من سعد الحصين إلى رئيس جمعية السراج المنير الإسلامية [إنشاء معهد شرعي]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى أخي في الله رئيس جمعية السراج المنير الإسلامية. وفقه الله لطاعته والدعوة إلى سبيله على بصيرة.
سلام عليكم ورحمة الله وبركانه.
أما بعد: فقد تلقيت رسالتكم التعميمية حول إنشاء المعهد الشرعي لتدريس القرآن والسنة وسرني أن يتجه همكم ونشاطكم هذا الاتجاه لأن العدوّ الأول الذي يواجه المسلم اليوم وكل يوم هو تعاون الشيطان مع النفس للانحراف عن شرع الله في العقيدة أولاً ثم في العبادات والمعاملات ثانياً.. والواقع الذي يجب أن يدمي قلب كلّ مسلم مخلص متبصّر أن أغلبية المسلمين السّنّة فضلاً عن الطوائف الأخرى قد انحرفوا عن العقيدة الصحيحة فاجتالتهم شياطين الجن وشياطين الإنس من الخرافيّين والمتصوّفة وعلماء الكلام عن الطريق الصحيح السمح الذي مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم وأئمة الاسلام التابعين لهم.. فلا يكاد يخلوا بلد مسلم من ضريح يشرك مع الله في الدعاء والاستعانة والذبح كما فعل المشركون من قبل: {والذين اتّخذوا من دون الله أولياء ما نعبدهم إلاّ ليقرّبونا إلى الله زلفى}.. وحديث ابن عباس في الصحيحين عن قوم نوح.. ولا يكاد يخلو مسجد أو عبادة من بدعة. ثم يأتي الشياطين فيشغلون الدّعاة وخطباء المساجد والمصلحين عن مهمتهم الأولى (تصحيح الاعتقاد واتباع السّنّة والنهي عن البدع) بالمشاكل الدّولية والعلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين المسلم وغير المسلم الأمر الذي يعرف عدوّ الله أنه لا قبل للمسلم العادي به وأن الحقيقة حوله مختلطة عادة بمبالغات الخطباء والصحفيين وإشاعات العامة والخاصّة.. وأنه لن يسأل عنه في القبر ولا عند الحساب إلا بقدر تأثره به وقدرته عليه (حسب درجات الانكار الثلاث) وبعد أن يحاسب ويسأل عن عقيدته وعبادته..
وعلى هذا فقد سرني اتجاهكم إلى الطريق المحمدي للدعوة ومن سبقه من رسل الله: العقيدة أولاً ثم العبادات ثم المعاملات.. إصلاح النفس قبل الغير وإصلاح المحكوم قبل الحاكم..
ورأيي في بداية المعهد أن تكون بسيطة في المسجد أو أيّ مكان حتى يظهر إقبال كاف يطمئن على الاستمرار فيه.. أما لو بدأ بداية أكبر ببناء أو استئجار بناية له وصرفت رواتب للمدرسين أو الطلاب فسيكون معرضاً أكثر للتوقف لأسباب مالية فضلاً عن احتمالات الاقبال على الدراسة في معهد لا يضمن شهادة دراسية مقبولة (وبالتالي) ولا وظيفة: الهدف الأساسي لطالب العلم المعاصر.
وأرجو التفضل باطلاعي على ما يجد في الأمر. جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.
الرسالة رقم/182 في 1408/8/29هـ.