من سعد الحصين إلى عبد الله الجلالي

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الدّين الشيخ/ عبد الله الجلالي جلّله الله بلباس السّنّة والدّعوة إلى الله على بصيرة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فأحمد الله إليكم على نعمه علينا وعليكم بنعم الدّين والدّنيا في بلاد التّوحيد والسّنّة وتحت لواء دولة التّوحيد والسّنّة، وأرجوا الله أن يجبر النقص ويعفو عن التقصير وأن يردّنا جميعاً إلى دينه ردّاً جميلاً.

وكنت أحبّ أن يكون نقاشنا في مكّة أهدأ وأعمق ولكن من طبيعي الانفعال عندما يتعلق النقاش بالدّين، أما فيما يتعلق بالدنيا فأحمد الله أن رزقني التّسامح مع المحق والمبطل فهي أهون من أن نحمّل أنفسنا أو الآخرين وزرها في الدّنيا والآخرة.

ولفت نظري وربما زاد انفعالي: اعتذارك لليمنيّين عن إعادتهم بناء وثن العيدروس بأنهم كانوا مهتمين بالخلاص من الشيوعيّة. والشرك الأكبر لا يجوز التهاون به لأي سبب كما نعرف معرفة يقينيّة من شرع الله في جميع رسالاته ورسله.

ولا أحسبه يخفى على ذي بصر أو بصيرة أن الحرب في اليمن لم تكن للإسلام ضد الشيوعيّة وإنما كانت حرباً سياسيّة يوجد الشيوعيّون في طرفيها وأنهم اتّحدوا في الشمال مع حزب الاصلاح حتى قضوا منه وطرهم، وكان حزب الإخوان في اليمن قبل الحرب يتقاسم الحكم مع الشيوعيين في الشمال والجنوب كما اتحد الحزب مع الأحزاب العلمانيّة في مصر، وكما قام على الحكم بغير ما أنزل الله في حقيبته وزارة العدل، وعلى تطوير الأضرحة في حقيبة وزارة الأوقاف، وعلى ترخيص المباني في مصانع الخمور وبناء الكنائس والمقامات أو ترميمها في وظائف رئاسة البلديّات هنا.

وبالمقارنة فانظر إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم السّاعة حتى تصطكّأو تضطربإليات نساء دوس على ذي الخلصة»، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ندب أصحابه إلى هدم هذا الوثن في حياته، وقام هذا الوثن كما أخبرنا الصّادق المصدوق حتى هدمه جيش الإمام عبد العزيز بن محمد بقيادة ولده سعود رحمهما الله، وقام هذا الوثن مرّة أخرى بعد أن ذهبت دولة التّوحيد والسّنّة في مرحلتها الأولى، ثم هدمه جيش الملك عبد العزيز آل سعود بن عبد العزيز بقيادة عبد العزيز ابن ابراهيم رحمهما الله، وقام الامام سعود بن عبد العزيز في عهد والده رحمهما الله بهدم أوثان المقامات والأضرحة والمزارات والمشاهد من كربلاء إلى ساحل البحر الأحمر، ولم تهزم له راية في الجهاد وفي سبيل الله كما قال ابن بشر رحمه الله، وعادت هذه الأوثان بانحسار ظلّ الدّولة السّعوديّة الأولى حتى أزالها جيش الملك عبد العزيز رحمهم الله جميعاً.

هؤلاء ولاة الأمر في بلاد التوحيد والسّنّة منذ أكثر من قرنين فأين منهم تجّار الدّين السياسي: كم مرّة أنكر الزّنداني أو غيّر الشرك والابتداع، ووثن ابن علوان تذبح له الأبقار كلّ عام، وغيره من الأوثان كثير لم يُهْدَم منها إلاّ ما هدمه الإمام الزيدي/ أحمد بن يحيى حمد الدّين رحمه الله.

كم مرّة أنكر الاخوان المسلمون في مصر أوثان البدوي والحسين والسّيدة زينب والدّسوقي ومئات غيرها، أو في سوريا وثن ابن عربي أو الحسين ومئات غيرها؟ كم مرّة أنكر ذلك عباسي مدني والغنوشي ويوسف العظم؟ بل إن من قادتهم من يدعوا إلى التصوف مثل سعيد حوّى وإلى اللّجوء إلى القبور (عند الشدّة) للدّعاء عندها مثل عمر التّلمساني، الأوّل في (تربيتنا الرّوحيّة) والثاني في (شهيد المحراب)، وأكثرهم مبتدعة جهلة بشرع الله ووحيه بعد أن انصرفوا وصرفوا الناس عنه إلى بدعة (الفكر الإسلامي)، فاحتلّ الفكر مكان الوحي والحركيّ مكان الدّاعي إلى الله.

وأين منهم الجمهوريّة الاسلاميّة في السّودان التي يتقاسم الحكم فيها النصارى مع المسلمين: يدعون البابا ويشيّدون الصليب وعليه صورة المسيح مصلوباً في مكان الاحتفاء به، ويشيّدون الأضرحة ويحتفلون بالحضرات الصّوفيّة رسميّاً، كم مرّة أنكر التّرابي المنكرات البدعيّة والشّركيّة في السّودان قبل أن يصل إلى الحكم أو بعد وصوله إليه، وهل يقدم نصوص الوحي وفقه الأئمة فيها أو فكره إذا اختلفا؟.

أنا أعتبر الفكر الإسلامي والحركيّة الإسلاميّة والعاطفة الإسلاميّة بدائل للشّرع وعثرات وعقبات في طريق منهج النّبوّة، ولكن لها أثراً فاسداً إضافياً: أنها تخرج دعاة التوحيد والسّنّة عن طريق اليقين إلى طريق الظّنّ والعاطفة: {إن يتبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى}. هدانا الله وإياكم وإياهم لأقرب من هذا رشداً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرّحمن الحصيّن عفا الله عنه.

الرسالة رقم251 في 1416/11/25هـ.