من سعد الحصيّن إلى عبد الله مصلح [الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين]

 بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى أخي في الدين الشيخ/ عبد الله مصلح أصلح الله أحواله ومآله.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فلم يتهيأ لي الوقت لأبيّن لك (عند لقائنا في المسجد الحرام قبل بضعة عشر يوماً) أنّ ما خِفْتَ أنت منه بطبع كتابي: (حقيقة الدّعوة إلى الله تعالى) قد أشيع من قبل الحزبيّين والحركيّين والفكريين الإسلاميّين. أنّه وقع بتولي أحد ولاة أمر الأمن في دولة التّوحيد والسّنّة نشرها.

وكما أشرت لك من قبل: هذا لا يسوءني بل يشرفني، فعندما كتبْتُه لم أهتمّ بطبعه ولا نشره لعامة الناس، وإنما كان يهمّني أن يطلع عليها فئتان:

1) ولاة الأمر في دولة التوحيد والسّنّة، حفظها الله قدوة للمسلمين في كلّ مكان، تذكيراً لهم بأن ضابط الأمن والبقاء الأوّل والأهمّ في هذا المجتمع هو الدّعوة إلى الله على بصيرة؛ الدّعامة التي قامت عليها الدولة في مرحلتها الأولى والثانية والحاضرة وتوحّد عليها الشعب السّعودي بعد التفرق وشبع بعد الجوع وأمن بعد الخوف.

2) الدعاة إلى الله ليحافظوا على المنهج النبويّ وينبذوا المناهج البشرية التي أخذت تغزو جزيرة العرب بدعايتها الحركيّة والحزبيّة والفكرية والعاطفية وتجتذب أبصار الأغرار ببريقها الزائف، وأخذ المنتمون إليها يتخطفون مراكز الدعوة في الجامعات والمؤسسات الدّينيّة والتعليمية الأخرى: المساجد والمدارس والمعاهد والجامعات وغيرها.

وأعجب من قوم نَبَتَ لَحْمُ أكتافهم مما منّ الله به من نعم الدنيا على هذا المجتمع، وتعلموا الدّين الحقّ في معاهده، ورأوا بأعينهم وعاشوا بكلّ حواسّهم ما ميّزه الله به من نعم الدّين والدّنيا، ثمّ هم يعدّون مؤسساته الأمنيّة خطراً على دينهم ودنياهم، وبالمقابل يوالون دولةً [اليمن] يتّحد فيها الحزب (الإسلامي) بالأحزاب العلمانيّة بغية الحصول على نصيب في السّلطة، يهدمون مصنع الخمر لأنّ الدّولة وأغلبية الناس يريدون أولا ينكرون هدمه، ويتبرأون من هدم وثن العيدروس الطاغوتي لأن الدّولة وأغلبية النّاس لا يقبلون مفارقته، وهم يوالون دولةً [السّودان] يحكمها الفكر الفردي (الإسلامي) ولا يحكم فيها الوحي وفقه الأئمة الأُوَل لنصوصه، تبني فيها الدّولة أوثان الأضرحة بأموال الشعب وتحتفل بحضرات الصوفية وتدعو البابا وتستقبله بصليب يرتفع بضعة عشر متراً تعلوه صورة تمثل المسيح مصلوباً في مخالفة صارخة لدين الإسلام ووحدانية الله ونصوص الكتاب والسّنّة، والحزب الإخواني المبتدع الذي يواليه أبناء العقوق وينتمون إليه؛ ألم يوال دولة (صدقي) ويعادي دولة (النقراشي) وكلّ منهما يقوم على حكم القانون الوضعي، في بداية حركته غير المباركة؟ ألم يعاد البعث السّوري ويوالِ البعث العراقي أسوأ منه على دين المسلمين ودنياهم، في الماضي القريب؟ ألم ينفخ في نار فتنة العراق (لا أعادها الله على المسلمين) كما نفخ الوزغ في نار ابراهيم عليه السلام، ولا يزال خطباؤه يدعون الله في خطب الجمعة أن يحرّر المسجد الحرام من احتلال اليهود والنصارى تصديقاً لخرافة الكيلاني الاخواني: أن مفتاح الكعبة بيد مجنّدة أمريكية؟ ألم يصرفوا أموال المخدوعين من أثرياء هذا المجتمع القدوة في انتخابات رئاسة البلدية ليتولى مرشحهم (من بين مهماته) ترخيص مباني مصانع الخمور والكنائس والأضرحة ومزرعة الخنازير، وليتولى أحد قادتهم وزارة العدل والقيام على محاكم القوانين الوضعيّة في الأردن، ويجيز ممثلوا في مجلس أمّته تجنيد البنات للجيش؟ أين هذا الحزب الضال من دولة الإسلام التي أسست على الدّعوة إلى التوحيد الخالص وهدم أوثان الشرك والدّعوة إلى السّنّة الصحيحة ومحاربة البدعة، قبل مائتي سنة ثم قبل سبعين سنة؟ مَنْ غيرها يمنع التبرج والفحش ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟ ومن غيرها يقيم مؤسسات الدّعوة إلى الله على بصيرة في الدّاخل والخارج؟ ومن غيرها يمنع وثن الضريح وزاوية التصوّف؟ أين الولاء والبراء؟ وأين العدل والقسط؟ وأين الوفاء وشكر النّعمة؟ وأين تحكيم الشرع والعقل؟ هذه بعض نتائج الدعوة المنحرفة المبنيّة على الظّن والعاطفة والهوى: {إن يتبعون إلاّ الظّن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى} .

خالفني في منهجي ورسالتي في الدّعوة على بصيرة والتحذير من مناهج الدعوة المبتدعة (إسلاميّ) آخر أَعُدُّ إعلانه مخالفتي شرفاً لي في الدّنيا والآخرة، فأنا لا أوافقه في هجرته من بلد التوحيد إلى [انكلترا]، ولا أوافقه في محاولته إثارة الفتنة في خير دولة على وجه الأرض لله الحمد والمنّة، ولا أوافقه في الانتماء بجواز سفره الجديد إلى دولة تحمي الشرك والبدعة باسم الإسلام، ولا أوافقه في بيع نفسه لمن يموّلون نشاطه التخريبي، ولا أوافقه في الولاء لحزب علّمه ألاّ يأمر بالتوحيد ولا ينهى عن الشرك ولا يأمر بالسّنّة ولا ينهى عن البدعة، بل يبذل جهده في حركة ليس فيها بركة تنتمي إلى (الإسلامي والإسلامية) وليست من الإسلام في شيء بل ابتدعها الشيطان لتشغل الناس وتبعدهم عن الدّين الصحيح والدعوة إليه.

ولا أوافقه في نزع يد الطاعة ومفارقة الجماعة والخروج على من ولاّه الله أمره.

أنصك يا أخي وأنصح كلّ مسلم بما نصحت به نفسي من التمسّك بالوحي اليقيني ونبذ الفكر الظنّي، بما في ذلك مسألة (الإعجاز العلمي في القرآن) التي حصل بها الحزبيون الإسلاميون على موطئ قدم آخر في رابطة العالم الاسلامي وأنزلوا بها القرآن من اليقين إلى الظنّ ومن الوحي الإلهي إلى الفكر العلماني وليس فيهم عالم بالشرع ولا بالنظريات العصرية. وأنصح بالتمسّك بمنهاج النبوّة المعصومة ونبذ المناهج البشرية المنحرفة عنه. وأنصح بالسّمع والطاعة لمن ولاّه الله الأمر «وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك» كما قال صلى الله عليه وسلم، مع أنّنا ولله الحمد والمنّة أبعد النّاس عن الاعتداء على الظّهر والمال: قارن بلدك القديم أو أي بلد آخر بالسّعودية في أيّ أمر ديني أو دنيوي واشكر نعمة الله عليك ثم اشكر ولاة الأمر وانصحهم وادع لهم، وإنك لتعلم فضل الله بهم على هذه البلاد بل على المسلمين لو استعملت ميزان العدل، فلو ذهب وازع السّلطان؛

ألا تقوم أوثان القبور مرّة أخرى كما قامت أكثر من مرّة في عهد (الخرافة العثمانية) في الماضي وعهود (الجمهوريات الإسلامية) في الحاضر؟

ألا تفتح المسارح والملاهي؟

ألا تفتح المحلاّت التّجارية في وقت الصّلاة كما يريد ويفعل الأغلبية؟

ألا تبنى الزوايا الصوفية؟.

وفق الله الرّاعي والرّعيّة في كلّ بلد مسلم لما يحبّه الله ويرضاه وهداهم لأقرب من هذا رشداً.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن عفا الله عنه.

الرسالة رقم189 في 1415/10/27هـ.