من سعد الحصين إلى إنعام الحسن [2] [مخالفات عقدية خطيرة عند جماعة التبليغ الصوفية]

 بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى الأخ في الإسلام الشيخ/ محمد إنعام الحسن الكاندهلوي أنعم الله علينا وعليه بالهداية واتباع الصراط المستقيم وأعاذنا وإياه من شر النفس والهوى والابتداع في الدّين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فقد تلقيت رسالة مذيّلة باسمكم ردّاً على رسالتي(1) لكم برقم206 في 1404/9/9 وللأسف لم أجد في رسالتكم معالجة صريحة لما أثرته مما اعتقدت ولا أزال أعتقد أنه مخالفة خطيرة من جانبكم وبعض قدماء الدعوة في حقّ الدعوة والدعاة وخاصّة في حق هذا البلد الذي اختاره الله مهبطاً لوحيه ورسالته وحفظه من الانحراف في العقيدة والتشريع.

ولكني وجدت اعترافاً خطّيّاً منكم بالبيعة للأعاجم وزاد الشيخ سعيد فاعترف مشافهة بالبيعة لاثنين أو ثلاثة من أهل هذه البلاد، ووجدت إصراراً على استمرار هذه المخالفة وبقاء الشرك والخرافة في (تبليغي نصاب) إضافة إلى الأحاديث الضعيفة فيه وفي (حياة الصحابة) منهاجا تعليميّاً للدّعاة في غير البلاد العربية.

وعلى هذا تقدمت للوالد الشيخ/ عبد العزيز بن باز لأوّل مرّة بعرض للمشكلة، وهذه خطوة ستتبعها خطوات إن شاء الله في السعي لإنقاذ الدّعوة والدعاة من البدعة والانحراف عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فهمت أن قراءة رسالتي على الوالد الشيخ ستتأخر بعض الوقت لإعطائكم فرصة إضافية لمراجعة أنفسكم والتشاور مع غيركم لعل الله أن يهدينا وإياكم سواء الصّراط،

وإذا كنتم تتجنبون تعريض الدعاة لدروس التّوحيد في مراكز الدعوة وتمتنعون من الإنكار المباشر على المشركين ومرتكبي الكبائر بحجة (عدم البحث في الخلافيّات)، فكيف ضاقت عقولكم عن اعتبار (البيعة الطرقية الصوفية، ودعاء الرّسول، وطلب الشفاعة منه بعد موته وخرافة تسليم النبي صلى الله عليه وسلم من قبره على الرّفاعي) من الخلافيات، نعوذ بالله ونعيذكم وجميع المسلمين من الضلال.

أكثرتم الكلام عما لا نختلف فيه وهو تدوين الحديث الضعيف (وهو أمر يختلف عن تقديمه للعوام) وسكتّم عن الأمر الأساسي في الخلاف معكم وهو الشرك بدعاء غير الله والاستعانة بالمخلوق فيما لا يملكه إلا الخالق، قد تخالفون اجماع أئمة الموحّدين في ذلك وحسابكم على الله ولكن على الأقلّ إعتبروها مسألة خلافية وتجنبوها تمشياً مع قاعدتكم الاساسية: عدم إثارة الخلاف بين المسلمين.

نحن لا نثير خلافاً حول الصفات السّت ونقبل منهج الدّعوة في الالتزام بها مع  نقصه على اعتبار النقص ملازماً للبشر واعتبار الدعوة مدخلاً أوليّاً للعودة إلى الله، ويمكن للدّاخل إذا رغب أن يكمل نقصه خارجها، ولكن مبايعتكم للدعاة وتدريس الشرك والخرافة وكتابة القاضي عبد القادر للتمائم الشركية أمر لا يمكن فصله عن صلب الدّعوة، وليس لادّعائكم الإجماع على سلامة منهج الدّعوة نصيب من الصّحةّ فالخلاف معها قائم منذ قامت وأغلب مخالفيها من علماء الشريعة والحريصين على سلامة العقيدة، وتجدون أقرب مثال على ذلك الفتوى المرفقة من لجنة الإفتاء بهذه البلاد ممن لا أشك في أنّ أدناهم أعلم بالله وشرعه منّي ومنكم، ومع ذلك فقد خالفت منهجهم في الفتوى بإثارة مشاكل غير حقيقية أو غير أساسية وعدم تعرفهم على الأخطاء الكبيرة في منهج الدعوة.

وتحدثتم أكثر من مرّة عن انحراف بعض جماعة الدعوة الذين تابوا من المعاصي وبقيت فيهم آثار الانحراف السابق مع أنّي لم أبحث موضوع انحراف أحد من جماعة الدّعوة وإنما بحثت موضوع انحراف منهج الدّعوة وبعض أمراء الدّعوة وسوء اختيار الكتب التي تدرّس في الدّعوة.

اعترضت على سوء اختياركم (تبليغي نصاب) فأحببتم بحسن اختياركم (رياض الصالحين)، ما دمنا متفقين على الثاني فلماذا تصرّون على الأوّل الذي نختلف عليه وأنتم تدعون إلى البعد عن الخلافات، وذكرتم أن بيعتكم هي بيعة التّوبة وليست من الشرك وأنا لم أصف البيعة بالشرك وإنما نسبت الشرك إلى (تبليغي نصاب) وأغفلتم الاجابة عن ذلك،

وهكذا لم تستفيدوا فيما يبدو من رسالتي ولم أستفد كثيراً من إجابتكم وأخشى ألاّ تستفيد الدّعوة على هذا الأساس من محاولة إصلاحها، واحتججتم على ضرورة البيعة برواجها في الهند واحتج بعض أعوانكم بأن المسلمين هناك جاءوا من أصول وثنية ولم تسبق لهم بيعة مع حاكم مسلم، وأنتم لم تقتصروا على بيعة الهنود بل تحملتم وزر إدخال الصوفيّة إلى مهبط الوحي عن طريق بيعتكم لبعض السّعوديّين الذين لا يقال عنهم أنهم حديثوا عهد بكفر أو إن لهم علاقات أو جذور وثنية، كما بايعتم بعض الإخوة من السّودان وغيره، ما هي حجّتكم في دفع من خرج من السعوديين في الدعوة لأربعة أشهر ثلاث سنوات متتالية إلى البيعة بواسطة بعض مريديكم من العرب والعجم؟ ويقال هذا عمن بايعكم من أي بلد مسلم آخر.

تتحدثون عن ردّكم لما يخالف العقيدة من قول أو عمل أو كشف أو كرامة، وبماذا تسمّون دعاء الرّسول صلى الله عليه وسلم في مقابل قول الله تعالى: {فلا تدعو مع الله أحداً}، أو الاستعانة بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا يملكه إلا الله في مقابل قول الله تعالى: {إياك نستعين}، وخرافة الرفاعي الذي يؤكد (تبليغي نصاب) وهو من صلب مادة الدّعوة خارج البلاد العربية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مدّ يده من قبره ليقبّلها بناء على طلبه على مشهد من تسعين ألف مسلم، أعوذ بالله من زيغ العقل ومن الضلال عن صراط الله وسنة رسوله.

ولا تجدون غرابة في استشارة مسلم في أقصى الأرض لكم قبل زواجه أو تغيير وظيفته أو بيته أو دراسته، وأنا أسألكم كيف يعرف من في الهند ظروف من في إفريقيا مثلاً إلاّ أن يكون ذلك بطريق الاعتقاد بالكشف والكرامة والقداسة  وعلاقة المريد بشيخه الصوفي، وهذه واحدة من الممارسات الصوفية التي وصلت إلى مجتمعنا بطريق الدّعوة سواء كان ذلك ببيعة أو بدونها إضافة إلى تداول الخرافات وتقديس رأي المشايخ وتصديق أضغاث الأحلام بدلاً من الرّجوع إلى الشرع وعلمائه أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يلزم صحابته وهم لم يلتزموا بمثل ذلك كان أحدهم يتزوج دون استئذان ويصلح بيته دون استئذان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهادي المتقين وهم في نفس القرية الصغيرة وعندما يعرف شيئا عن ذلك يقول لأحدهم: «ألا بكراً تلاعبها وتلاعبك»، وللآخر: «الأمر أعجل من ذلك»، أما في أمور الشريعة فلا يصدرون إلا عن كتاب أو سنّة ولا قداسة لرأي صحابي أو تابعي لا يؤيّده النّص

وأستغفر الله لي ولكم وتشبيهكم بيعة الطرق الصّوفيّة ببيعة الصّحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، رسول الله هو المبلّغ لرسالة الله وهو المعصوم في هذا التّبليغ، وهو إمام المسلمين وسيدهم وقدوتهم وقائدهم، ولكن هل سمعت أن الصحابة أو التابعين أو صالح سلف هذه الأمة بايع أحداً منهم إمامه أو غير إمامه على أربع طرق أو أقل أو أكثر؟ ألم تعلم بنهي النبي صلى الله عليه وسلم وزجره ووعيده لمن خرج عن بيعته لإمامه أو من بايع بيعتين؟ كيف وقد أخبرنا أحد تلاميذكم أنه طلب البيعة منكم فأجبتموه أن سيره على طريق الدّعوة بيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى هذا لا حاجة به لأن يبايع غيره، لماذا لم تكن هذه إجابتكم لغيره؟

هذه إجابتي لرسالتكم وإن رغبت في معرفة رأيي في الخير الذي ساقه الله إلينا جميعا عن طريق الدّعوة فاقرأ ردّي على فتوى لجنة الافتاء في الرئاسة.

ولو عرفت أن سعيي إليك سيساعدك على إعادتك النظر في المخالفات التي ذكرتها هنا لبادرت إلى ذلك، وأتقرب إلى الله بما أقدمه في سبيل إزالة الخلاف من صفوف الدّعوة والعقبات من طريقها سواء كان ذلك في الدفاع عنها أو بيان أخطائها لأهلها.

وأرجو الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وأن يرزقنا وإياكم كلمة الحق والعدل في الغضب والرضى، وأن يجنبنا وإياكم الكبر ومن أبشع صوره ردّ الحق بعد ما تبيّن حتّى لا يضعف المقام الشخصي أو المركز الرئاسي، فيصبح الهوى إلهاً مطاعاً، وأكرر عزمي بإذن الله على الاستمرار في الخروج في الدّعوة ومناصرتها وإقرار الحق ورد الباطل فيها، والله وليّ التّوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1)

من سعد الحصيّن إلى إنعام الحسن [1] [البيعة على الطرق الصوفية عند جماعة التبليغ المحدثة]

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.

الرسالة رقم/237 في 1404/10/17هـ.