من سعد الحصيّن إلى إنعام الحسن [1] [البيعة على الطرق الصوفية عند جماعة التبليغ المحدثة]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصيّن إلى الأخ في الإسلام الشيخ إنعام الحسن هدانا الله وإيّاه إلى اتّباع السّنة وأعاذنا الله وإيّاه من البدعة.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فقد أزعجنا كثيراً أن أكّد لنا بعض الإخوة الملتزمين بالدّعوة المضحّين من أجلها أنكم بايعتم وعدداً من الاخوة جماعة الدّعوة في الجزيرة العربيّة وآلافاً من الأعاجم على أربع طرق صوفيّة. وقد أثيرت شائعات كثيرة ـ من قبل ـ حول هذا الموضوع. وأنّ لأمير الدّعوة وقدمائها من العجم وجهين: أحدهما يظهرون به لأهل نجد والملتزمين بالسّنة.. والآخر يظهرون به لمن أَلِفُوا البدعة من الأعاجم وأهل الأمصار.. وغلّبنا حسن الظّن بكم ما دام عنوانكم: (إنّ نجاحنا وفلاحنا باتّباع أمر الله والسّير على طريق رسوله صلّى الله عليه و سلّم).
طريق رسول الله صلى الله عليه و سلم واحدة.. وهذه أربع طُرُق، فأيّ واحدة منها تسير على طريق رسول الله؟.. وإذا كانت كلّها على طريقه فلماذا تعدّدت؟
طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رسمه بكَلِمِه الصّريح الواضح تقوم على كتاب الله وسنّة رسوله وسنّة الخلفاء الرّاشدين من بعده.. «عضوا عليها بالنّواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كلّ محدثة بدعة و كلّ بدعة ضلالة».
اسألوا أنفسكم واسألوا أهل الذّكر إن كنتم لا تعلمون بَعْدَ كَمْ قرن من موت النبي صلى الله عليه وسلّم أُحدثت الصّوفيّة؟ فإلى أيّ مدى من الانحراف عن السّنّة ثم الشرك والالحاد أوصلت المسلمين ونقلتهم من الحنيفيّة السّمحة إلى الطّقوس والطّلاسم المعقّدة والتّوجّه إلى المخلوق بادّعاء الولاية بدلاً من الاتّجاه إلى الخالق الذي لا يرضى لعباده الواسطة في عبادته.. ولو قالوا: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}. وما هي العبادة إن لم تكن الطّاعة كما فسّر بها النّبيّ صلى الله عليه وسلم قول الله سبحانه وتعالى:{اتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله}؟. وقد رأينا كيف دبّ هذا الانحراف إلى بعض إخواننا من الجماعة الذي لا نعرفه أنّهم وقعوا في بدعة البيعة فلا يتزوّج أحدهم أو يبني بيتاً أو يغيّر وظيفته إلا بعد موافقة أمير الجماعة. ثم لماذا يُخَصٌّ العرب برياض الصّالحين الذي تلقّته الامّة بالقبول واعتبرته أصحّ الكتب في موضوعه.. ويُخَصُّ العجم بتبليغي نصاب المليء بالخرافات والأحاديث الضّعيفة والذي يعلّم جماعة الدّعوة من العجم الشرك الأكبر بطلب الشفاعة من النّبي صلى الله عليه وسلم دون الله.. والله ورسوله قد بيّنا بيانا واضحاً أنّ الشفاعة لله وحده يعطيها من يشاء لمن يشاء يوم القيامة.. وأعلى الشفعاء مرتبة وأعظمهم شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنّه لا يشفع إلا بإذن الله ولا يشفّع في كل من شفع لهم كما يتبين من الآيات الكثيرة وأقربها: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم}.
ومن الأحاديث الكثيرة، وأقربها: أنه يرى فريقاً من أمّته يذادون عن الحوض فيقول: «يا ربّ أُمّتي أُمّتي فيقال له: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك.. فيقول: سحقاً سحقاً». أرجوا الله ألاّ تكونوا وألاّ نكون منهم .. ولكنّ الصّوفيّة حدث في الدّين وشَرْع فيه لم يأذن به الله.. والله سبحانه وتعالى أكمل دينه وأيّ حدث فيه اتّهام له بعدم الكمال ورسوله صلى الله عليه وسلم قد سنّ لنا من الذّكر ووعدنا من الأجر ما يغنينا عن دروشة الصّوفيّة وانفعالاتها وتشنّجاتها، ولو كان فيها خير لجاء به الرّسول صلى الله عليه وسلّم فليس من خير إلا حضّ عليه، ولبادر إلى عمله الصّحابة ومتابعي السّنّة في القرون المفضّلة. وخير لنا أن نثبت على ما ثبتوا عليه حتى لقوا الله راضيا عنهم بدلاً من أن نتّبع العوام وأشباههم وأغلب المتصوّفة منهم.. وبدلاً من متابعة المنحرفين عن منهج الرّسول القدوة بعد أن دخلت الفلسفة اليونانيّة فأفسدت معتقدات الصّوفيّة. نستغفر الله من كلّ خطأ أو زلل، وخاصّة بُغْضنا وتطاولنا على من حذّرنا من الوجه الخفيّ لبعض القائمين على الدّعوة قبل أن تظهر لنا الحقيقة المرّة.. ونعوذ بالله من التّعصّب للباطل.
ونجد أنفسنا بين أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إزالة المنكر من منهج الدّعوة وخاصة ما أحدث بعد محمد إلياس رحمه الله وخاصّة تبليغي نصاب.. وعدم تعريض الدّعاة من العرب والعجم لبدعة الصّوفيّة.. وتوبة الشيخ/ القاضي عبد القادر من شِرْكه المتمثّل في كتابة التمائم المملوءة بالطّلاسم أو إبعاده عن المركز في رائي وند.. غفر الله لنا وللجميع.
الثاني: أن نحاول بعون الله وحوله وقوّته عزل الدّعوة عن مركزها في القارّة الهندية.. وبيان ضلال الضّالّين القائمين عليها والتّحذير منهم ردّاً على ما فعلناه من قبل من الذّبّ عنهم عندما كنّا على جهل بالخفيّ من أحواله.. ونبرأ إلى الله من كلّ بدعة و صاحبها. هذا ما ندين الله به وسيسألنا الله عنه.. ونرجوه مخلصين أن يخفّف عنا الحساب والعقاب.
أمّا علاقتنا بالدّعوة فستكون بحول الله أقوى مما كانت عليه منذ تنقيتها من البدعة والجهل.. وليست ملكا لأحد.. ونرجوا الله لها مستقبلاً أجود من ماضيها بعد أن كان الدّخل فيها يصدّ عنها أكثرية طلاّب العلم الشرعي الحريصين على صحة العقيدة وسلامة المنهج. ونحن لا نطلب شَطَطاً.. لا نطلب إلاّ العودة بالدّعوة إلى منهج النّبيّ صلى الله عليه و سلم، بلا صوفيّة ولا شرك ولا خرافة ولا كتاب حياة الصّحابة المليء بالأحاديث الضّعيفة التي لا يجوز وضعها بين يدي العوام الذين يتقبّلونها بلا تمحيص عجزاً عنه وثقةً فيمن وضعها بين أيدهم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كلّ ذنب وخطأ وزلل وأرجوا الله أن يعيذنا ويعيذ دعوتنا من شياطين الإنس والجنّ وأن يعيننا على إدراك الحقّ والثّبات عليه.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.
الرسالة رقم/206 في 1404/9/9هـ.