من سعد الحصين إلى صاحب السمو الملكي نائب وزير الداخلية [جماعة التبليغ كما عرفتها]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى صاحب السّموّ الملكي نائب وزير الدّاخلية وفقه الله لرضاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإجابة لرسالتكم الكريمة برقم/6/س/628/م في 1407/4/14 أرجو التفضل بالإحاطة بما يلي:

1) الجماعة المذكورة تسمّى (جماعة التّبليغ) وقد يسمّيها بعض من ينتمي إليها: (جماعة الدّعوة).. ولكن لم أسمع من قبل بمن يسمّيها (جماعة الأحباب) وإن طاب لبعض أفرادها الإشارة إلى زملائهم بالأحباب في حديثهم العابر عن بعضهم تمييزاً لهم عن الإخوان المسلمين.

2) قد يتردد على الأردن أو الخليج أو الهند أو الباكستان أو بنكلاديش عدد منهم ولكن لا يمكن حصرهم بعدد معيّن لأنّ من يحضر مرّة قد يعود وقد لا يعود وقد يترك الجماعة وقد يأتي غيره ممن التحق حديثاً بالجماعة وقد يحضر بعضهم نساءهم أو أولادهم.. ليس هناك نظام ثابت ولا عضوية ثابتة ولا سجلّ ثابت للأسماء.. يصدق عليه شطر البيت: (ولك الساعة التي أنت فيها).. وبعد كل (خروج) ليوم أو ثلاثة أو أسبوع أو أربعين يوماً أو أربعة أشهر يبدأ تنظيم مخالف تماماً من حيث عدد أفراده ومكان اجتماعهم ووجهة سيرهم..

3) مسجد مدينة الحجاج في عمّان هو واحد من مراكزهم الفرعيّة أما المركز الرئيسي في دلهي (نظام الدّين) والمركز الثاني في (راي وند) بالباكستان والثالث في (دكّا) عاصمة بنكلاديش.. ويجتمع قريباً منها في (تونكي) سنوياً أكبر تجمع لهم يزيد عن المليون فرد ليسوا جميعاً ملتزمين بهذا العمل أو منتمين إليه وخاصة في يوم الرابع والأخير حيث يحضره رئيس الجمهورية وبعض سفراء الدّول الاسلاميّة ومنها السّعودية – فيما أتذكّر – وليبيا.. ولها مراكز فرعية في معظم عواصم العالم.

4) لم يحدث أن نزل عليّ ضيف منهم.. ومنذ رمضان 1404 اعتبرني قدماؤهم عدوّاً للجماعة بعد أن ظهر لي أن مشايخهم في الهند والباكستان يبايعون أعداداً كبيرة من العجم وعدداً قليلاً من العرب بيعة يعتبرونها بيعة التّوبة وأن لها أصل شرعيّ.. وأعتبرها بيعة صوفيّة وأنه لا يوجد في الاسلام بيعة مشروعة غير بيعة ولي الأمر.. وكذلك ظهرت لي بعض البدع والخرافات والشركيات إلاّ عرضاً فإن من المحذور تقبّلهم لها حيث أن كثرة الامساس تميت أو تضعف الإحساس.

5) لم يحدث أن اصطحبت أحداً منهم في عمل الدعوة والإرشاد في الأردن لأن أغلبهم عوام ودعوتنا تقوم على تدريس العقيدة وأحكام العبادات والمعاملات.. ولست أمارس الدعوة بنفسي وإنما يقوم بها دعاة الرئاسة من أهل الأردن تحت إشرافي وإشراف وزارة الأوقاف والشئون والمقدسات الاسلامية بالأردن حسب اتفاق بين الرئيس العام الشيخ/ عبد العزيز بن باز ووزير الأوقاف الأردني.

6) لقد كتبت بحثاً لمكتب التربية العربي لدول الخليج بالرياض تتضمن بحثاً عن الجماعة منشئها وماضيها وحاضرها وحسناتها وسيئاتها.. وقد وصلت مجلس الأمن الوطني نسخة منها تلقيت على إثرها نصيحة منكم (بتوقيع نائبكم) بالابتعاد عن هذه الجماعة.. وكنت قد تركتها قبل ذلك بسنتين ونصف السّنة.

ومع رسالتي هذه نسخة من بحثي المقدم يبيّن كثيراً من التفاصيل التي تضيق عنها هذه الرسالة.

واستأذنكم في الملاحظتين التّاليتين:

أ – الحصول على معلومات دقيقة عن أي موضوع يستدعي معايشته.. وجماعة التبليغ تنظيم بسيط مفتوح يسهل على أيّ فرد من أفراد الأمن الدّخول فيه لفترة محدودة وبالتالي التعرف عليه عن كثب.. ولكن هؤلاء الأفراد يذكّرونني ببعض مخبري الصحف في المملكة عندما كانوا لا يقنعون بأن نعطيهم أخبار مؤتمراتنا التعليمية بل يصرّون على كتابتها لهم وطبعها على الآلة الكاتبة.

ترون.. وفقكم الله لما يحبه الله ويرضاه.. أنهم أخطأوا في اسم الجماعة الذائع الصيّت على كلّ مستوى.. وأخطأوا في فهم تنظيمها.. وأخطأوا في تحديد موقفي منها.. ولم يكن بينهم وبين الحقيقة إلا أن يلتحق أحدهم أو عدد منهم بالجماعات الخارجة صباح كلّ يوم جمعة ليعود بكلّ معلومات مؤكّدة.. ومن يدري قد يهديه الله إن كان فاسقاً أو يزيده هدى إن كان مهدياً.

ب – جماعة التبليغ (وخاصّة في المملكة) لا خطر من وجودها من الناحية السياسية.. والخمسون سنة من تاريخها في القارة الهندية وخارجها تثبت ذلك.. وبعض الجهات الأمنية تخطئ في تخوّفها من أن يدخلها من ليس من أهلها وإنما يتستّر بها.. ليس من السّهل حدوث ذلك.. لأن فيها من شظف العيش والخشونة والتخلّي عن مظاهر المدنية الحاضرة ما يعجز عن تحمله غير من يعتقد أنه يحتمل هذه التضحية في سبيل الله.

مشكلتهم الاساسية: الجهل وما يتبعه من تطبيق جاهل للسنة وخاصة سنن العادات إن صح تسميتها بالسنن.. وقد حاولت إبداء مثل هذا الرأي منذ سبع سنوات مشافهة وكتابة لكم كما أبدى مثل ذلك أخي الكبير صالح.. وحلّ هذه المشكلة في رأي كلّ منّا ليس المنع (حتى لا تتحول إلى حركة سرية عاصية لولي الأمر) وإنما التوجيه والإشراف والمراقبة.. وانتهز هذه الفرصة لتقديم اقتراح بإعادة فتح الباب لها بشرط قطع علاقاتها بالمراكز الرئيسية في القارة الهندية وربطها بأحد علماء المملكة ويحضرني اسم الشيخ/ صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء لعلمه وحيويته وثقة المسئولين فيه ليكون (أميراً) للجماعة في المملكة وربّما في الخليج عامة.. وبهذا يزول قلق الجهات الأمنية من ناحية.. وأهم من ذلك (عندي): خطر التحول من التثبّت في الاعتقاد.. (السّمة التي قامت عليها المملكة وقام عليها دين الإسلام في كلّ رسالة) إلى القبول بالمنهج الصّوفي ثم ممارسته في جيل لاحق.

أشكركم على إتاحة الفرصة لبحث هذا الموضوع وأرجو الله سبحانه وتعالى أن ينصر بكم دينه ويعلي بكم كلمته ويحفظ بكم هذه الأرض المقدسة المباركة من الزيغ والضّلال.

ملاحظة:

1) يسرني في أي وقت أن ألتقي مع من ترون لمدارسة هذا الموضوع في المجلس أو مع الجهات الأمنية أو أي جهة أخرى عسى أن يهدينا الله لأقرب من هذا رشدا.

2) أرى التحقيق مع من قدّم هذه المعلومات وإذا ثبت خطؤه فيها وهو قادر على تلافيه أبعد عن عمله حتى لا يصاب بسببه قوم بجهالة في أمور أهمّ، وفقكم الله لما يحبه يرضاه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.

الرسالة رقم/101 في 1407/4/16هـ.