من سعد الحصين إلى الإخوة في جمعية البدائع الخيرية

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى الإخوة في الله/ جمعية البدائع الخيرية وفقهم الله لما فيه خير الدّنيا والدّين.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..

فأحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو الذي أنعم علينا وعليكم بخير نعم الدّين والدّنيا ووظفنا وإيّاكم في الدّعوة إلى سبيله والإحسان إلى خلقه آملين منه وضارعين إليه أن يجعلنا وإياكم أهلاً لذلك وأن يسدّد خطانا وخطاكم في تحمّله وأن يتقبّل منّا ومنكم وأن يهدينا ويهديكم لأقرب من هذا رشداً.. وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وقد اغتنمت زيارة أخي في الله/ الشيخ صايل للاتصال بكم حيث توقفت زيارة أخي في الله/ الشيخ أبي ناصر منذ اعتداء الالحاد العراقي الظالم (قطع الله دابره) على الكويت.

وقد أبديت بعض ملاحظاتي من قبل لأن المؤمن مرآة أخيه ولأننا (والفضل لله وحده) شركاء في البضاعة.

ومن ملاحظاتي وهي تعمّ أكثر جمعيات الدّعوة والإحسان عدم التدقيق والتّمحيص فيما يقدّم أو في من يقدم له شيء من أنواع البر أو في كيفية تقديمه.

1) المطبوعات من كتاب أو رسالة أو نشرة أو شريط ممّا له أوثق الصّلات بالدّعوة إلى الله عبادة.. والعبادة لابدّ أن تحذو حذو القدوة الذي أرسله الله هادياً للدّين والدّعوة إليه صلى الله عليه وسلم لا يجوز اختيار غيرها بحجة تغيّر الزّمان والمكان.. فمع تغيّر الزمان والمكان.. الذي بعث فيه الأنبياء والمرسلون من نوح إلى محمد ومن بينهما صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ومع تغيّر القضايا الرّئيسيّة: تطفيف المكيال والميزان في قوم شعيب واللواط في قوم لوط واستعباد بني إسرائيل في قوم موسى ووأد البنات في قريش لم يختلف شرع الله للرسل في الدّعوة: التّركيز على القضية الأساسية الأولى: إفراد الله بالعبادة وانتهت دعوة محمد صلى الله عليه وسلم بين الصحابة الصفوة بمثل ما بدأت به بين المشركين: التّحذير من الشرك وبالذّات أبرز مظاهره: بناء المساجد على القبور.. أكبر مظاهر الشرك المعاصر بين من ينتمي إلى السنة والشيعة والدّرزيّة والإسماعيليّة والقاديانية والصوفية وبين اليهود والنصارى والفرق الضالة.

ولكن اهتمامكم بالدّعوة المكتوبة والمسموعة أو غيرها لا ينهج هذا النهج وكذلك أكثر الدّعاة والجماعات والحركات الإسلاميّة المعاصرة لأنها تأخذ مما يسمى بالفكر الإسلامي أكثر مما تأخذ من الوحي في الكتاب والسّنّة وفقه الأئمة في القرون الثلاثة ومن اقتفى أثرهم جعلنا الله وإياكم منهم.. والفكر ولو سمّي (إسلاميّاً) قابل للزيغ والضلال بل إن وصف (الإسلامي) (والإسلاميّة) لم يرد في كتاب الله ولا سنّة رسوله ولا فقه الأئمة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين.. وأحسب أن الشيطان قد ألقى على الألسنة مؤخراً هذه العناوين: الفكر الإسلامي.. الثقافة الإسلاميّة.. التوعية الإسلامية.. التربية الإسلامية.. وكلها مبتدعة ليصدّ عن شرع الله في الدّين أو الدّعوة إليه.

ولم أستغرب كثيراً اتّجاه الدّعاة تحت هذه العناوين إلى مناصرة الباطل في أزمة الخليج إلى درجة دعوتهم إلى القتال تحت راية حزب البعث العراقي والنتيجة معروفة: القضاء على مجتمع التّوحيد الباقي في جزيرة العرب ونشر (أوثان العتبات المقدّسة) فيها من جديد إضافة إلى الظّلم والمعاصي ومنها إباحة الخمر والزّنى واللواط ومحاكم الطاغوت والأمر ليس بجديد فحركة الإخوان المسلمين مثلاً توالي حاكم العراق وتلجأ إلى حضنه منذ فتنة سوريا.

وقد حصلت من أخي الشيخ أبي ناصر نصر الله به دينه وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم على بعض مطبوعاتكم قبل عام ولم أجد في مجموعها ولا في أفرادها ما يوحي بإدراك ولا اتّباع منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم (الذي فرضه الله وهو أعلم بخلقه) في الدّعوة إلى الله.

بل إني وجدت أن أكثرها لا يصلح للدعوة في الأردن ولا في سوريا ولا في غيرها لأنها تختصّ بقضايا ثانوية يحدّها الزّمان والمكان.. ودعوة الرّسل عامّة تصلح لكلّ زمان ومكان.. قالت الصحابيّة فيما رواه مسلم عن خطب النبي صلى الله عليه وسلم وهي أهم مظاهر الدعوة على بصيرة: «حفظت سورة (ق) من في رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب بها كلّ جمعة» يوضّح ذلك بتفصيل أكثر ابن القيّم رحمه الله في زاد المعاد.. فأهم قضايا الدعوة ثوابتها التي لا تتغيّر بتغيّر الزمان ولا مكان ولا تتعرض لاختلاف أفهام الخلق ونواياهم ومقدار صحة رواياتهم: اليقينيات الشرعية من عقيدة وعبادة ومعاملة ومن موت وبعث وحساب ومن جنّة ونار.. ثم طرأ على الدّعوة الانحراف إلى مناهج البشر ففرّقتهم وابعدتهم عن دينهم بحجّة الاهتمام بالقضايا العصريّة فتحوّلت خطب الجمعة ورسائل الدّعوة إلى ملاحق للصحف المحلية أو الأجنبية القائمة على الظّن والعاطفة والإشاعة.

وقد حذّر الله من هذا المسلك: {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى}.. وفرض الدّقّة والتمحيص في القبول والنقل: {يا أيّها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا}.

2) والأموال التي استخلفكم الله في توزيعها مسئولية عظيمة أعاننا الله وإياكم على حسن أدائها.. ونحن في حاجة إلى دقة وتمحيص أكثر في كيفية توزيعها وأولى بها أن توزّع بصور عينيّة لا نقدية لضمان حسن استعمالها.. وأن تربط بالدّين والدّعوة إليه بحيث يحصل عليها من يستعين بها على طاعة الله لا على معصيته ومن أهل السّنّة لا من أهل البدع ومن الدعاة إلى الله على بصيرة لا على منهج حزبي مبتدع.

3) كما أرى أن تتجهوا إلى مصر وسوريا فهما من أحوج بلاد المسلمين في الدّين والدّنيا.

وفي مصر يمكنكم الاتصال بالشيخ/ عادل يوسف العزّازي وعنوانه: مصر – القاهرة – العبّاسية – شارع أحمد بخيت عظفة دعبس رقم1 ومسكنه في شبين القناطر قرب القاهرة وهو من خير من عرفت علماً وعملاً ونشاطاً في الدّعوة وزهداً في الدّنيا أو على الأصح فيما يزيد عن حاجته منها.

وفي سوريا يمكنكم الاتصال بالأخ/ عبد الرحمن الأرناؤوط ويسكن في الدّيوانيّة من دمشق ويمكن الاتصال به بواسطة اسماعيل الأرناؤوط هاتف 335546 مكتب الملحق الثقافي السعودي 56 شارع الروضة – أبو رمّانة – دمشق.

وكذلك الشيخ/ عبد الله دكّ الباب  وهو مدير المعهد الشرعي في جامع الزّهراء بالمزّه من دمشق وهو الوحيد بين مديري المدارس.. الدّينيّة في سوريا الذي ينتمي إلى السّنّة في العقيدة والعبادة ويوجّه مدرسته إلى ذلك.

وأرى أن تصرف الصدقات بصفة إعانات لأهل السنة لفتح مكتبات صغيرة للقرطاسية وبيع الرسائل الدينية والأشرطة والجلابيب الشرعية ليجد منها الداعي إلى الله عملاً حلالا وباباً للدعوة مفتوح في كلّ مكان: سوريا ومصر والأردن وغيرها.. أما جمعيات الزكاة في البلدان الثلاثة وغيرها فلا أرى التعاون معها إلاّ في النادر لأنها في الغالب لا تهتم بنشر عقيدة ولا سنّة ولا تحذّر من بدعة.

هذه بعض الملاحظات اخترتها لنفسي ولم أبخل بها على إخواني في العقيدة والسنة قبلوها او رفضوها فالنتائج بيد الله.

وفقكم الله وسدد خطاكم وجعلكم هداة مهتدين.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن الرحمن الحصيّن – الرسالة رقم 148 في 1411/12/22هـ.