من سعد الحصين إلى سليمان الراجحي [بنوك النساء إجراء جديد لإخراج المرأة من بيتها]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الله الشيخ/ سليمان الراجحي وفقه الله لطاعته وجنّبه معصيته.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وأرجو الله لكم خير الدّنيا والآخرة.

وأحبّ أن أبدي لكم رأيي في موضوعين متعلقين بمشاريعكم للصرافة تبرئة للذّمّة. خاصة.. وأغلبية الأمة قد تؤيدكم في الأول منهما.. وظاهر الاثنين الرحمة والغيرة على الشريعة:

1) بنوك النساء.. لأول وهلة يفرح المسلم بهذا التّوجّه الجديد لفصل المرأة عن الرجل.. ولكن النظرة الثانية المتفحصة تبيّن المساوئ التالية:

تهيئة طريق جديد لخروج المرأة المسلمة من بيتها والاشتراك في الأعمال المصرفية التي كانت في الأصل وقفاً على الرّجل إلاّ في حالة الضرورة.. خروجها: عميلة للمصرف أو موظفة فيه أو دارسة لمهنة الصرافة.. وبهذا أزال الشيطان باسم الاسلام عقبات كان المسلم الغيور يضعها أمام امرأته وابنته وأخته في الاسلام حتى لا تخرج من أمن البيت إلى فتنة السوق باب الفتنة باسم الاسلام.

ولم يؤثر هذا المشروع شيئا يذكر في تقليل الاختلاط في مقابل ما فتح من أبوابه بسبب استقلالية المرأة (التي أكدها) عن والدها وزوجها وابنها وأخيها وذي رحمها.. وقد أكّد لي مدير مصرف رجالي من مصارفكم قرب الحرم أن النساء يقبلن على فرعه ويرفضن الفرع النسائي لبعده أو لأي سبب آخر.

2) البنك الاسلامي.. وهو تسمية جديدة للوضع الأول الذي يمنع الفائدة الرّبويّة في الدّاخل (تصريحاً) ويتعامل بها (تحايلاً)، الفرق أنكم وضعتم بينكم وبين النار (مطوّع أو عدّة مطاوعة) وهم طلاب العلم أو العلماء المساهمون.. وأرجو أن أكون مخطئا في ظنّي أنها خطة أملاها الشيطان (لدهن سير المطاوعة) بالمشاركة في الرّبح حتى يجتهدوا في خدمة التاجر ويجدوا رأياً في حلّ الرّبا مع البنوك الأجنبية يساير العصر.. وفي رأيي أن العصر يجب أن يخضع للدين وليس العكس وأن الرّبا ممحوق بالأمس واليوم وغداً وحتى تقوم السّاعة بأيّ صفة كانت وفي أيّ مصرف صرف وعلى المسلم والكافر على السواء.. وقد قال الله سبحانه وتعالى خالق كلّ شيء والعليم بما كان وما سيكون: {يا أيّها الذين آمنوا اتّقوا الله وذروا ما بقي من الرّبا إن كنتم مؤمنين} وافهم من هذا منع المسلم من أخذ الرّبا على المسلم وعلى الكافر بصرف النظر عن احتمالات استعمال الكافر للرّبا الموضوع.. وهنا تبطل الحجة التي تقول: إننا إذا لم نأخذ الفوائد الربويّة من الكفار فستصرف على مجلس الكنائس العالمي أو على السلاح ضد المسلمين وهي حجة شيطانية أخرى تستدر عطف المسلمين عوامهم وعلماؤهم ولكنّها لا تقوم على واقعٍ ثابت فالبنوك لا تعمل للدّين ولا للسّياسة فلا يعلم أين ستصرف إلا الله ونعلم أنها تصرف أحياناً كثيرة على البحوث العلمية والجامعات التي يدرس فيها أبناؤنا وبناتنا حفظ الله دينهم، وعلى العمل الخيري.. في استطاعة المسلم أن يجبر البنوك الربوية في الداخل والخارج على ترك أخذ الفائدة في مقابل التنازل لهم عن الفائدة.

في استطاعة المسلم أن يجد حلاًّ جزئياً على الأقل للمشكلة بتخفيف طمعه في الدّنيا لأنها تعوقه غالباً عن دخول الجنة.. ولأنها تقوي عدوّه وتشغّل البنوك الربوية لا بالاستثمار وحسب بل بزيادة الاستهلاك.. ولأنها تزيد نصيبه من الفتنة والابتلاء.

وهي فتنة وابتلاء حتى للصالحين الذين أوتوها جزاء على صلاحهم: {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً لنفتنهم فيه} وللأنبياء: {هذا من فضل ربّي ليبلوني أأشكر أم أكفر}.

وثق يا أخي أن الإسلام لا يعتزّ بالمال وإلاّ لطلبه رسول الله صلى الله عليه وسلّم ولأعطاه الله إياه.. ولا الكفر يعتزّ به وخاصة مال الرّبا إنما يعتز المسلم باتّباع أوامر الله ومنهج رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده ولإخضاع الدنيا للدين.. ولقد عرفت عدة كنائس وبيوت راهبات ومنشآت للكفر في بلاد الكفر تتحول إلى مساجد بأقل المال من المصلين أنفسهم وليس من تبرعات الأثرياء للجمعيات الإسلامية لهذا الغرض.. احصوا إن شئتم كم من هذا النوع من المساجد وضع تحت اسم الوقف الاسلامي في أمريكا.

ولقد بحثت سبب إسلام مائة من المسلمين حديثاً في أمريكا فلم أجد بينهم واحداً أسلم بواسطة الدّعاة الرسميين أو الهيئات أو الجمعيات الإسلامية التي تستحوذ على تبرعات الأثرياء في العالم الإسلامي.. وإنما أسلم كل منهم بواسطة الدّعاة الذين يقومون بالدعوة تطوّعاً وبدون مقابل ولا يعتمدون على المال في سبيل ذلك..

هذا ما بدا لي أن أبيّنه براءة للذّمة ونصحاً للفرد والأمة وأرجو الله أن يرينا وإياكم الحقّ حقّاً ويرزقنا اتّباعه والباطل باطلا ويرزقنا وإياكم اجتنابه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عته.

الرسالة رقم/221 في 1404/9/25هـ.