غير المسلمين ممن لم يميّزهم الله بالدّين ولا بالبلد ولا بالدّولة.
كيف (تصبح انطلاقتنا أكثر سلاسة) إذا تركت المرأة وظيفتها الشرعيّة والطّبيعيّة ونافست الرّجل على وظيفته؟
2) الطّامّة الكبرى: تأكيدكم أنّ (وزارتكم تُنادي وتُطالب بأن تكون هناك عناية بالمواقع التي يحرص معظم الحجّاج والمعتمرين على زيارتها).
وأسفتم للنّظرة التي تحكمنا تجاه الآثار: الموصوفة زوراً بالإسلاميّة (حتى لا تؤدّي العناية بها إلى الشرك والبدع، والجاهليّة الوثنيّة لأنه يجب ألاّ يلتفت إليها).
واستشهدتم بفعل الأردن (فليس هناك قبر لصحابي إلاّ وقد أنشئ بجواره مسجد)، واتّهمتم سموّ أميري مكة والمدينة واتّهمتم أخي صالح باعتقادكم تأييدهم هذا الاتجاه.
وآسف لمواطن في دولة التّوحيد والسّنّة ميّزه الله بتعلّم التّوحيد والسّنّة في كلّ مراحل التّعليم، وجنّبه مظاهر الشّرك والبدع والمعاصي، وأعطاه الله من العقل والخلق ما أهّله عند ولاة الأمر ليتبوّأ منصباً من أهمّ المناصب الشّرعيّة وزيراً للحجّ، أوّل مسؤولياته تطهير بيت الله من الشرك والبدع للطّائفين والعاكفين والرّكّع السّجود ثم ينزل إلى مستوى عوامّ الحجّاج والمعتمرين والمبتدعة الذين يميّزهم الله بشيء ممّا ميّزه به.
الواجب على مثلك ومثلي أن ندعو النّاس إلى منهاج النبوّة في الدّين والدّعوة لا أن نُسايرهم ونُلبّي رغباتهم المخالفة لشرع الله.
آخر وصايا الرّسول صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتّخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [رواه البخاري ومسلم]، وفي رواية أخرى : «أنبيائهم وصالحيهم» كرّرها عدّة مرّات في الأيّام الأخيرة لحياته، قالت عائشة رضي الله عنها: (يحذّر مثلما صنعوا) [متّفق عليه].
والمساجد التي رأيتها (في عطلة عيد الفطر) هي ما يسمّى المقامات والمشاهد والمزارات، ولا توجد طائفة ضالّة من الطّوائف المنتسبة لدين الله منذ قوم نوح إلاّ وبدأ ضلالها واستمرّ بسببها.
وذكر البخاري في صحيحه تفسير ابن عباس رضي الله عنهما لقوله تعالى عن قوم نوح: {لا تذرنّ ودّاً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً}، قال: أولئك أسماء رجال صالحين لما ماتوا أوحى الشيطان إلى من بعدهم أن ابنوا في مجالسهم أنصاباً.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرض موته عن النصارى وربطهم بناء الكنائس بقبور الصالحين: «أولئك إذا مات فيهم الرجل الصّالح بنوا على قبره مسجداً ثم صوّروا فيه تلك الصّور… أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» [رواه البخاري ومسلم].
أمّا آثار (الجاهليّة الوثنيّة) فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم نهى أصحابه لمّا مرّوا بالحجر (مدائن صالح) أن يدخلوا هذه الآثار وأمثالها إلاّ باكين خشية أن يصيبهم ما أصابهم في الحديث المتفق على صحته، وأمرهم أن يهريقوا الماء الذي استقوه منها ويلقوا العجين الذي عجنوه من مائها أو يعلفوه الإبل.
وقد هدم ولاة أمر هذه الدّولة المباركة أعزّهم الله وأعزّ بهم دينه جميع المساجد والقباب التي بناها المبتدعة في عهود الفاطميّين والعثمانيّين على القبور مرّتين خلال قرنين.
وبذلك أعزّهم الله وحفظ بهم بلاد الحرمين وما حولها من آثار الشرك والبدع، وحفظهم بذلك من كلّ شرّ وذي شرّ.
وقبل عشرات السّنين أمرت دولة التوحيد والسّنّة بترحيل البادية من منطقة آثار الحجر وعوّضتهم حفظ الله بها دينه.
وقد ورد عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أنه قطع شجرة بيعة الرّضوان مما رأى من اعتيادها والصّلاة عندها، وأنه نهى عن قصد مكان صلّى فيه النبي صلّى الله عليه وسلم في أحد أسفاره إلاّ أن تدركهم فيه الصلاة مثل غيره، وقال: (إنما أهلك من كان قبلكم تتبّعهم آثار أنبيائهم).
والله قد أوجد هذه البلاد وهذه الدّولة قدوة صالحة وأقامها من أوّل يوم بعقد صريح على إزالة البدع والشرك ونشر التّوحيد والسّنّة، ووَفَتْ بفضل الله بهذا العقد استجابة لأمر الله تعالى: {يا أيّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود} وهذا أعظم العقود شأنا.
وليس في مكّة المباركة مكان شرع الله تعظيمه غير بيته الحرام للجميع ومشاعر الحجّ للحجّاج، ولم يشرع الله تعالى ولا سنّ رسوله صلى الله عليه وسلّم زيارة مكان آخر مثل غار حراء أو غار ثور، ولم يشرع الله تعالى ولا سنّ رسوله صلى الله عليه وسلّم التّعبّد بزيارة غير مسجده ومسجد قباء وزيارة قبره وقبري صاحبيه وقبور أصحابه في البقيع وأُحُد، لا مسجد الغمامة ولا مسجد القبلتين ولا المساجد السبعة المكذوبة ولا غيرها.
قد يظنّ كثير من المثقّفين الجاهلين بشرع الله أن الشرك قد انتهى بوجود المدارس والجامعات، ولكن من يهتمّ لهذا الأمر العظيم يرى أن أكثر المنتسبين للإسلام والسّنّة – فضلاً عن غيرهم – يدعون أصحاب القبور وينذرون ويذبحون لهم ويطوفون بقبورهم، و«الدّعاء هو العبادة»، أو لا ينهون عنه ولا تتمعّر وجوههم لمشاهدته ولو ادّعوا الدّعوة إلى الله والجهاد في سبيله. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يذهب الليل والنّهار حتى تُعْبَدَ اللاّت والعزّى» [رواه مسلم].
وقال: «لا تقوم السّاعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة» وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حدث هذا في القرون الأخيرة فهدمته دولة التّوحيد والسّنّة مرّتين.
وأرى أن تتّقي الله فتتثبّت قبل اتّهام سموّ أمير منطقة مكّة وسموّ أمير منطقة المدينة والأخ صالح بإقرارهم هذا الباطل أكبر باب للشّرك فتحه الشيطان لأتباعه.
وقد كان الأخ صالح بصدد تأليف رسالة عن آخر وصايا النّبيّ صلى الله عليه وسلم لبيان أهمّ وصاياه: سدّ ذريعة الشّرك الكبرى: بتحريم بناء المساجد على القبور.
وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاوناً على البرّ والتقوى وتحذيراً من الإثم والعدوان.
الرسالة رقم232 في 1423/11/8هـ.