من سعد الحصين إلى رئيس تحرير مجلة الأصالة
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى أخي في الله/ رئيس تحرير مجلّة الأصالة وفقه الله لطاعته.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فقد فرحت بصدور المجلّة، بعنوانها، وبأسماء القائمين عليها، وبأهدافها.
ولكنّي – كما أشرت لكم من قبل – منذ الأعداد الأولى وهي في بداية الطريق ولم يطل عليها الأمد فتحتاج إلى ملء الصّفحات بما يخرج عن الكتاب والسّنّة وفقه الأئمّة، ولن تجتاج إلى ذلك (في الحقيقة) مهما طال الزّمن مالم يتغيّر منهج المجلّة واتّجاه القائمين عليها، بدأت أحسّ بانحرافها.
ولقد كان منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم الثبات في الدّين والدّعوة حتى ولو خطب بـ{ق*والقرآن المجيد} عاماً ونيّف كما في صحيح مسلم.
والمطلع على العدد الخامس وحده (من مجلة الأصالة) يجد ما يخيفه من انزلاقها في تيّار الإعلام العصري غير الأصيل، مثلاً: (تراثيات) لا نصيب للعنوان من الأصالة، ولا يزيد نصيب المحتوى عن نصيب العنوان من الأصالة حيث يختلط فيه الحديث الصّحيح بالضّعيف والموضوع، وإذا لم يهتمّ المؤلّف بالتّثبّت في نقل الوحي فكيف يوثق في نقله غيره.
والاقتصاد الإسلامي، ليس من الأصالة تسمية شيء من المعاملات الشرعية بالاقتصاد، ولم يرد وصف الاسلامي في كتاب ولا سنّة ولا قول أحد من الأئمة حتى ذرّ قرن الفكر الاسلامي فاستُبْدل بالوحي الشرعي.
وقراءة في المؤتمر الخامس للتقريب، من أي مرجع أصيل أخذ هذا العنوان؟ ولم يذكر من قضايا الخلاف بين السّنّة والشيعة أهمها وأوضحها: عبادة القبور: تعظيماً ودعاءً وإشراكاً مع الله في عبادته عامّة، ألا تخشى مجلّة الأصالة على لغة القرآن؟ وإلى أيّ مرجع أصيل تعود كلمة (السّوفينيون) في مقال الشيخ/ حمدي السّلفي؟ وليست كلمة معرّبة تداولها الكتاب العرب وجاز قبولها.
وآخر مثال وأظهر مثال على انتقاء الأصالة: أمريكا، الرجل المريض: تحليل سياسيّ ساذج، يبعد عن الأصالة بقدر ما يقرب من الفكر العلماني العاطفي بحجّة أن النّاس عظموا أمريكا، ولم أر هذا التّعظيم بل الخطباء والكتّاب (الإسلاميّون) يتفقون مع الصحفيّين والكتاب البعثيين والعلمانيين عامّة في تذكير النّاس بمناسبة وبدون مناسبة بأمرين متناقضين: أنها وراء كلّ حدث، وأنّها لا قيمة لها وفي طريق الزّوال، ولن يأتي كاتب جديد هنا في الأسلوب والمحتوى غير ما تردّده الصّحف والمجلاّت والإذاعات العلمانيّة.
وأرى للخروج من هذا التّذبذب بين (الأصالة إن صحّت الكلمة) وبين (المعاصرة التّقليديّة إن صحّت الكلمة): نصب الميزان الشرعي لكلّ ما يكتب أو يرفض من مقالات المجلّة: كتاب الله، وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم، وفقه الأئمّة في القرون الثلاثة الأولى لما ورد فيهما.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.
الرسالة رقم5 في 1414/1/25هـ.