من سعد الحصين إلى عبد القيوم بن محمد السّحيباني
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى أخي في الله الشيخ/ عبد القيّوم بن محمد بن ناصر السّحيباني، نصر الله به دينه، وحمّده العاقبة في كلّ أمره.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فأشكر الله ثم أشكرك على زيارتك، واطلاعي على شيء من انتاجك في الدّعوة إلى منهاج النّبوّة، ودفاعك عن سنة رسولنا صلّى الله عليه وعلى آله وسلم، واتّصالك الهاتفي رغم تقصيري البالغ في كلّ ذلك ومع الجميع.
واصطفاء الله لعبد من عباده بتثبيته على منهاج الوحي والشّرع (في عصر انصرف فيه الكثيرون – هدانا الله وإياهم – إلى الحركيّة والحزبيّة والفكر والظّنّ) نعمة عظيمة تستحقّ الشّكر بالقول والعمل، سدّد الله قولك وقبل عملك.
وما دمتُ عاجزاً عن منافستك في العمل فسأشغل الوقت ببعض الملاحظات في الشكل حَسْبَ ما أراه اليوم:
1) حفظ حقوق للطّبع أو التّأليف (في العلوم الشرعيّة بخاصّة) ليس من الدّين في شيء؛ بل هو أقرب إلى مخالفته بتحجيره واحتكاره، وبالتالي تقليل فرص نشره.
2) والمقدّمة أو التّقريض – مثل حفظ الحقوق – ابتداع آخر مما ابتدعه النّاس في القرن الأخير، ولم يكن عليه سلف هذه الأمّة قبله، ويبدو لي تزكية للنّفس بطريقة غير مباشرة.
3) لا أحبّ وصف مسلم بالنّفاق ولا الخبث ولا قلّة الورع (ولو على وجه التعميم) وكذلك ضعف الإيمان، فكلّ ذلك محلّه القلب، والله وحده هو المحيط بما في القلوب.
والأغلب: أن من اجتالته شياطين الأحزاب والفكر ومناهج البشر غير المعصومة يظنّ أنه على هدى كما قال الله تعالى عن شرّ عباده: {إنهم اتّخذوا الشياطين أولياء ويحسبون أنهم مهتدون}، وقال الله عزّ وجلّ: {قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدّنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً}.
4) الأولى لطلاب العلم الشرعي والمنتسبين إلى السّنّة وعلماء الشريعة ألاّ يستبدلوا لغة الجريدة والاذاعة بلغة القرآن والسّنّة لئلاّ يستبدلوا الأدنى بالذي هو خير. ومن ذلك جملة: تمييع القضيّة، ووصف الدّاعي إلى الله بالدّاعيّة، وقد وصف الله خير رسله بقوله: {وداعياً إلى الله بإذنه}. والمحافظة على لغة الوحي مقدمة ضروريّة للمحافظة عليه وتدبّره وفقهه.
5) والأولى لعلماء الشريعة وطلاّبها والمنتسبين إليها أن يستغنوا بالحديث الصّحيح عن القصص والرّوايات والتاريخ، ممّا لا يمكن التثبّت من صحّته. وهذا هو الفرق بين الدّاعي إلى الله على بصيرة والقاصّ.
6) التّوثيق لا يكون بمجرّد إثبات المصدر، بل لابدّ أن يكون المصدر ثقة، ولا أرى النّقل من مثل الرّسالة القشيريّة، ولا من بستان العارفين وهو خير منها، ففي كتاب الله وسنّة رسوله وفقه أئمة القرون المفضّلة في نصوص الوحي ما يغني عن الظّنّ.
ولا أرى فائدة من ذكر رقم الآية والسّورة فمن النّادر أن يُحتاج إليها.
زادك الله ثباتاً على الهدى علماً وعملاً وتبليغاً وصبراً.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.
الرسالة رقم346 في 1419/12/6هـ.