من سعد الحصين إلى يعقوب إسماعيل منشى

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الله الشيخ/ يعقوب إسماعيل منشى أحسن الله له العاقبة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأرجو الله لكم كل خير، وشكرا على رسالتكم المؤرّخة في 1405/6/17 وعن ملاحظاتكم الكريمة فجوابي عليها ما يلي:

1) قد يكون بعض الأحاديث ضعيفاً عند بعض المحدّثين وحسناً عند بعضهم، وقد رخّص بعض العلماء في التحديث بالأحاديث الضعيفة في الترغيب والترهيب بشروط: ألا تكون ضعيفة جدّاً، وأن تندرج تحت أصل ثابت وألا يكون ذلك سببا في إشهارها.

ولكن في (حياة الصحابة) و(تبليغي نصاب) أحاديث كثيرة يبيّن المؤلّف أنّها ضعيفة وأحياناً موضوعة أي مكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل أحد من العلماء والمحدّثين بجواز الاستدلال بالحديث الموضوع فقد حذّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلّم فيما ورد عنه: «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» ورواية الحديث المكذوب إعادة للكذب.

2) المحدّثون القدماء أوردوا بعض الأحاديث الضعيفة وكذلك بعض الأحاديث الموضوعة بل كلّها بقصد التّعريف عليها حيث لا تتميّز الأشياء إلاّ بأضدادها، ولكن يختلف ذلك عن وضعها بين يدي العوام ونشرها على أنها صحيحة وكانت النّتيجة أن عرفت جماعة التبليغ بالحديث الضّعيف، وصارت الخرافة والأسطورة والقصّة الإسرائيليّة والأحاديث المكذوبة على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر أداة للدّعوة إلى الله بدلاً من العلم الشرعي الصحيح، بل أخذ الدّعاة في التّخويف من الاشتغال بالعلم (علم المسائل) كأن الدّين لم يقم عليه.

3) أما كرامات الأولياء الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أو من شهد لهم بالولاية فلا يجوز إنكارها، أما ولاية المخرّفين والدّراويش والجهّال والصّوفيّة فلا يجوز إثباتها ولابد أنكم تعرفون حديث النبي صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنّة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها…» ومن يستطيع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وبعد انقطاع الوحي الشهادة لأحد بالولاية والجنّة والنار؟ هناك خوارق للعادات تحصل على أيدي بعض الخلق مسلمين وكفّار ولكنها لا تؤخذ دليلاً على الولاية فالسّحرة كفّار ويحدث على أيديهم ما لا يحدث على أيدي الصالحين، وبعضهم يستعين بالشياطين كما قال الله تعالى: {هل أنبّئكم على من تنزّل الشياطين تنزّل على كلّ أفّاك أثيم} وهذا (الدجّال) وهو من أكفر عباد الله يقول للسّماء أمطري فتمطر وللأرض أنبتي فتنبت ويميت ويحيي بإذن الله وبيده جنّة وهي في الحقيقة نار ونار هي جنّة، وتتبعه كنوز الأرض، وهذا مالم يحصل لرسول الله صلى الله عليه وسلّم ولا لمن قبله من الرسل والصالحين.

وفقني الله وإياكم لنرى الحقّ حقّا فنتّبعه ونرى الباطل باطلاً فنجتنبه وأعاذنا وإياكم من شرّ النفس والهوى والشيطان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.

الرسالة رقم177 في 1405/7/2هـ.