من سعد الحصين إلى مانع الجهني [1] [العقيدة أوّلاً لو كانوا يعلمون]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الله/ الشيخ مانع الجهني الأمين العام للندوة العالمية للشباب الإسلامي وفقه الله لطاعته والدعوة إلى سبيله على بصيرة..

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1) عنواني مذكور أعلى هذه الرسالة وما سبقها، واللويبدة بعده هي حي آخر (غير الشميساني) لم يسبق لي سكناه.. ولكن الخلط والتناقض في العنوان ليس مهمّاً إذا قيس بالخلط والتناقض في محتوى الرسالة دلّنا الله وإياكم علي الحق وهدانا وإياكم لأقرب من هذا رشدا.

2) أرجو إزالة اسمي من قائمة التهنئة بالأعياد فهذه عادة غير شرعية تأخذ وقتا وجهدا ومالاً يجب أن يصرف في طريق أصحّ بالمقياس الشرعي الوحيد للدعوة: منهج النبوة الذي كان عليه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

3) الاجابة الخطّيّة في رأيي خير من النقاش الشفهي لأن الأُولى تُعْطي مجالاً أوسع لدراسة الرأي وتوثيقه قبل عرضه لأهمية هذا الأمر العظيم الذي أثار هذا الاتصال الذي أرجو الله أن يحسن قصده وخاتمته وأن يرينا وإياكم الحقّ حقّاً ويرزقنا وإياكم اتباعه دون تحيّز لرأي أو حزب أو منهج إلاّ منهج النّبوّة في 1) الدين و2) الدّعوة إليه.. فنحن قد كفينا في الأمرين وليس لنا أن نبتدع فيهما رغم تغيّر الحال والزمان والمكان.. {قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتّبعني} و:{وشرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدّين ولا تتفرّقوا فيه…}..{ولقد أرسلنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} هكذا رغم الفارق في كلّ الظروف بين زمن نوح وزمن محمد عليهما الصلاة والسلام..

4) لقد أظهرت لي رسالتكم الحدّ المحزن الذي بلغه بعض أبناء جزيرة العرب وبعض المؤسسات الرّسمية أو شبه الرّسمية التي تقوم في بلاد التوحيد وتموّل من قبل دولة التّوحيد من جهل بدعوة التوحيد وانحراف عن منهجها وتأثّر بمناهج الحركات الحزبية المبتدعة التي ترفع شعار الاسلام وتغزو جزيرة العرب تطلب ما منّ الله به عليها من الدّنيا وترفض ما منّ الله به عليها من الدّعوة على منهج سيد المرسلين.

5) اعترفتم بأن الندوة (منذ نشأتها)(لم تعقد مؤتمراً (واحداً) حول تصحيح العقيدة والسّنة).. واعترفتم بأن الندوة (منذ نشأتها) (لم ترفع راية الإعلان عن التوحيد ومحاربة البدع).. وإدراك الخطأ والاعتراف به أول مراحل الاصلاح لو رأيتم الباطل باطلاً.. ولكنكم ترون الباطل حقّاً هدانا  الله وإياكم.. وهذا ما جناه (الفكر الإسلامي) على من استبدله بشريعة الله فاستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير وأضلّه السّراب (مناهج البشر المبتدعة) عن الماء الزّلال (منهج النبوّة).

وهذا ما جناه انتقال زمام الدّعوة إلى الله من علماء الشرع إلى المثقفين والمفكرين والكتاب والحركيين (الإسلاميين) وشرّهم حزب الإخوان المبتدع.

6) قررتم أن (من طبيعة عمل الدّعوة ألاّ تركز على بعض الموضوعات  [التوحيد] بذكرها بأسمائها) مخالفين جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.. فقد (ركّز) عليها كلّ الرّسل دون استثناء: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} وذكروا هذه (الموضوعات) بأسمائها وفهم من أرسلوا إليهم ذلك فقالوا: {أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا}..{أجعل الآلهة إلهاً واحداً} واعتبروا ذلك سبّاً لآلهتهم وتسفيهاً لأحلامهم.

7) قررتم أن (أفضل تأثير يأتي بشكل غير مباشر).. وحسبتم أنّ (الدعوة إلى التوحيد وتصحيح العقيدة بطريق غير مباشر قد يكون أنفع في هذا الوقت).. أستغفر الله لي ولك ولكل مسلم موحّد.. أخشى أن يبلغ مثل هذا الكلام درجة المحادّة والمشاقّة لله ولرسوله.. فإن أصغر طلاب العلم الشرعي يعرف/ من نصوص الكتاب والسنة المحكمة أن الدعوة إلى التوحيد تكون مباشرة وصريحة ومقدمة على غيرها وأن شرع الله فيها أقرب إلى الشدة والتضييق.. وفي بقية أمور الدين أقرب إلى السّعة والتيسير.. وإن فَهِم أكثر المسلمين اليوم وعملوا عكس ذلك.

قال الله تعالى: {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.. وقال في الحديث القدسي: «يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم أتيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة».. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حق العباد على الله أن لا يعذّب من لا يشرك به شيئاً». وبيّن الله لرسوله طريق الدّعوة الصحيح: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين} وهو أولى بين المسلمين.

8) وبأمر الله (ركّز) النبي صلى الله عليه وسلم على العقيدة وبدأ بها كما فعل كل نبي قبله.. واستمرّ على ذلك ثمانية أعوام قبل أن تفرض الصلاة.. ولم يضعف (التّركيز) عليها بعد ذلك حتى كانت موضوع آخر خطبه وآخر كلماته قبل الموت وبين خيرة المؤمنين من الخلفاء الراشدين وآل بيته وصحابته، وكان يبايع عليها أصحابه في المدينة.

وكانت كلّ خطبه يوم الجمعة موجهة لبيان أحكام العقيدة وشرائع الدّين مما لا يدخل في دائرة اهتمام الندوة.. ولا شكّ عند كل ذي بصيرة في دين الله والدعوة إليه أن أهم مشكلة تواجه المسلمين (في هذا الوقت): فساد المعتقد والابتداع في الدّين فلا يوجد بلد مسلم خارج هذه الجزيرة إلا وفيه مسجد بني على وثن وطرق صوفية ضالّة وعبادات لم يأذن بها الله.. وغير بعيد من مركز الدّعوة (خارج جزيرة العرب) يتعبّد (المسلمون) بالشرك: الذبح عند القبر والحلف عنده (شرطاً – رسمياً – في قبوله).. التنافس على المقامات (الأوثان) بين المسلمين والنصارى واليهود. وليس الأمر مقصوراً على العوام.. فقبل عشر سنوات وقف واحد من اشهر الدعاة يستقبل طائفة البهرة ويحتفل معه بكسوة قبر الحسين بالذهب.. وقبلها بقليل كتب شيخ الأزهر (الحاصل على الدّكتوراه من الأزهر ومن السربون) أن فلاناً لم يكتب عن السيد البدوي إلا بعد أن استأذنه فأذن له.

وهذه مكاتب الدجالين والمشعوذين والسحرة تعج بمرضى المسلمين من كلّ بلد مسلم.

9) قررتم أن (المقصود – من الدعوة – النتيجة وإذا كان رفع الشعار (التوحيد) قد ينفّر بعض النّاس (فلا) ضرورة لرفعه).. أستغفر الله لي ولك ولكلّ مسلم موحّد.. لا شكّ أن رفع (شعار التوحيد) في كلّ رسالة بعثها الله نفر (بعض الناس)  والله يعلم ذلك قبل أن يحدث ولم تختلف سنة الله في بَعْثِه رسله فكان التوحيد هو (الركيزة) وهو نقطة البداية في كلّ حال وكل زمان وكلّ مكان.. ولبث نوح عليه السلام ألف سنة إلا خمسين عاماً.. وما آمن معه إلاّ قليل ويأتي النبي يوم القيامة ومعه الرجل والرجلان ويأتي النبي يوم القيامة وليس معه أحد.. والداعي إلى الله يا أخي ليس مسئولاً عن (النتيجة) فأمرها بيد الله وحده إنما يسأل عن المحاولة على منهج النبي صلى الله عليه وسلم لا عن منهج غيره من البشر..

وعلى فرض أننا مسئولون عن النتيجة فمن الذي أطلعكم على الغيب وضمن لكم نتيجة أفضل للمناهج المبتدعة.. التجربة تثبت فشل هذه المناهج المبتدعة جميعاً.. فحيّ نظام الدّين الذي يقع فيه مركز جماعة التبليغ لم تتأثّر أوثانه (القبور) بدعوتهم بل زحفت القبور إلى مسجدهم.. وأوثان المقامات في مصر لم تتأثر بجماعة الإخوان المسلمين بل قام بعض قادتهم ومنهم المرشد العام يمجّدون خرافات الصّوفيّة ويعظمون المقامات ومناهج الطاغوت.

10) قررتم أن (الدعوة الصريحة للعقيدة الصحيحة والتوحيد) قد ارتبطت (بمناهج فيها كثير من عدم الحكمة وتنفير الناس) هذه هي التهمة التي يقذفها كل صوفي وكل خرافي وكل قبوري وكل منحرف عن منهج النبوّة في الدعوة لإسكات صوت الدعوة إلى توحيد الله وشرعه.

ولو تبصّر أخي وراجع نفسه وتخلص من تأثير الحركات الحزبية المبتدعة لأدرك أن الدعوة الصريحة للعقيدة الصحيحة والتوحيد هي الحكمة سواء قبلها البشر أو نفروا عنها.. ولو بحث أخي لم يجد دليلاً على ما يقول.. ولوجد أن جميع الرسل صلوات الله وسلامه عليهم وجميع الدّعاة السائرين على نهجهم ومنهم دعاة مجتمع التوحيد في جزيرة العرب قدّموا (الدّعوة الصّريحة للعقيدة الصّحيحة والتوحيد) وقوبلوا بالرّد والنّفور من قبل أهل الضّلال.

11) خلطتم عفا الله عنا وعنكم بين قضية بشرية لا نزاع فيها وبين منهج شرعي هو مع الأسف موضع الخلاف بيننا وبينكم.. ذكرتم أن إزالة اسم الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله عن أحد كتبه قد حقق له القبول وهي حكاية متداولة الله أعلم بصحة مقدمتها ونتيجتها.. ولكن المؤكد أن مثلها يحكى عن شيخ صوفي توفي (في الظاهر) على صوفيته وقد دفن في مدرسته ومصلى فرقته ويقوم أفرادها بصلاة الجمعة (وحدها) في هذا المدفن وبينهم بعض القائمين على هيئة (إسلامية) قرينة للندوة وعلى منهجها وتموّل (مثلها) في الغالب من قبل دولة التوحيد..

ونحن على استعداد للتخلي عن أي اسم من البشر (غير محمد صلى الله عليه وسلم لمصلحة الدعوة).. ولا أجيز لنفسي ولا لكل مسلم الانتماء في الدّين لبشر ولا لمنهجه ولا شدّ الوسط له عدا انتمائنا والتزامنا بمنهج محمد صلى الله عليه وسلم لأنه جاء بوحي من عند الله.. وهذه نقطة الخلاف بيننا.

12) إذا كان المنحرفون عن المنهج الشرعي الوحيد والدّائم للدعوة صادقين في استنكارهم (لارتباط الدعوة الصريحة للعقيدة الصحيحة والتوحيد بمناهج فيها كثير من عدم الحكمة وتنفير الناس) فلماذا لا يخلطون مناهجهم المبتدعة بدعوة (صريحة) للعقيدة الصحيحة والتوحيد لا تجتنب الحكمة ولا تنفّر الناس إثباتاً لحسن النيّة وانتماء (ولو هامشاً) لمنهج محمد صلى الله عليه وسلم.. ولكن الشيطان أعاذنا الله منه يقدّم تهمة (عدم الحكمة وتنفير الناس) تبريراً لفظياً لترك الدعوة إلى (العقيدة الصحيحة والتوحيد) لأنه يعرف أنه لا تقبل طاعة ولا ينفع ترك معصية مع فساد العقيدة.. {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}).

13) (وقوع الندوة من أول يوم بين براثن الحزب الإخواني) حقيقة واقعة ومعروفة.. ووجود بعض أعضائها (من سوريين ومصريين وباكستانيين وهنود) في الندوة لم يكن صدفة كما تظنّ ولكنهم زرعوا في الندوة كما زرعوا في معظم المؤسسات الدينية والدنيوية الحكومية وغير الحكومية في المملكة وغيرها لجرّ المنفعة التوجيهية والمالية والإدارية لصالح الحزب بطريقة سلميّة خفيّة بعد أن فشلت المحاولات العلنية.. واتفاقكم معي على وجود هؤلاء العاملين الحزبيين في القاعدة كاف للإنذار بالخطر على مستقبل الدّعوة في الجزيرة والحياة الدّينية والإدارية العامّة.. ولكنه لا يعني أن القيادة في الندوة لم تسقط بين براثن الحزبية.. فلو استعرض أخي أسماء من مرّوا على أمانتها العامة لم يجد بينهم من يسلم من تهمة الانتماء إلى الحزب المعنيّ أو قبوله ومسالمته له بحيث يؤمن اعتراضه على منهج الندوة أو وقوفه في وجه العاملين في القاعدة.

14) قررتم أنّ (كلّ الأنشطة الإسلامية المخلصة الموجودة الآن في الساحة تصب في نهر الإسلام) ولست أعرف مقياسكم للإخلاص.. والحكم على القلوب لله وحده.

 وادعاء الإخلاص (بل وحسن النية) لا يكفي لصلاح العمل: {إنهم اتّخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون}..{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً أولئك الذين كفروا بربّهم ولقائه}..

أغلب الأنشطة الاسلاميّة المعاصرة تدّعي الاخلاص وتظن أنها على الهدى – منهج محمد صلى الله عليه وسلم – وهي – تصبّ في نهر الإسلام – فتلوّثه وتكدّر صفاءه وليس بينها صالح مؤدٍّ للنجاة إلا ما كان عليه محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ولا أعرف بين هذه – الأنشطة – ما يصحّ انتماؤه إلى منهج النبوّة إلاّ منهج جزيرة العرب الذي يجتهد بعض أبنائه اليوم لاستبدال المناهج المبتدعة به.. خاب مسعاهم.. وهدانا الله وإياهم للحق وثبتنا وإياهم عليه.

15) فرغتم من محاولة ردّ نصيحتي لكم.. وانتقلتم إلى إثارة انتقاد غير موفّق لشخصي وعملي.. وكأنكم تقولون: (واحدة بواحدة والبادي أظلم).. عيوبي وأخطائي كثيرة لا يفوقها عدداً عندي إلاّ نعم الله عليّ أحمده وأستغفره.. أما اختياركم انتقاد رفضي تزكية بعض طلاّب المساعدة فهذا مما لابدّ منه لي ولكم في عملنا.. ولا تتم الأمانة بالتزكية الروتينية.. ولعلكم لا تعلمون أني رددت أكثر تزكياتكم التي عرضت علي بعد أن تبينت أنها مخالفة للحقيقة والعدل وأنها مثل أكثر التزكيات تمنح لمن يطلبها دون تمحيص ولا تثبّت ولا يسلم أكثرها من تأثير العلاقات الحزبية واستجداء الرضى من الناس.

نعم.. يجب عليّ وعليكم وعلى جميع دعاة دولة التّوحيد ألا نزكي صاحب بدعة أو عقيدة فاسدة أو طريقة منحرفة وألا نوصي بصرف الأموال العامة أو الخاصة لصالح نشاط حزبي ولو سمّي إسلاميّاً.

16) ويبدوا لي من رسالتكم أنكم تلمزونني لسابق صلتي بجماعة التبليغ.. وقد أخطأت فشاركتهم وأيدتهم عندما كان أكثر معلوماتي جيدة لعلّي أستفيد من خيرهم وأزيل شرهم ثم ظهر لي منهم ما خفي عليّ فبادرت إلى نصحهم وتحذيرهم والتحذير منهم.. ولا زلت أشكر الله على الخير ثم الابتعاد عن الشرّ.. وأعانني الله على تخطّي حاجزي التعصّب الحزبي والانتصار للرأي الذين يعوقان كثيراً منا عن الرجوع إلى الحق بعد معرفته.

وأرجوا الله أن يزيل هذه الأسماء والشعارات ومظاهر التفرّق باسم التجمّع الاسلامي.. ولعلّنا جميعاً نكتفي بالاسم الذي منحنا الله إياه: (المسلمين) عن الأسماء التي ألقاها الشيطان بين المسلمين لصدّهم عن سبيل الله من تبليغية وإخوانية ووهابيّة وغيرها.. ولعلنا جميعاً نكتفي بطريق محمد صلى الله عليه وسلم في الدّين والدّعوة إليه عن طرق ومناهج البشر.

ومع فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء: (من هيئة كبار العلماء) رقم1674 في1397/10/7.. لا شرعية لكلّ هذه الجماعات التي انحازت عن جماعة المسلمين العامة باسم خاص ومركز خاص ومنهج خاص وأمير خاص وبيعة خاصة.. فكلّ هذه التجمعات في حقيقتها تفريق وتمزيق لشمل المسلمين مؤدٍّ لفشلهم وذهاب ريحهم.

وأشهدكم أنّي أبرأ إلى الله منها جميعاً.. وأبرأ إلى الله من الانتماء لشخص غير رسول الله صلى الله عليه وسلم ولجماعة غير جماعة المسلمين العامة ولمنهج غير شرع الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولبيعة غير بيعتي لوليّ الأمر.. والتعاون على البرّ والتقوى مطلوب ولكن بطريق السّنّة لا البدعة.. يمكن اجتماع عدد محدود من المسلمين على علم أو عمل صالح مشروع.. ويمكن اجتماع عدد أكبر – كما أشارت الفتوى – على عمل من أعمال الخير بقرار من ولي الأمر.

أما تجميع البشر على منهج بشري وربطهم بالبيعة لمؤسسه واستغلال المؤسسات العامة والخاصة في بناء امبراطورية حزبية ومنازعة الأمر أهله فهذه مخالفة بل عدّة مخالفات صريحة لشرع الله جرّت على المسلمين كل بلاء.

17) وخاتمة رسالتكم تذكّرني ببعض الإخوة في إحدى الدول العربية إذا لم يجد ما يسكتك به اتهمك بأنك تسبّ الرّئيس.

لا شكّ أن لي (مواقف متعاطفة) مع أهل السّنة والشريعة من أي بلد وأن لي (مواقف غير متعاطفة) مع أهل الشرك والبدعة من أيّ بلد.. دين أدين الله به فالحب في الله والبغض فيه ومساعدة أهل الخير وتثبيط أهل الشر من أهم نتائج الإيمان رزقنا الله إياها وإياه.

ولا شك أن واجبي وواجبك قول الحق ولو على أنفسنا ولو لأعدائنا {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى}.

 و(حماة) التي ادّعيتم (هدمها) لم تُهْدَم والكلام عنها مبالغة إعلامية (اسلامية) وقد زرتها بضع مرات وفي إحدى المرّات كان معي الأخ صالح واصطحبت أحد الاخوة من أهل البلد الذي اعترف بالمبالغة ولكن وعد بأن يرينا من آثار الهدم فلم يدلّنا على أثر واحد وفي مثل الفتنة التي وقعت يحدث القتل والهدم والسجن.

في أغلب الأحوال وفي أغلب البلاد.. والمدينة قائمة تشهد بكذب الدعاية التي ربما صيغت لجلب التبرعات. وعدد القتلى قلت عنه أنه لا يتجاوز 10% مما ذكرته الدعاية استناداً إلى تقرير منشور من قبل مثيري الفتنة.

وأضيف إلى ذلك أن أفضل مقرّر في العقيدة خارج الجزيرة موجود في المدارس الدينية للدّولة المعنيّة مع أن مقرّر العقيدة في جميع المدارس الدينية الأهلية (فيها) منحرف.. ولا يزال الأمر على حاله منذ بضع عشرة سنة على الأقل لمن يريد أن يعرف الحقيقة بنفسه ولا يسلم عقله للدّعاية: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا}.

والحجاب (فيها) خير منه في غيرها خارج جزيرة العرب.. ولا مانع من الالتحاء في الجيش.. والدروس في المساجد قائمة.. ولكن الدعاية والتخويف أفزعت أكثر دعاة السّنة ففضّلوا الإقامة والوظيفة خارجها.

 وما قدمته.. مضافاً إلى أنه لا يعرف عن مثيري الفتنة محاولة لإنقاذ البلاد والعباد من الأوثان والبدع التي يجتمع عليها من ينتسب إلى السّنّة مع أفراد الطوائف التي يعادونها.. كلّ ذلك يقدّم دليلاً واضحاً على أن الهدف من الفتنة السلطة وليس الاصلاح الديني.. وقد اطلعت على خارطة معدة للبلاد المعنيّة استبدل فيها اسم الحزب الذي أثار الفتنة باسم الدّولة.. ولأحد قادة الفتنة كتب تؤيد الصوفية والخرافات وتنشرها ولقائد آخر تصريحات (منشورة في العدد270 ص39 من الوطن العربي) تؤيّد مذهباً علمانياً هو نفس المذهب العلماني الذي قامت الفتنة باسم محاربة حكومته  وأفسدت أكثر مما أصلحت.

هذا ما تبيّنته وما أثبتّه بالأدلّة والوثائق ليس للثناء على أحد ولا للقدح في أحد وإنما لتسمية الأشياء بأسمائها حتى لا نخدع باسم الدّين.. وتستغل أموالنا وحماسنا لغرض خاص.

وأذكر أني أبديت رأيي (في مجلس حضره بعض أعضاء جمعية المنتفعين بالندوة) حول انحراف منهج الدعوة وإهمال العقيدة وإشغال المسلمين بقضايا خيالية عن القضايا الأساسية وبأخطاء غيرهم عن أخطائهم وبالمسائل الظّنية عن اليقينيّة ومعه أنه ظهر بعض الامتعاض لذكر العقيدة إلاّ أنكم شخصيّاً أيّدتم رأيي فيما يتعلق بتصوير بعض الدّعاة وخاصة المثقفين لمنبع المشاكل الدينية المعاصرة بأنه تخطيط اليهود والنصارى وأمريكا وروسيا وليس النفس والشيطان وطلبتم مني الكتابة في الموضوع فأبديت ضعفي وأيدني أحد الإخوة لسبب آخر وهو الشدة.. ولم يدع أحد يومها بأن هذا مدح لليهود والنصارى ولا شك أني أشتد فيما يتعلق بالعقيدة لفهمي أن هذا هو المنهج الشرعي للدعوة واللين فيما سوى ذلك لنفس السبب.

وأرى من واجبي أن أقول الحق ولو على نفسي أو إخواني في الدين والنسب.

وإذا كان من الناس من يرضى أن يضع على عينيه وأذنيه ولسانه عصابة الحزبية ويلغي عقله وأمانته ويقدّم ظهره مطيّة لصيادي السلطة فإني لا أريد لنفسي ولا لإخواني في العقيدة هذا المصير..

هذه يا أخي إجابتي لرسالتك رقم7234 في 1409/11/18 وقد حاولت أن أثبت ما أقول بالأدلة من الكتاب والسنة والحقائق الملموسة الظاهرة والوثائق المنشورة وأرجو أن تحاول الالتزام بذلك في المستقبل إذ فاتك في الماضي.

أما مجرد المدح من المستفيد والذمّ من غيره فلا قيمة له ولا اعتماد عليه فيما يستقبل من قول أو عمل.. لابدّ من عرض ذلك على الكتاب والسّنّة وعلم سلف الأمة.. ثم لا يغرّنا ولا يثنينا القدح.. وإنما نراقب الله وحده.

ولعلك تذكر في المرّة الوحيدة التي جمعتنا في النّدوة أني أنكرت (بشدّة) على أحد أفراخ الحزبية في الندوة كيله المدح لي.. ولو كان فوق البلاط تراب لحثوته في وجهه.

وكثرة المادحين وقلة القادحين (ولله الحمد والمنة) لا تخدعنا عن إدراك النقص والتقصير في قيامنا بهذا العمل العظيم الذي اصطفى الله له خيرة خلقه من الملائكة والناس رسلا ومن أتباعهم دعاة إليه على بصيرة جعلنا الله وإياكم منهم وجبر نقصنا وعفا عن تقصيرنا وهدانا لأقرب من هذا رشداً ولما اختلف فيه من الحق بإذنه.

وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين الرسالة رقم186 في1409/12/8هـ.