من سعد الحصين إلى عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيّد

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الدّين وفي وطن أسّس على منهاج النبوّة من أوّل يوم الشيخ/ عبد الرحمن بن عبد الكريم العبيّد، أدخله الله في رحمته وأكرمه بطاعته وخدمة دينه والدّعوة إلى سبيله على بصيرة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فبين يدي مؤلّفكم (أضواء المنهج الإسلامي في العقيدة والأحكام والآداب ط-3)، والحمد لله على توفيقك للاهتمام بتبليغ الدّين الكامل، وأرجو الله أن يزيدك من فضله وأن يكتبك مع الهداة المهتدين الدّاعين إلى الله على بصيرة من كتابه وسنّة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلّم وفقه أئمّة الفقه في نصوص الوحي، وبخاصّة في القرون المفضّلة.

وجدير بالمسلم (ومُواطِنُ هذا البلد بخاصّة) أن يجعل أعلى غايته ومطمحه في هذه الحياة رضى ربّه واتّباع رسوله والدّعوة على منهاج النبوّة المعصومة، لأنّ الله من فضله ميّز هذه البلاد وهذه الولاية المباركة بالدّعوة إلى توحيد الله بالعبادة واتّباع السّنّة والتّحذير من الشّرك (وبخاصّة شرك القبور) والبدع، منذ تعاهد محمد بن عبد الوهاب ومحمد ابن سعود رحمهما الله على ذلك، فميّز الله بلادنا منذ قامت الدّولة ثمّ تجدّدت بأنّه ليس فيها مسجد مبنيّ على قبر، ولا زاوية صوفيّة، ولا طريقة ولا بدعة ولا جماعة ولا حزب (ولو وصف بالإسلامي أو الإسلامية) خارج جماعة المسلمين العامّة، في عصر تدعو فيه الجمهوريّات الإسلاميّة إلى الوثنيّة.

ولعلّ الكتاب في طبعاته القادمة يُتلافى فيه ما لابدّ أن يلحقه من نقص وإن كان قليلاً {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً}، وأضرب مثالاً أو أكثر لما أحسبه نقصاً أو اختلافاً:

1) لا أرى الاعتماد على كتاب آخر (غير كتاب الله وسنّة رسوله) مهما اشتهر دون ثبوت دليله، ولو كانت مراجع المذهب مثل المغني وشرح البهوتي والكشاف؛ فكلّ يؤخذ من قوله ويردّ إلاّ من نزل عليه الوحي من الله، صلى الله عليه وسلّم.

ومع أن منهج السالكين لابن سعدي رحمه الله كان ثاني كتاب نشرناه فإنّه لا يخلو من نقص في الأدلّة وضعف بعضها؛ فحاولنا إصلاحه.

2) نواقض الإسلام مع أهمّيتها في الدّين، قد أهمل الشيخ محمد بن عبد الوهاب (رحمه الله وجزاه عنّا وعن الإسلام والمسلمين خير الجزاء) ذكر الأدلّة للثاني والثالث منها حتى بدا لزميل لي (تخرّج من كلية الشريعة قبل أربعين سنة) أنه لا دليل عليها.

وقد أضفت أدلّتها، وزدت ونقصت فيها بما تقتضيه النصوص؛ فلا مبرّأ عن النّقص والتّقصير والخطأ غير الرّسل صلوات الله وسلامه عليهم.

وإليكم قائمة بمطبوعاتنا، وتقوم على ما يلي:

1) الإيجاز والشمول.

2) الإشارة الوجيزة إلى الدّليل من الكتاب والسنّة، وخير مثالٍ لذلك: (ألا لله الدّين الخالص).

3) إسقاط حقوق التّأليف والطّبع، لأنها ساقطة شرعاً.

4) تقديم الكتاب للقارئ بأقلّ تكلفة: لا ألوان ولا نقوش ولا مقدّمات ولا تجليد، إلا في القليل النّادر.

5) ومن خير الأمثلة: زاد المعاد لابن القيّم رحمه الله وجمعنا به في الجنّة؛ فقد حذفنا منه ما ليس من هدي النّبي صلى الله عليه وعلى آله وسلّم، وأضفنا إليه بعض ما سها عن إضافته، وحذفنا عدداً من الأحاديث الضّعيفة والنادر من الموضوعة، وذِكْر الخلاف في أمور وسّع علماء الأمّة فيها مثل: سنن الهيئات.

وحذفنا كلّ ما تعلّق بالفكر، ولو سمّي إسلاميّاً؛ فلا يقوم الدّين إلاّ على الوحي والفقه فيه، والفكر غيرهما.

وسننجز طبعه قريباً إن شاء الله في مجلّدٍ واحد، ليتيسّر للمسلم الاستفادة من هذا المؤلّف العظيم الذي أظُنُّه خير ما أُلّف في تاريخ الإسلام في بابه.

رحم الله عبد الكريم بن عبيّد، وأحسن مثواه، وخَلَفه على أهله جميعاً بصلاحهم وإصلاحهم، ومؤلّفكم هذا وأمثاله دليل على أنّ الله قد فعل، ونسأله التّوفيق والهداية لأقرب من هذا رشداً، فلا مشبع من فضل الله ومنّته.

والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

الرسالة رقم308 في 1420/8/15هـ.