من سعد الحصين إلى عبد العزيز بن إبراهيم العسكر

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الله/ الشيخ د.عبد العزيز بن إبراهيم العسكر،  أعزه الله بطاعته.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فقد سرّني لقاؤك وشكرت الله ثم شكرتك على حسن استقبالك لأخيك بأكثر مما يستحق. وجزاك الله خير الجزاء على هديتك: (التنصير ومحاولاته في بلاد الخليج العربي)، وعلى نصحك للدين ولدولة الدعوة إلى التوحيد والسّنّة، وكنت أرغب في الكتابة إليك قبل أشهر لولا أنني انشغلت (خارج حدود عملي العادي في الدّعوة) ببعض المطبوعات التي شرّفني الله بالاطلاع وإبداء الملاحظات عليها.

واستجابة لطلبك الكريم إبداء رأيي في كتاب (التنصير)؛ إليكم ما يلي:

1) لماذا تُحفظ حقوق الطبع؟ إنما وُضِع هذا القانون في العالم المادّي من أجل الدّنيا، وعلوم الدّين أسمى من ذلك، وتعوّدت في منشوراتي أن أفتتحها بما يلي: (حفظ حقوق الطبع قانون وضعي أمام علم الشريعة فلا يجوز تحجيره ولا احتكاره، ونشره ابتغاء وجه الله عبادة).

2) ومما أخذنا من الغرب دون تمحيص (غير حفظ حقوق الطبع): (التوثيق) بمجرد الإحالة إلى أيّ كتاب مطبوع، وإلى أيّ مؤلِّف ولو كان غير أهل للثقة، ولو لم يوثّق شيئاً من مزاعمه العشوائية.

وأرى في هذا مخالفة واضحة لشرع الله: {يا أيّها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا}.

3) وكون الطّرف الآخر عدوّاً لا يُجيز لنا الاعتداء أو إهمال العدل: {ولا يجرمنّكم شنآن قوم أن صدّوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا}، {ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا}.

4) لقد طبعت رئاسة إدارات البحوث والافتاء رسالة إبراهيم الجبهان: (ما يجب يعرفه المسلم من حقائق عن النصرانية والتبشير) فوجدت أن أكثر حقائقه فيما يتعلق بالأردن خيالات فأعدته إلى الرئاسة وأقنعتهم بالتّوقف عن توزيعه طاعة لله.

وعلي جريشة ومصطفى الخالدي وعمر فرّوخ وعبد الودود شلبي ومحمد البهي وبقية المؤلّفين المذكورين في بيان المراجع والحركيين والمفكرين الاسلاميّين لا يجوز النقل عنهم إلا بعد تثبُّت، وموسوعة الندوة ليست خيراً منهم فهي نتاج أمثالهم من الاخوان المنتفعين بالنّدوة.

5) لا يشك عاقل، مسلماً كان أو نصرانيّاً، في وجود محاولات التبشير أو التنصير ولا نحتاج إلى الخيال والواقع أظهر، ولا نحتاج إلى الاتهام الظّني واليقين بين أيدينا معترف به من الجميع.

6) والتّقليد السّائد في الجماعة المسلمة (والعربيّة بخاصّة) للثقافة الغربية: مرض.

ولكنّه قطعاً ليس تقليداً للدين النّصراني ولا طريقاً إليه. ولكنّهم سبقوا إلى الادارة والصّناعة الحديثة ولا اجد في هذا غرابة أو خروجاً على الفطرة التي فطر الله خلقه عليها: {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً من فضّة ومعارج عليها يظهرون…} الآية، واصطفى خيراً منهم للدين. والخروج عن الفطرة أن يتجه المصطفون للدّين إلى الدّنيا ويهملون الدّين.

7) المدارس النصرانية في الأردن (الخاصّة) مجبرة على تدريس الدّين بواسطة مدرس مسلم متخرج من كلّية الشريعة.

8) أحمد ديدات عفا الله عنه، لا أرى فيه ما رأيتَ من أنّه مثال للدّاعي إلى الله في وجه التنصير.

هل تعرفون شيئاً عن عقيدته أو التزامه بالسّنّة؟ أو موقفه من الخميني؟

هل من شرع الله للدّاعي إليه أن ينصرف عن القرآن والسّنّة إلى دراسة الإنجيل؟

هل من شرع الله الاستدلال بالإنجيل والتوراة (سلباً وإيجاباً)؟

وهل من شرع الله مناظرة أهل الكتاب بسبّ دينهم وكتابهم؟: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبّوا الله عدوا بغير علم}.

9) ما هو مستوى الثقة في الرابطة التي عليها الصّوفية، أو الإغاثة التي يسيطر عليها حزب الإخوان؟

أو مؤسّسة اقرأ الصّوفيّة مرة أخرى؟

أشهد أن جميع من ذكروا لا يستطيعون منافسة الاغاثة الدّوليّة مادّياً، وللأسف فليس من أكبر همّهم بل ولا من همهم في ظاهر عملهم اتباع منهاج النّبوّة في الدّين أو الدّعوة.

10) الحرب الكلامية المذكورة ضدّ التّنصير حرب عاطفيّة تنبت من الخيال ولا تورث الحقيقة. بل وتخالف شرع الله: {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى}.

11) ومن الصّعب أن تقنع أحداً؛ لأنها 1- متناقضة، تقول مثلاً: إن هدف النّصارى إبعاد المسلمين عن الإسلام لا إدخالهم النصرانية، ثم تقول بعد عدّة صفحات: أن التنصير هو الهدف الأساسي للتبشير.

2- ولأنها واقعيّة؛ فهي تؤكّد مثلاً أن العلمانيّة هي نتيجة لمؤتمرات التبشير لبذر التشكيك في نفوس المسلمين، ولا تتذكّر أن العلمانيّة حركة مضادّة للنّصرانيّة وتدخّلها في الحكم في أوروبّا، والمؤلفات في هذا الموضوع مليئة بأمثلة التناقض والمبالغات والبعد عن الواقع، واستبدال الظّن باليقين.

12) وفي رأيي أن خير منهاج لمواجهة هذا الخطر هو: شرع الله في رسالاته وسنن أنبيائه: الدعوة إلى التوحيد والتحذير من الشرك والدعوة إلى السّنّة والتحذير من البدعة، والجهد والتضحية في الدّعوة إلى ذلك بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن، والصبر على الأذى في هذا السّبيل وعدم قياس الدّعوة بالنتائج فهي لله وحده، وعدم تقليد أهل الكفر في مناهج الدعوة: الحركيّة وحساب الكمّيّات.

والحديث يطول ويحتاج إلى نعقّل وصبر، وردّ التنازع إلى فيه إلى الله ورسوله.

13) وأكرّر شكري لله ثمّ لكم على هذا الجهد وأرجوا الله أن ينفع بكم وبه.

وألاّ يكلنا إلى أنفسنا، وأن يجعل اتّكالنا عليه وحده، وطاعتنا له ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يجعلنا جميعاً هداة مهتدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ملاحظة أخيرة:

المثال التطبيقي على الواقعية الشرعيّة عندما ذكرتم عن (فنسنك) أنه من ألدّ أعداء الله أن تضربوا مثالاً لعداوته، وفي المقابل نعترف أن الله أيّد به الدين فانقطع سنوات لإخراج: المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، كما أيد الله الدّين بـ(فلوكل) فأخرج المعجم المفهرس لألفاظ القرآن.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.

الرسالة 65 في 1418/2/27هـ.