من سعد الحصين إلى عبد الحق التركماني [3] [الجدل والمراء الاستعراضي وإثارة الصّخب بلا معنى]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى فضيلة الشيخ عبد الحق التركماني، وفقه الله للحق والعدل.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فإلحاقاً لما كتبته لكم من لبنان في آخر ذي القعدة أو أوّل ذي الحجة 1433هـ بدا لي تعليقك على المقال: (حميّة الجاهليّة وراء فتنة سوريا) مثلاً تقليدياًّ للجدل والمراء الاستعراضي وإثارة الصّخب بلا معنى، فأعماك كلّ ذلك عن إدراك الفرق بين: (يكادون يجمعون) في مقالتي و: (مجمعون) في تعليقك، ثم ناقضت نفسك في الفقرة التي تليها فأنكرت قولي: (بأنهم لا يجمعون على الحقّ والعدل).
وقد قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلا* ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا}، ولن تُقْبَل دعوى الإيمان ممّن يقرّر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم فُتِنَ أو رَكَنَ.
وعن الثانية، لقد قال الله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين}، وقال الله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}.
وفي ذلك الوقت صدّتني هاتان السّقطتان عن قراءة البقية فضلاً عن التعليق عليها، ولكنّي عُدْت إليها أمس فوجدتها مبنيّة على الإشاعة ومعها تفاهات الانترنت في مخالفة صاخبة لأمر الله المؤمنين بالتّثبّت: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبيّنوا}.
ومَنْ أفسق من وسائل الإعلام (الإنترنت مجهول الهويّة بخاصّة)؟ في فتنة العراق في الكويت عام 1410 رقص الإسلاميّون وطبّلوا وزمّروا (في خُطَب الجمعة فما دونها) لِخُدع فوتوكرافيّة وسينمائيّة تشوّه ولاة أمر المسلمين المحاربين لعدوان حزب البعث العراقي الاشتراكي على دولة من خير دول المسلمين طهّرها الله من وثنيّة العراق وإيران (جارتيها) وتميّزت بالمحافظة على المال والأمن وكلّ ما ضيّعته العراق.
بل صدّق الإسلاميّون الخُدَعَ الفوتكرافية والسينمائية والاعلاميّة التي تنشر فِرْية لا يصدّقها إلّا عقول (أو غيبة عقول) الحركيّين العرب: الأمريكيين يطوفون بالكعبة بالسّراويل القصيرة ويحرسون أبواب المسجد الحرام ويضعون مفتاح الكعبة في يد مجنّدة أمريكيّة، ولا ألوم غوغاء الأمّيّين إذا صدّقوا مثل هذا الافتراء السّاقط، إذا صدّقه وردّده غوغاء المثقفين أمثال أ.د إبراهيم الكيلاني، وأ.د عباسي مدني الذي كلّف نفسه سؤال أحد حراس البيت الحرام هل هو أمريكي أو مسلم (حين زار المملكة المباركة بعد زيارته إيران والعراق).
أما تعليقكم على المقال: (رأي حرّ في فتنة سوريا) فقد صدّني عنوانه عن قراءته: (رأي غير حرّ في…) لتصريحك بمخالفة المنهاج الذي ندين الله به: الرّدّ إلى الله والرسول، والتزامك بعبودية (التقليد، والنقل [بلا تثبت] عن وسائل الإعلام الفاسقة، والعاطفة أي: الهوى مع فئة أو ضدّ فئة)، فافتخر أخي عبد الحق بالعبودية لما منّ الله عليّ بالتحرّر منه مع أني كرّرت في مقالي ما حرصت دائماً على الاستدلال به: من أمر الله تعالى بالعدل ونهيه عن الاعتداء على من لا يدّعي الإسلام، فكيف بمن يدّعيه ويتظاهر بأداء أبرز فرائضه، ويقوم على تأمين أدائها للرعيّة ولم ينقل عنه قول أو فعل يناقضه بما في ذلك دعاء أصحاب المقامات مع الله، وهو الشرك الأكبر الذي يقارفه أكثر الرّعية منذ مئات السّنين.
وكرّرت الاستدلال بأمر الله بطاعة ولاة أمر المسلمين ونهيه عن الافساد في الأرض، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم أمته ومبايعته أصحابه ألّا ينازعوا الأمر أهله إلا أن يروا كفراً بواحاً معهم عليه برهان من كتاب الله وسنّة رسوله بفهم فقهاء الأمّة، لا بدعوى المدّعين المجهولين وخدعهم الفوتكرافية والسّينمائية وإعلاناتهم الدّعائية الانترنتية.
وأخيراً بعد إلحاح عاطفي منك وشفاعة ملحّة من أخي في الدّين والدّعوة على منهاج النبوّة حقّا الشيخ الدكتور محمد الفريح وافَقْتُ على تأجيل نشر الرّدّ عليك بشرط محافظتك على وعدك بالالتزام بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم.
والله يهدينا جميعا لأقرب من هذا رشدا.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز الحصيّن، تعاونا على البرّ والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.
الرسالة رقم/31 – التاريخ/ 1434/02/05هـ.