أشواك الصحافة في طريق الدين؛ ردّ على صحفيّ في جريدة عكاظ
أشواك الصحافة في طريق الدين؛ ردّ على صحفيّ في جريدة عكاظ
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب صحفي جاهل بشرع الله في جريدة عكاظ بتاريخ 1432/1/1هـ في زاوية (أشواك) يستدرك على الله وعلى رسوله وعلى الخلفاء الراشدين والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين منذ القرن الأول حتى 1432/1/1هـ عدم الاحتفال بالمولد والهجرة وغزوة بدر والفتح ونحوها.
وحكم على من لا يقر هذا الابتداع [منذ بداية التاريخ الهجري] بالتضييق (على حياة الناس وتحويل السنة إلى أيام نحس ليس فيها إلا يومان فرح فقط) وأنهم (يمرون على الأحداث مرور الأعمى)، وأن إحياء هذه البدع في الدين يحقق: (حالة سلام متبادل بين أطياف المجتمع والتسامح بين الفرقاء وتقريب المسافات المتنافرة بين الأفراد)، بل حكم على نفسه وعلينا: (بأننا نعيش أيامًا جرداء من الفرح بقية السنة) أي: غير يومي العيد الشرعيين.
وقبله شكا صحفي جاهل (بشرع الله) مثله مما سماه (حالات الملل والكآبة) لأنه (لا يوجد ـ في بلادنا المميزة بالدين والدنيا ـ مسارح ولا سينمات)، ولذلك فهو يشكك: (في صحة انتمائنا إلى البشرية)، وإنما أُتي هذا وهذا ـ وأمثالهما من الصحفين المعتدين على وظيفة الإصلاح الديني والدنيوي ـ من تبعيتهما الذليلة للتقليد: تقليد الأول للمبتدعة في الدين، وتقليد الثاني لمجتمعات قتل الفراغ، ولا يكفي الأول ما شرع الله وسن رسوله وعمل به خيار هذه الأمة من السلف (والخلف المتابع لهم) في الدين، ولا يكفي الثاني مئات القنوات الفضائية و(حَرَاج الانترنت) يقتل وقته الفارغ بأيها شاء في الدنيا.
ولك أن تسأل مروِّج الابتداع عن أثر كثرة الاحتفالات الدينية والدنيوية في بلاد المسلمين واليهود والنصارى والوثنيين من حيث تحقق (حالة السلام بين الأطياف! والتسامح بين الفرقاء وتقريب المسافات المتنافرة بين الأفراد)، وتسأل مروِّج وسائل قتل الفراغ الثاني عن تحقق ذلك في بلاد المسارح والسينمات وعن مستوى السعادة في الانتماء البشري المحقق بزيادة الملهيات.
يستدل صحفي الابتداع في الدين بمشروعية (صوم يوم عاشوراء ويومًا قبله أو بعده)، ويتنبه ـ ولعلها معجزة صحفية ـ إلى أن الأمر تعبدي، ولكنه يصرُّ على أخذ ما يريد وترك ما لا يريد هو ـ لا ما شرع الله تعالى وسن رسوله صلى الله عليه وسلم وعمل عليه صحابته وتابعوهم إلى هذا اليوم في بلاد التوحيد والسنة رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين ـ فهي كما يقول: (حادثة فرح) وهذا ما يهمه. ولعله يرجع مرة إلى كتب الحديث (لا السير) فيجد ما يعينه على فهم حديث صيام عاشوراء وأن أهم ما يفرح به المسلم ويبني عليه حياته ويصرف فيه وقته: ذكر الله وشرعه وعبادته كما قال الله تعالى: {فبذلك فليفرحوا}، ما رأيه في حادثة فرح أخرى: وجد النبي صلى الله عليه وسلم المسلمين (لا اليهود) عليها في المدينة النبوية ولهم يومان يلعبون فيهما كل عام (كما يريد الصحفي هداه الله) فقال: «إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما: الفطر ويوم النحر»؟
ولك أن تضحك (وشر البلية ما يضحك لو صدق المثل) من الفقه الصحفي الذي طهر الله منه رسوله وصالح المؤمنين، وهو يقود هذا المتفيهق إلى ما يسميه: (استنباط أحكام الفرح)، فقرر أن تسمية يوم الجمعة عيدًا (تأكيد على حركية التشريع مع متغيرات الحياة، وداعيًا إلى قتل الروتين الاجتماعي بشكل أسبوعي وليس سنويًّا)! ولو استمر سفهاء الصحافة في التعدِّي على قيادة الأمة (في الدين إضافة إلى الدنيا)، والقول على الله بغير علم، فإني أخشى أن يقتل (قبل الروتين الاجتماعي) الفقه في الدين وسنة سيد المرسلين في بلد ودولة جدد الله بها الدين والدعوة على بصيرة من نصوص الكتاب والسنة وفقه القرون المفضلة في هذه النصوص، وحفظ بها الدين والدعوة من شبهات وشهوات ووساوس شياطين الإنس والجن، ولا تزال وحدها منذ ما يقرب من ثلاثة قرون يمنع فيها بناء أوثان المقامات والمزارات والمشاهد التي يسميها المبتدعة: آثارًا دينية، وهي أبرز مظاهر الشرك الأكبر، وأشنع ما عُصي الله به منذ قوم نوح كما في صحيح البخاري وتفسير ابن جرير الطبري من تفسير ابن عباس رضي الله عنهما قول الله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} [نوح: 23]، ولا تزال وحدها خالية من البدع الظاهرة في الدين بالرغم من كثرة الوافدين إليها من بلاد الشرك والابتداع والتحزب الموصوف زوراً بالإسلامي، وكثرة استغلال الشيطان لهم للسعي في تقويضها بتقويض أسسها الشرعية هداهم الله وكفى الإسلام والمسلمين شرهم. وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وملتزمي سنته.
كتبه: سعد الحصين (أول عام 1432 هـ).