الدعوة بالفكر (نقد لمنهاج الندوة العالمية للشباب المسلم الإخونجي)

الدعوة بالفكر (نقد لمنهاج الندوة العالمية للشباب المسلم الإخونجي)

بسم الله الرحمن الرحيم

وصلني كتاب: (قالوا عن الإسلام) لعماد الدين خليل من منشورات الندوة العالمية للشباب الإسلامي، فوجدت مجمله فوضى فكرية.

وكان من أمثلة ما وقع عليه نظري من هذه الفوضى ص189 قول (يوجبنا ستشيجفسكا) إن القرآن والنبي صلى الله عليه وسلم أمر بالعمل والاجتهاد في كل شيء؛ قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105].
وبدا لي من الواجب أن أنبّه الندوة وأنبه من استكتبته الندوة هذه الفوضى الفكرية إلى أنّ توجيه الشباب المسلم في بلاد التوحيد والسنة لا يجوز أن يترك لأي مؤلِّف عربي أو أعجمي تحوّل إلى الإسلام وقد منَّ الله على جزيرة العرب وميّزها بخيرة علماء الشريعة وبمنهاجها الصحيح الذي لا يقبل الله غيره.
والله ورسوله لم يأمرا إلا بعمل الخير والاجتهاد في سبيل دين الله، ولا بدّ للعمل الذي يوافق أمر الله وسنة رسوله أن يكون خالصاً لله وأن يكون على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، والآية لا تدل على الأمر بالعمل المطلق، ولا على مشروعيته، ولكن الفكر السّاذج الذي زيّنه الشيطان بوصفه بالإسلامي يقود إلى التِّيه والضّلال عن تدبّر كتاب الله وسنّة رسوله وفق الأئمة الأعلام الأُوَل.
ولن تتخلص الندوة من إثم القيادة الفكرية بديلاً عن الهدي المعصوم بإشارتها إلى أنها (قد لا تتفق بالضّرورة مع جزئية وردت في هذه الشهادة أو تلك، ذلك لأن لهؤلاء الشهود ظروفهم النّفسية والاجتماعية التي قد تحجب عنهم جوانب من الحق)، فقد كان في وسعها الطلب من أحد علماء الشرع (لا الفكر) أن ينتقي من أقوال أهل العلم الشرعي (لا الفكري) أو من أقوال هؤلاء ما يفي بالغرض، ولو أخطأ لما لامه أحد، فالعالم المجتهد مأجور ولو أخطأ.
ولكن النّدوة من أساسها مبنيّة على المنهج الفكري للحزبية الإسلامية المبتدعة، ولذلك تتكرّر أخطاؤها ولا تُعْذَر بالجهل.
ولا يَغُرّن القائمين عليها ما ادّعوه من أن إحدى نشراتها تحت هذا العنوان (لاقت استحساناً كثيراً وأصبحت مادّة الدّعوة للإسلام داخل المملكة وخارجها) فكل هذا باطل:
1- لأن كثيرة الاستحسان لو تحقّقت تدل على الضّلال أكثر مما تدلّ على الهدى.. قال الله تعالى: {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ} [الأنعام: 116]، و{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الروم: 6]، {وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً} [يونس: 36]، {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} [سبأ: 13]، {وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ} [ص: 24].
2- لأن مادّة الدعوة للإسلام لو صح التعبير يجب أن تبقى داخل المملكة ـ خاصة ـ وخارجها ـ عامة ـ تصحيح المعتقد ونشر السنة ومحاربة الشرك والبدعة كما هو شرع الله وسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما إذا صارت (مادّة الدعوة) أقوال عدد من الرجال والنساء عرباً أو عجماً مَنّ الله عليهم بالإسلام بعد الضلال ولكنهم كالأعراب: {أَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ} [التوبة : 97]؛ فإنما ذلك نتيجة توسيد الأمر إلى غير أهله من المؤسسات والأفراد تحت سيطرة الحزبية الإسلامية هداها الله أو أزالها قبل أن تدمّر شرعه.
وفي الختام أذكركم بقول الله تعالى: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة: 61].
هدانا الله وإياكم لأقرب من هذا رشدا، وصلى الله وبارك على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته.
عمان 1413/1/20هـ.