ولكن في التحريش بينهم

ولكن في التحريش بينهم

بسم الله الرحمن الرحيم

أطلعني أحد دعاة التوحيد والسنة جزاهم الله خير الجزاء وأعاذهم من نزعات شياطين الجن والإنس على مقال مُفتَرًى في (شبكة الأثري السلفية) باسم عبد الرحمن الدوسري الأثري ـ هداه الله ـ سواء تسمَّى باسمه أو بغيره، والمقال حلقة في سلسلة المهاترات والنزعات الشيطانية لإفساد ذات بَيْن أهل منهاج النبوة في الدين والدعوة، وأكثر ما يحرص الشيطان على إفساد ذات بينهم لأنهم حَمَلة منهاج النبوة، أما حملة المناهج البشرية المبتدعة من المتصوفة والحزبيين والحركيين والفكريين فهو حريص على تآلفهم وتعاونهم على الانحراف عن صراط الله المستقيم في الدين أو الدعوة.
وقد حشر كاتب المقال اسمي عنواناً لمقاله الشيطاني بما قد يظن غيره أنِّي أوافقه على محاولته المفْسِدة الطعن في علماء ودعاة التوحيد والسنة؛ والله يشهد إنه لكاذب.
وهو بإفكه يضطرني للإشارة أن الخلاف اللفظي بين أهل السنة الصحيحة اليوم، وهو مَرَض ابتُلِي به المسلمون أرجو الله أن يجنبهم سوء عاقبته؛ يؤجِّجه الصِّغار في العلم والعقل والخُلُق، ولا يستفيد منه إلا الشيطان وأتباعُه.
وقد جنبني الله ـ بفضله وكرمه ـ أن أكون طرفًا في هذا الخلاف لأني أعرف لهم جميعًا ثباتهم على منهاج النبوة وتعاونهم في الماضي على الحقِّ، وحاولت كثيرًا الإصلاح بينهم وتذكيرهم بفضل الله عليهم وفضله بهم على الأمة يوم جَمَعَهم على الحق ودَحَر بهم الباطل وقهر بهم فتنة الخوارج المُحْدَثين، وكنت أذكِّر كلاً منهم بقول الله تعالى {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [فصِّلت:34]، وأن علينا موالاة إخواننا في منهاج النبوة اعتقادًا وعبادة ومعاملة ودعوة، والدعاء لهم، والعفو عن خطئهم علينا، ونصحهم فيما نرى وقوعهم فيه من خطأ؛ دون التشهير بهم وسبِّهم وصدِّ المسلمين عن الاستفادة من علمهم ودعوتهم للحق الذي ضلَّ عنه أكثر دعاة العصر، وقد نشرتُ مقالاً عن ذلك بعنوان: (داء الشِّقاق من القدر الكوني)، ولم تسلَم منه فرقة صالحة أو طالحة ولا الفرقة الناجية.
أما الشيخ د.ربيع بن هادي المدخلي الذي أُفِك المقال المنسوب للأخ الدوسري للنَّيل منه (وربَّما الوقيعة بيني وبينه) فأَعْرِفُه منذ عرفته بالثبات على منهاج النبوة في الدين والدعوة، وقد نفعني الله ونفع المسلمين بما دعا إليه من بيان الحق والتحذير من الباطل (عامّةً) وكشف ضلال دعوة الفكر والظن والخروج على السنة والجماعة ومنازعة الأمر أهله (خاصة)، وأخَصُّ ذلك بيانه ما خفي على أكثر أهل السنة الصحيحة (العلماء وطلاب العلم وغيرهم) من ضلال منهاج سيد قطب (تجاوز الله عنا وعنهم جميعاً) عن شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولكن معرفتي بفضله لا يعني تبرئته من الخطأ إطلاقًا؛ وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «كلُّ ابن آدم خطّاءٌ» ولم يعصم الله من ولد آدم غير رسله عن الخطأ في تبليغ رسالاته، والحمد لله الذي ميَّزنا بعدم التعصُّب لأحدٍ.
وإشارة المقال الأَفَّاك إلى ما كتبتُه عنه وعن د. بكر أبو زيد وعن سيد قطب في بحث بعنوان: (فكر سيّد قطب بين رأيين) غير موفّقةٌ؛ فالبحث في أكثر من 80 صفحة أكثره يوافق د.ربيع ويؤيّده ويبيّن توفيق الله له في الذّب عن شرعه، ولم أخالفه في أكثر من سطرين أو ثلاثة.
وأرجو الله أنْ يوفق الشيخ ربيعًا ومن اختلف معهم من أهل منهاج النبوة إلى الثبات على الحق والتعاون على البر والتقوى والحذر من فتنة السفهاء والتحريش بينهم.
وأرجو الله أن يوفق كاتب المقال الأفّاك إلى التوبة إلى الله والحذر من أن يتخذه الشيطان مطية له في إشعال الفتن وإشغال دعاة الحق والعدل عَمّا ميّزهم الله به من الحق والعدل.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه ومتبعي سنته.
الرياض في 1427/3/29هـ.