ماذا تفعل الرعية بالحاكم الظالم والفاسق والفاجر؟
ماذا تفعل الرعية بالحاكم الظالم والفاسق والفاجر؟
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه محاولة للإجابة عن هذا السؤال لتبيان ما اخْتُلفَ فيه من الحق مستنبطة من كتاب الله وسنة رسولهوفقه أئمة الهدى في نصوصهما، عملاً بقول الله تعالى: {فان تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}. وعلى الكاتب ألا يخفي نصا يخالف رأيه، وعلى القارىء التسليم راضيا مطمئنا:
1) حق الراعي على رعيته:طاعته فيما ليس فيه معصية، والدعاء له، والنصح له، قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات؛ مات ميتة جاهلية» [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة،… لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم»، ومن النصيحة لهم جميعا الدعاء للراعي بالصلاح والتوفيق والهداية.
قال الامام أحمد بن حنبل لما ذكر ولي الأمر في عهده: «إني لأدعو له بالصلاح والعافية، لئن حدث به حدث لتنظرن ما يحل بالإسلام» (كتاب السنة للخلاّل ص84).
وقال البربهاري: «إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعته يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة، فأُمرنا أن ندعو لهم ولم نؤمر أن ندعو عليهم وإن جاروا وظلموا، لأن جورهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين» (شرح السنة ص51).
2) وحق الرعية على الراعي:
النصح لرعيته في أمور الدين أولا، ثم في أمور الدنيا ثانيا؛ بنشر العقيدة والسنة بالتعليم والحكم والدعوة إلى الله على بصيرة، وبمنع البدع وأعظمها بناء المساجد على أوثان الأضرحة والمقامات والمشاهد والمزارات، وما دونها من الزوايا وسائر بدع العبادات، وللرعية على الراعي حقوق الاحسان والرعاية، وألا يكلفهم ما لايطيقون، وأن يوفر لهم من الخدمات المعيشية ما يطيق، وأن يكون قدوة صالحة في الدين والدنيا، قال الله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع اهواءهم}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة» [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: «كلكم راع ومسؤول عن رعيته» [رواه البخاري].
3) جواب السؤال لمن قبل حكم الله في كتابه وسنة رسوله:
على الرعية طاعة الراعي وإن ظلم وجار، وإن فسق وفجر، إلا أن يأمر بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك» [رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: «إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها». قالوا: كيف تأمر من أدرك منا ذلك؟ قال: «تؤدون الحق الذي عليكم وتسألون الله الذي لكم» [متفق عليه].
وقال صلى الله عليه وسلم: «من يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني» [متفق عليه].
بل قال صلى الله عليه وسلم: «يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ولا يستنون بسنتي». قال حديفة: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع» [رواه مسلم].
بل قال صلى الله عليه وسلم: «كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون (أو يميتون) الصلاة عن وقتها؟» قال أبو ذر: فما تأمرني؟ قال صلى الله عليه وسلم: «صل الصلاة لوقتها، فان أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة» [رواه مسلم].
ومع ظهور المعاصي من الشرك فما دونه في مسلمي اليوم إلا من رحم الله؛ لم يؤمر باقترافها، ولو حدث ذلك وجبت طاعة الراعي في طاعة الله ومعصيته في معصية الله، كما قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أحد رواة الحديث عن ذلك، وصلى الله وسلم على محمد وآله وصحبه.