من سعد الحصيّن إلى راشد بن حسين العبد الكريم

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصيّن إلى فضيلة الأستاذ د.راشد بن حسين العبد الكريم ألهمه الله الرّشد وأحسن له الرّزق وأكرمه بفضله وثوابه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فأشكر الله ثم أشكركم على ما تميّزتم به من خير القول والعمل وما تفضّلتم به على أخيكم – مع نقصه وتقصيره – من إشراكه في بعض نشاط الجمعيّة السّعوديّة للعلوم التَّرْبَوِيَّة والنّفسيّة – جامعة الملك سعود بالرّياض، الملتقى(82).

وسرّني ما تحقّق للجمعيّة من زيادة في حسن التّنظيم والإدارة منذ مشاركتي السّابقة في اللقاء السّنويّ الثاني عام1410، ولا أشكّ أنّ ذلك من ثمرات جهدكم ونشاطكم وتفوّق أدائكم للمسئولية المنوطة بكم، زادكم الله من فضله واختصّكم برحمته.

وأرى للجمعيّة في لقاءاتها القادمة أن تخفّف من مظاهر الدّعاية الملوّنة للّقاء التي لا أراها تليق بجامعتنا الأولى التي كانت من أوّليّات الملك سعود رحمه الله، (مع الجامعة الاسلاميّة بالمدينة، وتوسعة الحرمين، ووضع نواة جامعة أمّ القرى: كلية الشريعة بمكّة ونواة جامعة الامام محمد بن سعود: كلّيتي الشريعة واللغة العربيّة والمعاهد العلميّة بالرّياض، وطبع أمّهات كتب العلوم الشرعيّة وإهداء بيوته للتّعليم في مكة والمدينة وجدّة).

والانشغال بالأشكال أولى به من لا يملك الخُلُق ولا الدّين: {ولولا أن يكون النّاس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرّحمن لبيوتهم سقفاً من فضّة ومعارج عليها يظهرون*ولبيوتهم أبواباً وسرراً عليها يتّكئون*وزخرفاً وإن كلّ ذلك لما متاع الحياة الدّنيا والآخرة عند ربّك للمتّقين}.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم لمن رآه يصلح سقف خُصِّه: «الأمر أعجل من ذلك» [رواه أحمد]، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلّم أمّته بالعمارة الدّنيويّة للأرض – كما أشار أحد الإخوة في اللقاء – وإنّما حذّرهم التّنافس فيها فتهلكهم كما أهلكت من قبلهم: الهندوس والفراعنة واليونان والرّومان، ومن نحتوا الجبال بيوتاً فارهين في البتراء و(مدائن صالح) وغيرها ومن عمروها أكثر مما عمروها.

وعلى هدي الله ورسوله سار الخلفاء الرّاشدون والصّحابة رضي الله عنهم، حتى بدأت الرفاهية والتّرف والتّنافس والتّطاول في البنيان تضعف المسلمين (ديناً ودنيا)، وكانت النّتيجة سوء العاقبة في بعض الأمويّين والعبّاسيّين وبقاياهم في الأندلس، وفي الفاطميّين الذين بنوا القاهرة وأسّسوا الأزهر ومعهما أوثان المقامات والمزارات والمشاهد، ولم تُؤسّس دولة بعدهم على تجديد الدّين إلاّ دولة آل سعود وكانت مظاهرهم الدّنيويّة في القرن12 و13 وأوّل 14 لا تختلف كثيراً عن عهد النبوّة والصحبة والاتّباع.

وليس على الله بعزيز أن يوفقكم إلى وقف الزّحف الظّني الفكري التقليدي في العلوم التربويّة والنّفسيّة ويجدد بكم الفتح التّعليمي (لا التّوسّعي) ليعود إلى ما كان عليه من الشرع (والعقل في غياب النّصّ التّشريعي في الكتاب أو السّنّة).

ولا أزال أذكر مؤلفكم الشرعي الذي فرحت به ووجهت مَنْ حولي من أئمة المساجد للاستفادة وإفادة المصلّين منه قبل أن أتشرّف بمعرفتكم، ولعلّ صدركم الرّحب يتّسع لبعض ملحوظاتي عند إعادة طبعه، ويسرّني المشاركة في ذلك في حدود استطاعتي الضيّقة.

وفقكم الله وحفظكم قدوة صالحة ونصرة لدينه والدّعوة إليه على منهاج نبيّه، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصيّن – الرسالة رقم/46 في 1430/3/16هـ.