من سعد الحصيّن إلى الإخوة المشتركين في حلقة: (جوانب علميّة في الحضارة الإسلاميّة)

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى الإخوة في الله/ المشتركين في حلقة (جوانب علميّة في الحضارة الإسلاميّة)، وفقه الله لطاعته وآتاهم تقواهم.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ورغبة مني في المساهمة في هذه الحلقة فقد رأيت التنبيه إلى ملاحظتين هامتين في نظري أرجو إعطاءهما حقهما من الاعتبار عند مناقشة الآراء التي ستطرح في هذه الحلقة وفي أمثالها في المستقبل.

1) عنوان الحلقة يشير إلى خطأ شائع: تخصيص وصف (العلمية) بنظريات وفنون ومهن الحضارة الصناعية المعاصرة، ونتصدّق على الاسلام أحيانا بادّعاء أن مثل هذه النظريات والفنون والمهن (العلميّة) وجدت من قبل أو نبتت في حقل الإسلام.

الإسلام أيها الاخوة كلّه علم، بل هو العلم اليقيني الوحيد الذي يستحق هذه التسمية أو الوصف، لأنه وحي أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتاب الله عزّ وجل أو في سنة رسوله، أما بقية إنتاج الفكر البشري فإن استحقّ وصف العلم فهو علم ثانوي لا يفخر به الاسلام وإن نبت في أرضه وحمله أبناؤه، ولا يقرّب في ذاته إلى الغاية التي خلق الله من أجلها خلقه وهداهم إليها بكتبه ورسله، وقد وصف الله جملته بأنهم {لا يعلمون}، {ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون}، {يعلمون ظاهرا من الحياة الدّنيا وهم عن الآخرة هم غافلون}، هم لا يعلمون العلم الحقيقي وإن علموا العلم التافه.

فيا إخوة الدّين، لا تفتحوا الطريق للحضارة الصناعية الكافرة لتمنّ علينا في ديننا كما منّت علينا في دنيانا.

2) ليس للإسلام الصحيح ولا للمجتمع الإسلامي الحقيقي فنّ ولا عمارة ولا (تشريع في التخطيط والعمارة)، ولا اهتمام بالجغرافيا والجيولوجيا ولا بحث عن الآثار أو تجارة بها بل خطر علينا أن نزورها إلاّ باكين.

والمجتمع الإسلامي القدوة هو مجتمع صدر الإسلام وكانت أكثريته أمّيّة لا تقرأ ولا تكتب ولا تحسب، ومع ذلك كانوا هم العلماء في معرفتهم بالله وبأمر الله وبطاعتهم له واتباعهم سنّة نبيّه ورسوله صلى الله عليه وسلم وبخوفهم من عذابه ورجائهم رحمته: {أمّن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكّر أولوا الألباب}.

ولم يلتفت المسلمون إلى فلسفة اليونان وفنون ومهارات المجتمعات الملحدة إلا بعد أن طغت عليهم الغفلة عن الآخرة.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كلّ ذنب، وأسأله أن يوقظني وإياكم من الغفلة، وأن يهديني وإياكم لأقرب من هذا رشدا،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

الرسالة رقم39 في 1404/2/15هـ.