من سعد الحصين إلى زكريا المصري [2] [ملاحظات على رسالة أهمية التوحيد وخطر الشرك]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى أخي في الدّين/ الشيخ زكريا بن عبد الرزّاق المصري رزقه الله العلم النّافع والعمل الصالح.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فإشارة إلى رسالتي لكم قبل عام برقم3 في 7/1/16 حول مؤلّفكم: (أهمية التوحيد وخطر الشرك)؛ إليكم ملخّصاً لملاحظاتي عليه:

1) سرّني اهتمامكم ببيان التّوحيد والدّعوة إليه وبيان الشرك والتّحذير منه: أساس الرّسالة من الله والدّعوة من رسله.

2) وأعجبني اهتمامكم – في هذا الزمن بخاصة – بطاعة وليّ الأمر، ولو كان فاسقاً أو ظالماً، مالم يأمر بمعصية أو يظهر بكفر بواح. والأمّة، والشباب بخاصّة، في حاجة إلى أن يعوا ذلك.

3) لا يروقني العدول عن لغة القرآن والسّنّة إلى اللغة الصّحفيّة السّائدة، وبخاصّة في تعليم التّوحيد وأحكام الشريعة عامّة. ويبدو لي أنك سلكت هذا السبيل تيسيراً للفهم، ولكن الله أعلم بما يُصلح عباده.

4) التّحليلات السّياسية وفهم الواقع أمور ظنّيّة لا يجوز ادخالها الى العلوم الشرعية اليقينية وأهمها التوحيد، فذلك حريّ بأن يفصلها عن مراجعها الصحيحة: الوحي، وفقه الأئمة الأول في نصوصه.

5) معرفة المؤلّف الظّنّية بالفلك لا يجوز اقحامها في هذه المرتبة العليا من العلم الشرعي اليقيني، وربط الكتاب والسّنّة بالإدراك العصري القاصر لأسرار الكون من أخطر أمراض العصر.

6) فسَّر المؤلّف توحيد الألوهيّة بمعنًى بين الحاكميّة والرّبوبيّة لا يظهر منه للقارئ: وجوب إفراد الله بالعبادة: ركيزة التّوحيد. بل بدا لي أنّه تجنّب لفظ: العبادة والعبوديّة وإفراد الله بها في الفصل الثاني (توحيد الألوهيّة) في محاولة للتّجديد لا أرى مسوّغاً شرعياً لها.

7) إلحاق آيات الصّفات – في المبحث الثالث – بالمتشابه نسفٌ لتوحيد الله بصفاته. كيف لا يجوز التّعرّف على معاني صفات الله. أنعبد إلهاً لا نعرفه؟ المحظور: محاولة معرفة الكيفية التي حجبها الله عنّا لا المعنى الذي أمرنا الله بتدبّره كما يتبيّن من الآية: {ليس كمثله شيء وهو السّميع البصير} وكما يتبيّن من كلام مالك رحمه الله – وقد أوردتَه – : الاستواء معلوم والكيف مجهول. قال الله تعالى: {أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوب أقفالها}.

8) يظهر لي – إن لم أكن أسأت الفهم – أن المؤلف تجاوز حدود الشرع والعقل في اتّهامه الدّعاة الذين يحاولون بيان وجه الحقّ في توحيد الصفات بأنّهم «عملاء لأعداء الأمّة مدسوسون عليها. يقومون بالتّخذيل عن اسرائيل عبر اثارة الخلاف العقائدي. ولن ينفعهم ان يقسموا ألف يمين على براءتهم». (المطلب السّابع) {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن}. وعلم ما في الصّدور ومنه النّيات لله وحده. 

9) فكرة (المرجعيّة) وموافقة الأقلّية ومعارضة الأكثرية لها لا يجوز ادخالها في توحيد ولا حكم شرعي. (المطلب السّابع).

10) استدرك المؤلف جزاه الله خيراً ما فاته في تعريف توحيد الألوهيّة؛ فبيّن أنّ الشرك في الألوهيّة هو الشرك في العبادة. وبيّن أنّ الدّهريّين كفروا بربوبيّة الله تصحيحاً لما سبق من أنّه لم يُعرف الكفر بالرّبوبية قبل ظهور ما يسمّى بالشّيوعية الإلحادية.

11) ذكر المؤلف في المبحث الثالث في الشرك عن التبرّك: أن «اتخاذ الآثار الدّينيّة للذّكرى مباح مالم تكن ذريعة للوقوع في المعنى الممنوع شرعاً فتحرم». (المطلب الرابع المبحث الثالث في الشرك) وليس في العبادة مباح. ومن ناحية أخرى: لا شكّ أن التّبرك بآثار الصّالحين أكبر ذريعة للشرك منذ أشرك قوم نوح عليه السلام. ولا يجوز فتح باب يفضي إلى الشرك ولا شك. وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن في 1417/2/1هـ.