من سعد الحصين إلى الرئيس العام لشؤون الحرمين [5][الدعوة إلى الله في الحرمين]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى معالي الرّئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي. وفقه الله لطاعته ورضاه ونصر به الدعوة إلى سبيله.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فأهنئكم وولاة الأمر في هذا البلد المبارك على ما اصطفاكم به واختاركم له من خدمة أقدس بقعة على وجه الأرض، وتهيئة السّبل للقادمين إليها، ودعوتهم إلى شرعه.
على أني لاحظت أمرين ما كنت مهتمّاً بالتنبيه إليهما لولا ما رأيت من سوء عواقبهما:
1) الخطّ البنّي في رخام المطاف لبيان مكان بدء الطّواف في أصله مخالف لليسر ورفع الحرج في المناسك.
ولكنّه أحدث الحرج والمشقّة والبدعة بتوقف الطائفين للتأكد من وصول أقدامهم إليه أثناء الطواف، ووقوف كثير منهم في بداية الطواف صفوفاً فوقه للدّعاء والصلاة، ولعلكم تكسبون الأجر في إزالة هذه (السّنّة) السّيّئة.
2) تخصيص ليلة27 من رمضان بختم القرآن أيضاً حدث لم يسنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون، ولم يسبق إليه أحد في القرون المفضّلة، ولكن أسوأ ما في الأمر مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم في الصّلاة وقراءة القرآن من أجل المحافظة عليه، فالأئمة اليوم وفقهم الله يطيلون القراءة أو يقصرون منها، يبطئون أو يعجلون فيها بما يضمن الثبات على العادة المحدثة، بل يخلّون بالقراءة والصّلاة من أجلها؛ هدي الرسول صلى الله عليه وسلم التّرسل في قراءة القرآن والوقوف على رؤوس الآي، وهديه في الصّلاة إكثار الدّعاء في السّجود والتشهّد الأخير، ولكن الأئمة (للتراويح) جزاكم الله وجزاهم خيراً يخالفون هديه فيجمعون أكثر من آية في نفس واحد، وقد يقرأون جزءاً أو أكثر أو أقلّ لا لغرض إلاّ لتحقيق الختم في موعده العادي (لا العبادي)، ولا يمكن للمصلي المطمئنّ أن يدعو الله مرّة واحدة في السّجود ولا في التشهد، هذا إن تحقق له الاطمئنان في الصّلاة على الرّسول صلى الله عليه وسلم في التشهّد والتسبيح في السّجود.
أنا لا أجادل عادة في عدد ركعات التراويح، ولكن لا يجوز أن نزيدها على ما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت الزيادة ستحقق الاخلال بالقراءة أو الصلاة.
3) وأمر إضافي: وفقكم الله لاختيار اثنين من خيار الأئمّة للتراويح في المسجد الحرام، فلماذا يحتاج المسجد النبويّ إلى أربعة لا يميّز بعضهم إلاّ التلحين والتطريب ولم يعرفوا بالدّعوة إلى التّوحيد والسّنّة ولا التّحذير من الشرك والبدعة؟ إذا وصف فرد بأنّه إمام المسجد الحرام والمسجد النّبويّ، فسيستفتي ويعدّ من كبار علماء الأمّة، هذا إذا لم يقدّس، وقد وفقتم وولاة الأمور في اختيار الأئمة من علماء العقيدة والشّريعة ولله الحمد والمنّة، فلماذا تحتاجون غيرهم؟ إن كثيراً من الناس يشدّون الرّحال للطرب لا للتدبّر، وإن الشيخ علي الحذيفي وحده قادر على القيام بما يقوم به الأربعة وقد أعطاه الله من العلم والخلق وحسن الصوت والأداء ولا أزكيه ولا غيره على الله، وقد كان سلفه صالح الزغبي رحمه الله يحاول خلال 15سنة ألاّ يحتاج المسجد النبويّ إلى غيره.
أما جعل التلحين والتطريب الهدف الأول أو مجرد هدف فلا تبرأ به الذّمّة في رأيي لأنه لم يرد في شروط الامامة شرعا.
أشكر الله ثم أشكركم على صبركم وتجمّلكم لكثرة الملاحظات من طالب علم قاصر وناقص وغافل مثلي، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاوناً على البر والتقوى وتحذيرا من الاثم والعدوان.
الرسالة207 في 1415/11/4هـ.