من سعد الحصين إلى فهد المبارك [انحراف مجلة الأسرة عن طريق الوحي]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى أخي في الدّين وفي وطن الدّعوة إليه على بصيرة/ فهد المبارك بارك الله لنا وله في الأعمال الصالحة وفي المال والأهل والولد.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فقد تلقيت رسالتكم المؤرخة 1418/9/2 وفقكم الله لهداه.
وآمل ملاحظة ما يلي:
1) أعرف وقف هولندا وأعرف أمناءه، ومنهم شقيقي وشريكي في الدّين والدّعوة، ومتاع الحياة الدّنيا والنّظرة إليه، وأعدّه من نعم الله عليّ في ذلك كلّه. ولم أتكلم عن نشاط الوقف لبعدي عنه و: (أمانة النقل في هذه الأيام تحتاج إلى مراجعة) كما تقولون.
ولكني أحكم على ما بين يديّ: (مجلّة الأسرة)، وبالذّات على ثلاثة أعداد وصلتني منها دون سعي إليها أو بحث عنها، ولعلك قرأت ملاحظاتي عن عدد رجب 1418، وقد أرسلتها قبل يومين.
2) تعتذرون عن عدم نشر توحيد العبوديّة والتّحذير من الشرك بأن جمهور المجلة أكثر في الخليج (وليسوا مدمنين على زيارة الأضرحة ودعاء الأموات). وللأسف فهذا عذر فاسد لا يعتذر به إلاّ جاهل بحقيقة الدّعوة على منهاج النبوّة وبحقيقة الواقع، وحاشاكم أن تكونوا كذلك. فإن عددا كبيراً من مواطني دول مجلس التّعاون الخليجي (خاصّةً الوافدين من بلاد الشرك وما دونه من الابتداع عرباً وعجماً معلّقة قلوبهم بأوثان الأضرحة في بلادهم والحج إليها خارجها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذّر من ذلك في خير أزمنة الاسلام والمسلمين، ومجلة الأسرة مقروءة في بلاد المسلمين التي تبنى وتُقدّس فيها الأوثان وبينها الجمهوريات الاسلامية التي يقوم عليها أو يقيم فيها المفكرون والحركيّون الاسلاميّون، وفي بلاد الشام والعراق ومصر وغيرها.
3) تفضّلتم مشكورين بتقديم نموذج لما يجب أن تكون عليه رسائلي للمجلّة: (إخواني القائمين على مجلّة الأسرة..) إلخ. واعذروني إذا لم أَعِد بالالتزام بذلك؛ فبعد اثنين وأربعين سنة من التخرّج من كلّية الشريعة وبعد عشرات السّنين في التّعليم والدّعوة، بفضل الله، لا تبرأ ذمّتي باحتذاء الأساليب الصحفيّة التي أحذّر من طغيانها على لغة الكتاب والسّنّة وأئمة الهدى في القرون المفضّلة، وإن أعجبت الجهلة وهم الأكثرون.
4) وللمكافأة بالمثل كان عليكم أن تجيبوا السّائلة عن سحر ابنها بما يلي، مثلاً: السّحر حق، وحقيقته خيال، قال الله تعالى: {يخيّل إليه من سحرهم أنها تسعى}، ولا يؤثّر إلاّ بإذن الله كما قال الله تعالى: {فيتعلّمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحد إلاّ بإذن الله ويتعلمون ما يضرّهم ولا ينفعهم}. ولكن لا يجوز مداواته بسحر مثله لأنّ السّحر كفر على أيّ حال لعموم قول الله تعالى عن تعليم السّحر والعمل به: {ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السّحر} إلى قوله تعالى: {إنّما نحن فتنة فلا تكفر}.
أما أن تنصحوا المرأة (ببذل ما تستطيع من الأسباب ومنها: الدّعاء لابنها ونصحه فيما يتعلق بالصلاة) فإن من الأسباب الشائعة بين العوام والمثقفين: الذهاب إلى العرّافين والدّجالين وهو مستطاع، بل هو الغالب.
وما دمتم ترضون بالوالد الشيخ عبد العزيز بن باز حكماً فاذكروا لها رسالته في السّحر، ومن جانبي فسأستجيب لطلبكم إن شاء الله وأرسل لمكتبه نسخاً من رسائلي للمجلة كعادتي فيما لا يستجاب له.
5) إذا ذَكَرَت المجلة أن للمسجد الإبراهيمي (وأسمّيه معبد أوثان أرجو الله أن يدمِّره) مكانة خاصّة في قلوب المسلمين (دون تنبيه إلى مخالفته شرع الله) فهذا منكر ويظهر لي من رسالتك وشكّك في دقّة المعلومات التي ذكرتُها عنه أنك ممن وقع في حبائل الشيطان (وهم الأغلبيّة) فقد قدّست الوثنية ومعبدها.
واطمئن! فقد وقفت عليه وتقرّبت إلى الله بتجنّب الصّلاة فيه.
ولكن مشكلة الصّحافة (ولو سمّيت [إسلاميّة] ولو رغبت في الخير) عدم التّثبت في ركضها لملء الفراغ والرّواج.
وللأسف فقد أخطأت (كما هي عادة أحداث الدّين والدّعوة واتّباع الظّن والعاطفة) فلم تفرّق بين بيت الله الذي طرأت عليه الأصنام (ولا أثر لها على قدسيّته) وبين مبنى للأوثان قدّسه اليهود ثم النّصارى ثم المنتسبون إلى الإسلام فهو مثل مسجد الضرار (بل هو أضرّ) بني على غير تقوى من أول يوم، فلا تجوز فيه الصّلاة فرضاً ولا نفلاً، وهو منكر لابدّ من إنكاره.
وهذه هي (مجلّة الأسرة) التي يفترض فيها أن تنبّه إلى الأخطاء والمسلّمات الشائعة تُعَنْوِن لمقالها عن مآذن فلسطين في عدد محرم 1418 بصورة لقبّة الصخرة ص7وص30 ظنّاً منها أنها المسجد الأقصى (كرّمه الله عنها) الذي تشدّ إليه الرّحال.
وهي مجرّد قبلة يهودية منسوخة ابتدع الاهتمام بها عبد الملك بن مروان لِيَصُدّ النّاس عن المسجد الحرام في حكم ابن الزّبير رضي الله عنه ولم يصلّ عندها عمر ولم يزرها ابنه عبد الله رضي الله عنهما، ولم يُعظّمها أحد من الصّحابة أو التّابعين أو أئمة الفقه في الدّين (راجع مجموع الفتاوى ج27 ص12 و13 و135). وشاع الابتداع بمثل مجلّة الأسرة فأُبرِزَتْ صُوَرُها وصُرف لها التّعظيم والتقديس ونُسِجَت حولها الأساطير. وقد وقفتُ عليها أيضاً. وهذا هو الفرق بيني وبينكم: تطلبون مجرّد النقل ولا أقنع بأقل من نصوص الكتاب والسّنّة وفقه الأئمة الأُوَل أو المشاهدة.
6) الكلام حول تركيا تطبيق للكلام حول تغليب الحركيين الاهتمام بالعاطفة والشكل والشعار السِّياسي على حساب اليقين والفقه والشرع، والغاية (لا تبرر) الوسيلة في الشريعة، ووراء مجلتكم إسلاميّي تركيا فكر حزب الاخوان المسلمين الجاهل بشرع الله والضّالّ عنه.
7) القول بأن التّنفيذيين في المجلّة وكتّابهم حركيّون لا يحتاج إلى علم بالغيب وإنما يكفي فيه النظر إلى قولهم وعملهم منذ نشأت على الضلال إلى يوم القيامة.
وإذا لم يجدوا من علماء الأمة ودعاتها قدوة غير مصطفى السّباعي وحسن البنّا ومتصوّفة حضرموت وعبد اللطيف المشتهري رحمهم الله وأحمد ياسين وحماس هداهم الله، ولم يلتزموا منهاج النّبوّة في الدّعوة إلاّ قليلاً، فهم كذلك. وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.
الرسالة رقم/279 في 1418/9/10هـ.