من سعد الحصيّن إلى الرئيس العام لشؤون الحرمين [3][مخالفات في الخُطبة]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى معالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النّبويّ، وفقه الله لطاعته وبلّغه رضاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فإلحاقاً لما سبق لكم حول الحرمين والقدوة، بدا لي ما يلي:

1) أكثر خطب المسجد الحرام ودروسه يخالف منهج النّبوّة، في تذكيرها بالمناسبات الدّينيّة (مثل غزوات الرسول صلى الله عليه و سلم)، ولم يثبت عن الرّسول ولا الأئمّة القدوة الإشارة إليها في خطبة الجمعة، وفي احتفالها بالأحداث الطّارئة (مثل قضية البوسنة و أفغانستان)، ولم يثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أئمّة الهدى في القرون المفضّلة (بل ولا في القرن الأحد عشر بعدها). لم يثبت عن أحد منهم تحويل خطبة الجمعة، (وهي عبادة وجزء من الصلاة لا تقوم الصّلاة إلا بها عند أكثر أهل العلم)، إلى جريدةٍ للأخبار السّياسيّة وتحليلها والتّعليق عليها، مهما كان شأنها في حياة المسلمين. كانوا يخصّصونها للأمور الثّابتة: العقيدة والأحكام الشرعيّة والاستعداد للموت وما بعده، كما ثبت في صحيح مسلم عن أمّ هشام بنت حارثة رضي الله عنها حول قراءة الرّسول صلى الله عليه وسلم {ق والفرآن المجيد} كلّ جمعة على المنبر، عامين أو عاماً ونصف، رغم ما مرّ بالمسلمين من أحداث عظام تهدّد الاسلام والرّسول والمسلمين، وما ثبت من خطبة الحاجة، وخطبة عمر رضي الله عنه في الكلالة، وغير ذلك.

2) كلّ خطباء المسلمين في هذا العصر يلوكون الأحداث ويحلّلونها ويعلّقون عليها، وقد وضع الله المسجد الحرام في يد دولة التّوحيد والسّنّة وعلماء التّوحيد والسّنّة لقيادة غيرهم إلى منهج النّبوّة والوحي، وليس لتقليد منهج (الحداثة الإسلاميّة) و(الفكر الإسلامي). ومع أنّ نكبة فلسطين وأفغانستان والبوسنة ورد ذكرها في كلّ خطبة خلال الاشهر الماضية، و في القنوت خلال شهر رمضان، (والقنوت ظرف شرعي للدّعاء لقوم والدّعاء على آخرين)، لم تصدر إشارة من أمر بمعروف أو نهي عن منكر حول سبب هذه النّكبات: الشرك الأكبر وسبّ الرّبّ وسبّ الدّين وهجر القرآن بل هجر الاسلام، والابتداع.

3) وأعظم من ذلك تقليد (الإسلاميّين) والصّوفيّة والقبوريّين والمخرّفين والجهلة في وصف ما يسمّى (الحرم الإبراهيمي الشريف) بالقداسة، ولا يجوز في شرع الله وصفه بالحرمة ولا الشّرف ولا بالقداسة، ولا نسبته إلى إبراهيم عليه السلام، فقد بناه اليهود عليهم لعنة الله ورسوله على سبعة أوثان من قبور نسبوها إلى أنبيائهم، ثمّ استولى عليه المسلمون المنتسبون إلى السّنّة فحوّلوه مسجداً بنوا فيه سبعة أوثان أخرى: إثنان منها وسط المصلّى، وخمسة خلفه، لا تختلف عن أوثان الجاهليّة الأولى إلاّ أنّها يتقرّب بها إلى الله في الشّدّة كما يتقرّب بها إليه في الرّخاء، بتقديم النّذور والدّعاء والذّبح وغيره.

4) كان نجم المسجد الحرام (25) يوماً من رمضان الشيخ (صالح اللحيدان) جزاكم الله وجزاه خير الجزاء. كانت دروسه على منهج النّبوّة ويمكن استفادة أكثر الوافدين العرب والمقيمين منها للاهتداء إلى التّوحيد والتّمييز بين السّنّة والبدعة إضافة إلى الشيخ (عبد الله القرعاوي) الذي شغل كرسي الشيخ (علي هندي) بعض الوقت، وليتكم تحتسبون الأجر في العمل على نقله للدّعوة في المسجد الحرام حتى لا يعود الحاج والمعتمر بالرّاديو والكاميرا ولا يسمع كلمة واحدة تساعده على التّمييز بين التوحيد والشرك وبين السّنّة والبدعة إلا في رمضان.

5) وغير العرب من المسلمين الوافدين لهم علينا حقوق، وهم مثل الأعراب، أجدر ألاّ يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله، وقد اجتالتهم شياطين الطّرق الصّوفيّة عن طريق محمد صلى الله عليه وسلم، وإن لم يسمعوا كلمة الحقّ في هذا البلد فالغالب ألاّ يسمعوها خارجه إلا أن يشاء الله، وإذا كان الشيخ (عبد القادر المنديلي) كافياً لجزء من جنوب شرق آسيا فان الذّمّة لا تبرأ بمثل الشيخ (محمد مكي) الذي ابتلي به المسجد الحرام زمناً طويلاً للنّاطقين بالأوردو، وهم يحتاجون إلى عدّة مدرسّين، أمّا (محمد مكي) فالصّولتية أولى به، وعدد الأتراك والإيرانيّين والأفارقة في تزايد و لهم علينا الحقّ لنعرض عليهم دين الله الحقّ الذي ميّزنا الله به دولةً وشعباً. وفقكم الله.

سعد الحصيّن- 1414/10/20هـ.