من سعد الحصين إلى عبد الله محيي الدين مكاوي [منهجي في الدعوة]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى أخي في الدعوة إلى الله على بصيرة الشيخ/ عبد الله محيي الدّين مكّاوي وفقه الله لطاعته وخدمة دينه ونصرة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فمع أني لم ألتق بك بعد، فان ما وصلني عنك يبشّر بالتزامك منهج النبوة في الدّعوة الأمر الذي زهد فيه معظم الدّعاة والوعاظ والمصلحين والمرشدين فرادى أو جماعات أو طرق أو أحزاب أو طوائف، متطوعون أو منتدبون من قبل ولاة أمر المسلمين.
وعندما انحسرت الحرب الأهلية في لبنان وصلت إليها بعون من الله ثم من الأخ أحمد.
منهجي في الدّعوة: العضّ بالنواجذ على سنّة النبي صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين وأئمة المسلمين في القرون الثلاثة المفضّلة: توحيد العبودية أولاً، وقبل وفوق كلّ أمر، ثم العبادات ثم المعاملات الشرعية كما وردت في الكتاب والسّنّة وفهم الأئمة.
وبلغ بي الحرص على هذا المنهج إلى النفور من كلّ جديد في الوسائل فضلاً عن المناهج.
ولكني وجدت الأخ/ أحمد وقليل من الشّباب معه ملتزمون بالعقيدة الصحيحة والسنة على قدر علمهم وبالدعوة إلى ذلك ولو على ضعف، فكلّنا مقصّر وكل ابن آدم خطّاء نستغفر الله.
وجدتهم كالعادة في لبنان محصورون في حدود مجموعتهم وعلمهم وعملهم تحت شعار جمعية النور والإيمان وهي اسم بلا جسم.
وجمعية التقوى للدفاع المدني.
وبدا لي أن فكرة وجود إذاعة في لبنان لعلوم الشريعة سوف يحرك نشاط هذه المجموعة، ونشر العلم الصحيح والدعوة الصحيحة بينهم، وبين شتات الجمعيات والجماعات المتنافرة.
وظهر لي أثناء التنفيذ أن الإخوة تنقصهم البصيرة في اختيار أشرطة دروس العلم الشرعي وانتقائها من بين أشرطة الوعظ والفكر الاسلامي والثقافة الإسلامية والشعر الإسلامي إلى آخر المنظومة (الإسلامية) غير الشرعية.
وعذرهم في ذلك ضعف فقههم للدين من جهة، وحرصهم على اجتذاب المستمع وقبوله وثنائه من جهة أخرى.
حاولت أن أربطهم بالإخوة في فرع (وقف هولاندا) ولكن الاهتمام بالسّيطرة على المشروع أحبطت المحاولة وهي الوحيدة للإصلاح فيما أعلم حيث يتوفّر للوقف الأشرطة وطلاب العلم في مستوى أفضل وإن لم يكن الأفضل.
وقد تأخّرت عودتي إلى لبنان لظروف يعرفها الأخ أحمد ولم أكره ذلك لأني عندما أصل يحرجني الإخوة بالطلبات المالية لتمويل تعديلات وتبديلات وتوسيعات للمشروع متلاحقة وأنا غير راض عن الاتّجاه الذي نسير فيه مندفعين بالعاطفة والحماس أكثر من الفقه في الدّين والالتزام بالمنهج اليقيني الذي لا يضره قلة سالكيه.
والفرق بيني وبين الإخوة أنهم يهتمون بالنتيجة وأنا لا أهتم إلاّ بالمقدمة أما النتيجة فبيد الله وحده: {وما آمن معه إلاّ قليل} بعد {ألف سنة إلا خمسين عاماً} من دعوة أول أولي العزم من الرسل، «ويأتي النبي وليس معه أحد…» ومن سعى إلى النتيجة أخلّ بالمنهج ولا بدّ طلباً لسرعة النتيجة، واقرأ ملاحظات سيّد قطب رحمه الله في ظلال القرآن على آية: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيته} في سورة الحج في إشارة منه إلى انحراف منهج (الإخوان المسلمين) ومن نهج نهجهم، وقد وفق، في رأيي، توفيقاً نادراً خاصة بالنسبة لمثله من حيث قلة العلم ومن حيث التحزّب وبالتالي صعوبة تمييز الحقّ من الباطل.
وبعد هذا كله فإني أرى أن تتوكل عني في الإشراف على نشاط الإخوة عامة والإذاعة خاصّة مع استمرار محاولتي جمع الاخوة دعاة السّنّة الصحيحة على كلمة سواء.
وإن شاء الله سأكون في لبنان خلال شهر من تاريخ هذه الرسالة وأرجو أن تكون خلال هذا الوقت قد اطلعت على الوضع الحالي ودرسته من جميع جوانبه وكوّنت رأياً فيه نتدارسه معاً بعد وصولي إن شاء الله.
سلامي للأهل جميعاً والشيخ أحمد خاصّة والله المسئول أن يوفق الجميع لما يحبه الله ويرضاه ويلهمهم من أمرهم رشداً.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.
الرسالة رقم73 في 1414/5/25هـ.