من سعد الحصيّن إلى رئيس مجلس الإدارة [كتاب دمعة على التّوحيد]

 بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى أخي في الدّين وفي الوطن الذي أُسِّس على الدّعوة من أوّل يوم رئيس مجلس الإدارة، وفقهم الله للدّعوة إليه على منهاج النبوّة.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فقد سرّني الاطلاع على كتاب المنتدى: (دمعة على التّوحيد)، كما لاحظت في (البيان) منذ كتبت إليكم آخر مرّة محاولة جيّدة لإعطاء الأحكام والدّعوة إلى إفراد الله بالعبادة والتّحذير من شرك أوثان المقامات والمزارات، حقّها من الاهتمام.

ولا شكّ أن هذا توفيق من الله إلى مراعاة أهمّ ما أمر الله به وأشنع ما نهى الله عنه، وبخاصّة لمنشورٍ يُمَوَّل ويُسْتَهلَك غالباً في بلاد ودولة الدّعوة إلى الله على بصيرة وقدوة حسنة.

وكما اطلعت على عدد من مجلة (الجمعة) بالإنكليزيّة، وإن لم يتيسّر لي بعد تقويمها، وإنما أعجبني في عدد ربيع الأول 1420 مقال عن محبّة النّبي صلى الله عليه وسلم، وإن اشتمل على بعض الأحاديث غير الثابتة. دلّ الله الجميع على الدّين الحقّ وثبّتهم عليه

وفي المقابل، كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالمكافأة؛ إليكم بياناً بمطبوعاتنا في بلاد الشام ونماذج منها حرصت على حصر اهتمامها بأول ما دعا إليه رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم: إفراد الله بالعبادة، وأول ما نهوا عنه: شرك القبور؛ بالدّليل من الوحي اليقيني وفقه أئمة القرون المفضلة فيه، والبعد عمّا يحول دونه من الفكر الظّنّي الموصوف بالإسلامي

ومع شكري لله ثم لكم على هذه المحاولة في طريق الهدي؛ فقد بدت لي بعض الملحوظات كالعادة من محاولتي التّثبّت، وكالعادة من الاختلاف في كلّ كتاب من عند غير الله:

1) جزاكم الله خير الجزاء على إشارتكم إلى دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وتقديمها نموذجاً للدّعوة الصّالحة (قلّ ظهور مثلها منذ القرون المفضّلة)، ولكن الكاتب قصّر في الإشارة إلى ما قدّمته الدّولة السّعوديّة الأولى (مما لا أعرف له مثيلاً منذ القرن الأول)، ولم أر إشارة إطلاقاً إلى تجديد الدّعوة على منهاج النّبوّة (بعدما أزالهما ألبانيّو مصر بأمر الخرافة العثمانيّة غير الرّاشدة وغير المهديّة)، مع أنّ عنوان المقال: (سيف السّياسة بين نصرة الحقّ ومظاهرة الباطل).

واجبنا الشرعي والعقلي بيان ذلك؛ شكراً لله، وتحدّثاً بنعمته، وتقديم قدوة حيّة حاضرة، تذكّر أهلها والقائمين عليها بأعظم نِعَم الله عليهم وتحثّهم على الثّبات عليها ونصرها، وتبيّن لبقيّة المسلمين رعاة ورعايا أن هذا الأمر العظيم في متناول الأحياء وليس خاصّاً بالأموات.

2) من أشنع مظاهر الشرك الأكبر (ولم أر ذكراً له) معبد أوثان يسمّيه المنتمون إلى السّنّة: الحرم الإبراهيمي الشريف، وإليكم مقالاً عنه ورسماً توضيحيّاً لموقع الأوثان الإسلاميّة منه (1).

3) مقام الخضر في الأردن يوجد في السّلط عاصمة البلقاء في كنيسة خاصّة به كتب فوق بابها: كنيسة القدّيس مارجرجس، ويدخلها من المنتمين للإسلام والسّنّة أكثر من النّصارى والدّروز (وكلّهم جمعهم الشيطان عليه) وأعرف مقامين آخرين في ماحص وفي الكرك باسم الخضر عليه السلام، وفي سوريا وفلسطين أوثان لا تحصى باسمه، وقرب بيت لحم قرية باسمه وفي الكرك شارع.

4) جناية الخرافة العثمانيّة تتجاوز ما أشار إليه الكاتب فقد نشروا البدع والخرافات والشرك وقاوموا الدّعوة الصّحيحة إلى الدّين الحقّ في جزيرة العرب وفي كلّ مكان امتدّ إليه سلطانهم (لا ردّهم الله)، وعبد الحميد وإن أشيع عنه أنه رفض بيع فلسطين لليهود (والله أعلم بصحة هذه الاشاعة) فقد أساء إلى الاسلام والمسلمين بما هو أشنع من بيع أرض المسلمين، فقد سلّط مستشاره ومفتيه وشيخ إسلامه الصّيادي المخرّف على الدّين والدّعوة إليه فألف نحواً من خمسين كتاباً في الدّعوة إلى البدعة والخرافة والشرك.

5) جرى ضمّ السّلطان (عموماً) إلى ركب الفساد وقيادة الابتداع؛ وهذا ظلم أوحى به الفكر الاسلامي لمثل (سرور والعبده) وكلّ قادة الحركيّة الاسلاميّة، فقد رأيتم في الفقرة (1) و(4) مثالين مختلفين للسّلطان أحدهما يدعو إلى التّوحيد والسّنّة والآخر يرسّخ الشرك والبدعة، والحق أنّ الشرك وسائر الابتداع من عامّة النّاس في الماضي والحاضر أكثر مما يأتي من القيادة، والسّلطان بشر (لا من الجنّ ولا من الملائكة) وهدي النّبوّة طاعته في غير معصيّة الله، ولا أعلم من ملوك الماضي والحاضر منذ أصحاب الأخدود ومشركي قريش (ولا ملك لهم) من أمر بعبادة الأوثان وما هو أقل من ذلك من الكبائر.

6) الكلام عن العوامل النّفسيّة والاقتصادية والاجتماعية والسّياسيّة من الظنّ والتّعقيد والتّكلّف المشاق للعلم الشرعي مثل الإعجاز العلمي للقرآن (زعموا). لا داعي لتكلّف أسباب خارجيّة ظنّية محتملة، وقد بيّن الله تعالى سببين يقينيين قريبين ومؤكدين: النّفس الأمّارة بالسّوء والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدّم. وفقكم الله، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

(1) التقرب إلى الله بمعصيته (الوثنيّة في الحرم الإبراهيمي غير الشريف وليس بحرم ولا إبراهيمي بل معبد أوثان)

كتبه سعد بن عبد الرحمن الحصيّن – الرسالة رقم/212 في 1420/5/29هـ.