من سعد الحصين إلى شركة الراجحي [امتطاء الحزب الإخواني لمؤسسات وأموال الراجحي]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى فضيلة الأخ/ الأستاذ الراجحي وفقه الله لطاعته وجنّبه معصيته.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فإنّ من المشروعات التي تموّلونها رغبة في الخير، إن شاء الله،: معهد الفكر (الإسلامي) العالمي في أمريكا، وفرعه: الجامعة الإسلامية في ماليزيا [إضافة إلى الندوة العالمية للشباب التي اغتصبها حزب الإخوان الضال من أوّل يوم وغيرها].

والقائمون عليهما من دعاة الفكر (الإسلامي)، ولا نتّهم نيّاتهم، لأن الله اختصّ بعلم ما في الصّدور، ولأن أغلب العاملين يريدون الخير والهداية، حتى المشركين الذين لم يقبلوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم قال الله عنهم: {إنهم اتّخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون}.

ولكني أخشى على مستقبل الإسلام والمسلمين من مثل هذين المشروعين أكثر مما أخشى من المؤسّسات المخالفة للإسلام المضادّة له. لأن الأولى مقبولة من أغلبية المسلمين لمجرد وصفها بالإسلامي والإسلامية، والأخرى مرفوضة من جميع المسلمين لإعلانها العداء للإسلام أو مخالفتها له. وأعظم الخطر ما يأتي من مأمن.

الإخوة القائمون على المعهد والجامعة يصفون أنفسهم بالمفكّرين، ويصفون عملهم بالفكر، وإلى هنا فهم صادقون.

ولكن نسبة هذا الفكر للإسلام أو العلم هي الكاذبة.

فرق بين الفكر والعلم الشرعي، وفرق بين المفكر والعالم؛ الفكر يرجع إلى الهوى والظّن والاستحسان، والعلم الشرعي يرجع إلى كتاب الله وسنة رسوله وفقه الأئمة من علماء المسلمين في القرون الثلاثة خاصة، ومن سار على نهجهم.

وليس في المعهد ولا الجامعة ولا النّدوة ولا الحزب عالم شرعي واحد يوثق بعلمه في الاعتقاد والعبادة أو المعاملة أو الدعوة الشرعيّة.(1)

وإنما هم أفراخ حزب (الإخوان المسلمين) الذين نفخوا في نيران الفتن المنسوبة إلى الدّين في أغلب بلاد المسلمين، وأوغروا صدور الرّعاة على الرّعيّة، وخوّفوهم من المتديّنين والدّعاة إلى الله.

وهم يمتطون مؤسساتكم وأموالكم لبناء امبراطورية الحزب، وهذا أمر هيّن مقارنة بالخطر الأكبر الذي يعلن عنه المعهد والجامعة؛ وهو العدول عن العلم الشرعي إلى الفكر الجديد في تقديم الدّين للمسلمين، فالأول يصلح للأولين، والثاني للأجيال الحاضرة والمقبلة، ولقد وقفت على رسالة لمدير المعهد يعلن فيها أنه سيُغْرِق السّوق (الإسلامي) بهذا الفكر، مستدلاًّ بأن الله تعالى وجّه خطابه في القرآن إلى المؤمنين وإلى النّاس.. الخ.، والنّاس قد تغيّروا.

ولا أدري كيف وصل به الفكر (الإسلامي) المبتدع إلى هذا الدّرك فأفهمه أن مخاطبة الله في كتابه لمختلف أنواع البشر دليل على أن آخر هذه الأمة لا يصلح بما صلح به أوّلها؟ وأن تغيّر الظّروف يسوّغ تغيير المنهج الشرعي، وانحراف الأحزاب (الإسلامية) عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلّم مصيبة، ولكن المصيبة الأكبر أن ينشر هذا الانحراف بأموال أهل الفطرة في بلد التّوحيد والسّنّة.

ويفرح الشّيطان أعاذنا الله وإياكم منه بما وصلنا إليه فيوجد سبباً لاستمرار هذا الفساد بواسطة تبادل المصالح، فالفكر مستعدّ لإيجاد فتاوى (إسلامية) في تصريف الأموال لا يقدّمها العلم الشّرعي، إضافة إلى ما سبق من اختيار بعض العلماء أو أبنائهم المخدوعين مع المفكّرين والحركيّين والحزبيّين لمجلس الادارة أو الهيئة الشرعيّة (زعموا).

وأتساءل ما فائدة هذا التكاثر زيادة على ما يستمتع به المسلم في حياته الدّنيا أو يدّخره لحياته الآخرة؟ إنما هي أوزار يحمل همّها في حياته ويعسر حسابها – بقدرها – بعد مماته.

أرى أن تحتاطوا لدينكم وأمانتكم ومآلكم وتستشيروا غيري (في هذا الأمر) وغير المحيطين بكم والعاملين معكم فكلّهم من الحزب أو الموالين له إلاّ من شاء الله.

اللهمّ قد بلّغت فاشهد، واهد الجميع لأقرب من هذا رشداً.

وفقكم الله، وسدّد خطاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) وآخر ما اكتشفه أبو سليمان ونشره توتونجي: فكرة توزيع أيام الحجّ على أشهر الحج وعدم حصر الحج في يوم عرفات إلى آخر أيام التّشريق لاستيعاب عدد أكبر من الحجاج، ولا عجب فالفكر لا يؤتمن على دين ولا دنيا.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.

الرسالة رقم80 في 1415/4/9هـ.