من سعد الحصيّن إلى سليمان شحدة [1] [آثار الحزبيّة في خطبة الجمعة]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى أخي في الدّين/ الشيخ سليمان شحده وفقه الله لطاعته.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فقد كنت استبشرت بخبر مفارقتك للحزبيّة (الإسلاميّة) التي حذّر الله منها عباده في كتابه وسنّة رسوله. ولكن لا يزال منهجك في الدّعوة متأثّراً بها وإليك المثال:

1) في إحدى خطبك للجمعة عن الهجرة ذكرت الرواية غير الثابتة عن نوم علي رضي الله عنه مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمّ بنيت عليه حكماً شرعيّا لم يأذن الله به وهو حلّ الهجمات الانتحارية التي يمارسها الحركيّون والحزبيّون (الإسلاميّون) وأنكرت على من يحرّمها، أوّلاً: هل صحّت الرّواية؟ وثانيا: هل النّوم في فراش من يراد به الشّر مماثل لتفجير الحزام الناسف الذي قد ينجو منه الجميع إلاّ حامله؟ وثالثاً: هل حركات الاسلاميّين اليوم لتكون كلمة الله هي العليا؟ وهل يجوز شرعاً أو عقلاً مساواتها بهجرة محمد صلى الله عليه وسلم وجهاده وغايته؟

2) وفي خطبة أخرى عن اليقين (على الله) والتعبير من جماعة التبليغ مكان التّوكل، أما اليقين فيتعدّى بالباء وليس بعلى؛ وكعادتك (وعادة «الإسلاميّين» عامّة) الرّبط بين الوحي أو الفكر وبين الواقع الحاضر؛ ربطت بين التوكل وتحريم (التّجسّس) وفهم منك أكثر الحاضرين إن لم يكونوا كلّهم أنك تقصد بالتّجسّس جَمْعَ جهات الاختصاص الأمنية في الدّولة للمعلومات عن المواطنين والوافدين.

ولو كان هذا هو المقصود من تحريم الله التجسّس لكان قد وقع بعض الصّحابة رضي الله عنهم فيه، فهم قد نقلوا الأخبار عن الأمور المهمّة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَبِلَها منهم ولم ينههم عن ذلك ولم يبيّن أنّه مخالف للتّوكّل أو اليقين.

إن جمع المعلومات في حدود معيّنة يحقّق مصالح معيّنة مرسلة ومقيّدة ومشروعة لحفظ الدّين والدّنيا، وحفظ الأمن في الأوطان ضد من يريد الاعتداء عليها واجب شرعي على الدّولة ولو تسمّى المعتدي (بالإسلامي) وادّعى أنّه يريد تحكيم كتاب الله وسنّة رسوله. كيف تحمي الدّولة البلاد من المخدّرات بدون التّجسّس؟ وكيف تحمي النّظام والأمن والاستقرار ممن يريد منازعة الأمر أهله الذي ولاهم الله إيّاه؟

3) أساس الخطأ في مثل ما ذكرت وما هو أعظم منه، أننا لا نعامل خطبة الجمعة خاصّة والدّعوة إلى الله عامّة على أنها عبادة لابدّ فيها من التّقيّد التّام بشرع الله وسنّة رسوله؛ لو تكلمت عن حكم شرعي في العقيدة والعبادة أو ذكّرت النّاس آلاء الله والاستعداد للقائه واستدللت بالآية والحديث الصّحيح ما وقعت في مثل هذه الأخطاء وهي القاعدة للأسف وليست الاستثناء في مناهج (الإسلاميّين). ينحّون الوحي ويفضّلون التّعبد بأفكارهم وهي قاصرة (كما يشهد كلّ عاقل) بصرف النظر عن شهاداتهم الدّراسيّة وألقابهم العلميّة المبتدعة الفارغة.

أرجو محاولة الخروج من دائرة هذا الفساد. وفقكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرّحمن الحصيّن في 1417/2/16هـ.