من سعد الحصين إلى محمد بن سعيد رسلان [1] [ملاحظات على كتاب: آفات العلم]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى فضيلة الشيخ الدّاعي إلى الله على بصيرة/ د.محمد بن سعيد رسلان، زاده الله فضلاً وبصيرة ونصر به دينه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فقد قرأت ما يسّر الله لي من مؤلفاتكم المفيدة وسرّني:

1) بُعْدكم عما ابْتُلِيَ به المؤلفون بعد القرون الخيّرة من السّجع في العنوان وما يليه.

2) عدم استجداؤكم للتّقديم والتّعريف بين يدي الكتاب وهو بدعة أخرى أعُدُّها نوعاً من تزكية النّفس بطريق مقنّع.

3) حرصكم على إيراد الدّليل من الكتاب أو السّنّة بفهم أئمّة الفقه الأُوَل، وحرصكم على تخريج الحديث مُوْجَزاً وافياً.

4) تركيزكم على العلم وآداب طلبه، وعلى العبودية التي هي غايته، وهي غاية خلق الإنس والجن.

5) إيجازكم في المؤلَّف تشجيعاً للقارئ على الاستفادة.

وكما سبق لكم فإني أعُدُّ من نعم الله عليّ: معرفتكم، وإدراكي جمع الله لكم العلم، والعمل، والتزام المنهج النّبويّ في الدّين والدّعوة، والبيان باللسان والقلم، والزّهد في الزّائد من متاع الدّنيا عن الحاجة الحقيقيّة، ولا أتذكّر إلاّ النّادر ممن جمع الله لهم ذلك وعلى رأسهم ابن باز رحمه الله.

وقد عوّدت نفسي على محاولة الاستفادة مما يُهْدي إليّ المؤلِّفون أو غيرهم من مؤلفاتهم وعدم التّعصّب لمن نوافقهم ولا ضدّ من نخالفهم منهم، وعلى هذا نشرْتُ رسالة الأستاذ سفر الحوالي عن عقيدة الأشاعرة ورسالة شلتوت عن البدعة ورسالة عمر محمود عن البيجورية مع مخالفتي لمنهاج الثلاثة.

وردَدْت على الشيخ ابن باز رحمه الله بضع مرّات إحداها في برنامج (نور على الدّرب) وعلى الشيخ الألباني رحمه الله مرّات مع أنّي أعدّهما المجدِّدَين في هذا العصر وقدوة للجميع في تحكيم الدّليل من الوحي بفقه السّلف وأدعو الله لهما كلّ ليلة مع الإمام أحمد والبخاري ومسلم وابن عبد الوهاب وابن تيمية وابن القيم رحمهم الله.

ومن هذا الباب آمل التّفضّل ببيان بعض ما تجده من نقصٍ فيّ (أما كلّه فلا يكلّف الله نفساً إلاّ وسعها)، وتشجيعاً على ذلك وتتميماً له آمل النّظر في هذه الملحوظات ونقدها إظهاراً للحقّ:

1) حفظ حقوق الطبع قانون أوروبي لم يعرفه المسلمون قبل القرن الأخير ولم يعرفه غيرهم قبل قوانين الثورة الفرنسيّة، وهو يعوق انتشار المؤلَّف ويحجّر العلم الشرعي بل قد يكتمه.

2) الآفات – كما نبّهتم -: الأَوْلى أن تُنْسب إلى طلب العلم لا إليه.

3) لا أرى الاستشهاد بالشعر (ولا النظم) إلا على اللغة.

4) لا أرى الأخذ إلاّ عن علماء السّنّة السّالمين من الانحراف عنها، وليس منهم مثل الغزالي والزّمخشري فكيف بالبنا والطحان ومحمود عبد المتجلي وأبي غدّة تجاوز الله عنا وعنهم أجمعين.

5) أبيات الجرجاني ص64 و65 و66 الأًوْلى تفادي التكرار فيها روايةً عن (طبقات الشافعيّة) و(صفحات) مع أنّ التكرار صالح في موضعه كما في الآيات والأحاديث، والبيت الأوّل ص65 (لكنْ لِأُخْدَمَا) يناقض عنوان الآفة الأولى.

6) النبي صلى الله عليه وسلّم وهو القدوة (صَبَر على الضيم) ولم يرحل (كما في الأبيات المنسوبة للشافعي رحمه الله ص73) إلاّ بعد أن أخرجه قومه بل بعد أن أمره الله بالهجرة، ولم يسمع منه أكثر أهل مكّة ولم يقتدوا به ولم ينتفِعُوا بعلمه (كما يقول الدّؤلي ص97).

ولعلّ مثل هذا يؤيّد ما ذكرْتُه عن العدول عن الشعر إلى النّصّ وفقهه.

هذه(1) ملحوظات هزيلة على مؤلّف واحد (آفات العلم) يحتمل صوابها كما يحتمل خطؤها، ولِيَعْلَم المتعصّبون (وما أكثرهم) أننا بفضل الله لا نتعصّب لخير علماء العصر ودعاته على منهاج النبوّة مع تقديرنا لهم وشكرنا لله على فضله عليهم وعلى فضله بهم ودعائنا الله أن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأن ينفع بعلمهم وعملهم وأن يَنْصر بهما دينه ويعلي كلمته. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) ومثله رواية الدارمي عن أبي حازم؟ ص66: أولى بها قَصَص القصّاص، أما أنتم بفضل الله عليكم فقد اختار الله لكم الخير (الآية والحديث الصّحيح) لا الأدنى من القصص.

والأولى أخذ ما جاء من المال دون إشراف ولا سؤال استجابة لأمر النبيّ صلى الله عليه وسلّم: «فخذه، فتموّله أو تصدّق به» فيما رواه مسلم، قال ابن المنذر رحمه الله: (وبعض العلماء أوجبها).

والولاية بالعهد هي المعروف قبل الاسلام وبعده وهي سنة أبي بكر ومعاوية رضي الله عنهما بل سنة عمر رضي الله عنه بالعهد إلى واحد من السّتّة، تولى الله عنّا جزاءكم.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

  الرسالة رقم140 في 1429/9/7هـ.