الظن الآثم [رد افتراء د.حمود أبو طالب على الهيئة]
الظن الآثم [رد افتراء د.حمود أبو طالب على الهيئة]
بسم الله الرحمن الرحيم
في العدد 12984 في 1/1/1423هـ من جريدة عكاظ كتب صحفي جاهل بشرع الله تحت عنوان: تلميح وتصريح (أي: هَمز ولَمز، وجَهْر بالسّوء من القول)؛ كتب مقالاً رديئاً بكل المقاييس، غير المقياس المتدني للصحافة المعاصرة التي قد تصلح في أغلب أحوالها لأي غرض دنيوي كالتسلية وتضييع الوقت، ولم تكن صالحة أبداً للتوجيه الديني والتربوي.
وكان الموضوع الوضيع: اتهام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتسبب في إعاقة الدفاع المدني عن أداء عمله بإطفاء حريق في مكة المباركة.
وكان دليله الوحيد على حقيقة دعواه: (استحالة أن يَكذب كل الناس وكل الصحف)، ولو تحرى شيئاً من التثبت والصدق لما ادّعى أن كل الناس وكل الصحف أيد دعواه الكاذبة، فقد نشرت جريدة الاقتصادية وهي خير الصحف في عددها 3077 بتاريخ 30/12/1423هـ ما يدحض هذه الدعوى من أساسها بتأكيد مدير عام الدفاع المدني: أن فِرَق الدفاع المدني لم تتعرض لأي إعاقة لعملها.
ولم يكن له وازع من شرع الله ولا من الشجاعة الأدبية لتكذيب نفسه ولا الاعتذار (مجرد الاعتذار) ممن تحمّلوا ظلمه وعدوانه. وطلب الصحفي ولاة الأمر (حفظهم الله قدوة صالحة) بمعاقبة كل متسبب في الحدث بعقاب أشد من الإحالة إلى التقاعد (في مقال لاحق تحت العنوان نفسه)، ولم يخطر بباله أنه أحق بالعقاب لنشره إشاعة كاذبة (عن مؤسسة شرعية عامة) بعد نشر تكذيبها رسمياً بأربع وعشرين ساعة.
ولقد خالف الصحفي أمر الله تعالى للمؤمنين بعدم الأخ بالشائعات قبل الثبت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات: 6] وفي: {فَتَبَيَّنُوا}، ونزلت في خبر صحابي، فكيف بشائعات السوقة وصحف ملء الفراغ بما هب ودب، إلا أحسن القول: الدعوة إلى منهاج النبوة.
وخالف الصحفي أمر الله تعالى بعدم إذاعة الأخبار قبل ردها إلى أولي الأمر من الأمراء والعلماء المؤهلين لتمييز الكذب من الصدق والخيال من الحقيقة: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} [النساء: 83].
وخالف الصحفي اختيار الله تعالى لشرعه واختيار ولاة الأمر لبلادهم ودولتهم المباركة تسمية (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فاخيار تسمية: الأمر بالموت والنهي عن الحياة، وعنون بها مقامة الآمر بالمنكر، الناهي عن المعروف.
والكثرة التي تنسج الإشاعة وتنشرها أسوأ مصدر للأخبار وإن كان أكثر الصحفيين يعتمدون عليها لملء فراغ صحفهم، وقد قال الله تعالى عن الكثرة عموماً: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116]، وقال الله تعالى: {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 187]، {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ} [هود: 17]، {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللّهِ إِلاَّ وَهُم مُّشْرِكُونَ} [يوسف: 106]، وهي على أحسن أحوالها تقوم على الظن و” الظن أكذب الحديث“.
ونتيجة لاتباع هذا الصحفي الكثرة الغوغائية اتهم (كذباً وعدواناً وظلماً) ثلاث مؤسسات عامة من أهم مؤسسات دولة الدعوة إلى التوحيد والسنة وألْصَقِها بشرع الله، دون تثبت ولا خوف من العقاب في الدنيا والآخرة.
ورقص قلمة الأهوج على مصائب المصابين وأكثرها من نسج خياله المريض كأنما يتلذذ بوصف: (الأجساد التي تشوى، والعيون التي تسيل، والشفاه التي يتصاعد منها الدخان، والشَّعر الذي يتآكل، والخدود التي تنزف بالدماء) كالنائحة المستأجرة، وكأنما يستعدي الغوغاء على المؤسسات والولاة والسياسة الشرعية التي ميز الله بها دولة الإسلام الصحيح وأسسها عليها من أول يوم.
وبفضل الله على بلاد ودولة الدعوة إلى الله على بصيرة، وبفضله بهما على عباده؛ كانتا قدوة صالحة في القرون الثلاثة الأخيرة لم تعرف لهما بلاد المسلمين مثلاً منذ القرون المفضلة الأولى، وتميز فيهما رجال وفق الله ولاة الأمر لحسن اختيارهم وكانوا عند حسن الظن بهم، لنشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى رأسهم الشيخ/ عمر بن حسن آل الشيخ رحمه الله، ونشر تعليم البنات وعلى رأسهم الشيخ/ ناصر بن حمد الراشد رحمه الله.
ختاماً أذكر الصحفي بأن عليه مخافة الله وتقواه في تلميحاته وتصريحاته، وأذكر المسؤولين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفي كل المؤسسات الشرعية في هذه البلاد والدولة المباركة بقول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته إلى يوم الدين: {وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]، وقوله تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ * إِنَّهُمْ لَن يُغْنُوا عَنكَ مِنَ اللَّهِ شَيئاً وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 18-19] وعسى الله أن يهدي الجميع لأقرب من هذا رشدا.
الطائف ـ 1423هـ