دولة الدعوة بالوحي بعد القرون المفضلة (تعقيب على الألباني رحمه الله)

دولة الدعوة بالوحي بعد القرون المفضلة (تعقيب على الألباني رحمه الله)

بسم الله الرحمن الرحيم

عرّف الشيخ المحدث ناصر الدين الألباني رحمه الله (تَبَالَه) بأنها: موضع باليمن وليست (تباله) التي يُضرب بها المثل: (أهون على الحَجَّاج من تباله) فتلك بالطّائف، في مختصره لصحيح مسلم عند الحديث 2012: «لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلَيَات نساء دوس على ذي الخلصة» ط6 عام 1407هـ ص533.

وببحث هذا الأمر تبين أن الشيخ ناصر اقتبس رأيه مما ذكره ياقوت في المعجم، وكان ياقوت أقرب إلى لُفَة التحقيق إذ بيّن أنَّه إنّما يَظنْ ظنّاً، بينما جزم الشيخ بذلك على غير عادة المحققين في النقل، ولم يَعْزُ النفس إلى المنقول عنه على عادة المؤلفين في القرون المتأخرة (والشيخ ممّن يطالب النّاقلين عنه بالعَزْو إليه)، ولا حَرَجَ في ذلك شرعاً؛ فالعلوم الشرعية مشاعة بين النّاس (كالماء والهواء والنار من الأمور الدنيوية)، وكان فقهاء السّلف ينقلون الكتاب كاملاً عمّن سبقهم أو نصفه أو جزءه دون العَزْو إلى مؤلِّفه، وربما بدأ الاهتمام بالعَزو عند بعض المؤلفين في القرن التاسع الهجري، ثم اشتدّ الاهتمام به في هذا العصر تقليداً للغرب وتغليباً للشّح وحظ النفس. وأشهد أن الشيخ ناصر الدين من خير من دعا الناس إلى معرفة الدليل من السنة فيما يتعبدون لله به، بل لا أعرف أحداً سبقه إلى نشر ذلك في السنين الأخيرة غير الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، ويجمع الشيخين(1) ببقية علماء الدّعوة التجديدية في جزيرة العرب رحمهم الله: نشر توحيد الله بإفراده بالعبادة ونفيها عما سواه وتحذير الناس مما ابْتُلِي به أكثرهم من البدع الشركية فيما دونها. وفي زَمَن مايُسَمَّى بالصّحوة الدينية التي يغلب عليها الحماس وتحكيم العاطفة كان الشباب أكثر التفافاً حول الألباني لأنهم يجدون في صلابة خُلُقه ما يجذبهم إليه أكثر مما يجدون في لِيْن خُلُق ابن باز وتعدّد اهتماماته وارتباطه بفقه الأئمة القُدْوه. و(تباله )موضع بين الطّائف وأبها (قُرْب بيشه)، وليست في اليمن ولا في الطائف بحدودها الحاضرة، وإنما كان الناس يَعُدُّون يَمَناً كل ما وقع جنوباً عن مكة المباركة كما يعدون شاماً كل ما وقع شمالاً (أو غرباً) عنها؛ فيقولون اليوم كما بالأمس: الرّكن الجنوبي والرّكن الشامي من الكعبة.
ويظهر أن (تباله) موضع آخر لوثن ذي الخلصة لخثعم أو رد خبره الإمام البخاري (في صحيحه في كتاب المغازي باب عزوة ذي الخلصة) هدمه جرير بن عبد الله وقومه رضي الله عنهم بأمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، أما موضع وثن ذي الخلصة الذي تضطرب عليه أليات نساء دوس في حديث الصحيحين فهو لِدَوْس في منطقة تسمى اليوم زهران، وبين زهران وبيشه مسافة.
وقد حقق الشيخ حمد الجاسر هذا الأمر، ووصل إلى هذه النتيجة بعد وقوفه على الموضعين ومقارنته بين الأحاديث وأقوال العلماء، وقبله رجّح ابن حجر ذلك في فتح الباري ج8 ص71 (في سراة غامد وزهران ص336 – 340 لحمد الجاسر، وأشراط الساعة ص124 ليوسف الوابل).
وقد أعيد بناء الوثن بعد تولي الفاطميين الفساد في الأرض كما بُنِيَتْ أوثان كثيرة بأسماء الأنبياء والصّالحين (ومن لم يُعْرَفْ بنبّوة ولا صلاح) واتّخذت القبور مساجد بحجة إحياء الآثار الدينية التي وسوس بها الشيطان لقوم نوح ومَنْ بَعْدهم من اليهود والنّصارى وغيرهم مشاقّة لله، ولرسوله؛ وكانت آخر وصاياه لأمّته التّحذير من ذلك: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» [متفق عليه]. ولم تَعْمْ دولة من دَول المسلمين ـ بعد الفاطميين ـ لهدْم هذه الأوثان أو للتحذير منها ومما دونها من البدع حتى تعاهد الإمامان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله على ذلك فقامت دولة الدّعوة السعودية إلى التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة لأوّل مرّة بعد القرون المفضلة. وهي نعمة من أكبر نعم الله على عباده ومفخرةٌ وميزةٌ تَقْصر عنها كلّ مفخرة وميزة، بفضل الله على الحكم السعودي في مراحله الثلاث:

أ- مرحلة التّجديد والتأسيس والامتداد والاستقرار في ولاية محمد بن سعود وولي عهد الإمام عبد العزيز ابن محمد ابن سعود التي بدأت في القرن الثاني عشر من الهجرة مصداقاً لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن الله يَبْعَثُ لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها دينها».

وكان وليّ الأمور الشرعية (في البداية) محمد بن عبد الوهاب ووليّ الأمور الإدارية والتّنفيذية محمد بن سعود، ولما ولي الأمر بعده ابنه عبد العزيز كان قد بلغ من العلم والحكمة ما جعل شيخه محمد بن عبد الوهاب يراه أهلاً لولاية الأمرين معاً.
واستكمل الإمامان عبد العزيز وولي عهده ابنه سعود (وكان لا يقل عن أبيه علْماً وحكمة) نشر التوحيد والسنة ومَحْو الشرك والبدعة وهَدم أوثان الأضرحة والمقامات والمزارات والمشاهد من الفراق إلى بحر العرب ومن الخليج العربي الفارسي إلى البحر الأحمر، أجزل الله ثوابه لهم جميعاً.
ومن الأوثان التي هُدِمت في ولاية الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود رحمهم الله وثن ذي الخلصة في موضعيه المذكورين: (تباله) لخثعم، و(زهران) لدوس. وقُتل الإمام عبد العزيز رحمه الله وهو ساجد في صلاة العصر كما قتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بيد علج من العراق انتقاماً لأوثانها المهدومة، وولِيَ الأمر بعده وليّ عهده الإمام سعود الذي قال عنه المؤرخ العلامة عثمان بن بشر رحمهما الله: (لم يتخلّف عن غزوة، ولم تُهْزَم له راية) [في الجهاد في سبيل الله لتكون كلمة الله هي العليا] (عنوان المجد ص226 ج1 ط. وزارة المعارف عام 1394هـ بتحقيق عبد الرحمن ابن عبد اللطيف آل الشيخ).

وفي بضع سنوات من ولاية عبد الله بن سعود بن عبد العزيز أرسلت السّلطنة العثمانية كِلابَها من ولاة مصر الألبانيين بجيش من مرتزقة العجم لهدم الدعوة والدَّولة السعودية التي جدّد الله بها الدين (بالعودة به إلى ما كان عليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه) مما شبّهه د. صالح العبود (رئيساً قسم السنة ثم رئيس الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية) بالحروب الصليبية (في مقدّمته لكتاب حقيقة الدّعوة إلى الله تعالى ص14) وما وصفه بالحروب الصّليبيّة أيضاً د.زكريا بيّومي أستاذ التاريخ الحديث في جامعة المنصورة بمصر (مجلة المنار الجديد ص90 عدد 18 محرم 1423هـ الصّادرة عن دار المنار الجديد للنشر والتوزيع بالقاهرة)، وظنّ المُجْرمون المُعْتدون وغيرهم أنهم (بهدم الدّرعية وقتل ونفي أكثر ولاة الأمر من الأمراء والعلماء القائمين على دولة الدّعوة) قضوا على الدولة والدعوة، ولكن الله تعالى لطيف بعباده، يقضي ما يشاء ويحكم ما يريد، ولا يصلح عمل المفسدين.
ب- مرحلة إعادة نهر الدّعوة ودولتها إلى مجراه في كثير من نواحي جزيرة العرب في ولاية الإمام تركي بن عبد الله ابن محمد بن سعود (رحمهم الله جميعاً) التي بدأت تعد بضع سنوات من هدم الدرعيّة عاصمة دولة الدّعوة إلى التوحيد ولسنة وإن لم يكتب الله لها الوصول إلى كل نواحي الدولة الأولى، ميّزها الله بتجديد الدعوة والدولة في القرن الثالث عشرة. وعاد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعادت دروس العلم الشرعي إلى المساجد، وعادت رسائل الرّاعي لرعيّته تحثهم على طاعة الله وتحذرهم من معصيته وتذكرهم بآلاء الله وأيامه، وترغبهم في ثوابه وترهبهم من عقابه.
وانتقلت عاصمة الدّعوة والدولة من الدرعية إلى الرياض وانتقلت الولاية من ذرية عبد العزيز بن محمد بن سعود إلى ذرية أخيه عبد الله بن محمد ابن سعود، ولا تزال فيهم إلى هذا اليوم حفظهم الله قدوة صالحة وذخراً.
ج- مرحلة التجديد الثالثة في القرن الرابع عشرة من الهجرة وتوحيد معظم الناس في جزيرة العرب على المنهاج النبوي في الدين والدعوة في ولاية الملك عبد العزيز وولاة عهده من أبنائه بعده جزاهم الله خير ما يَجْزي به الدّعاة إلى دينه الحق.
وقد يُظَنّ أن الأوَّلَ لم يُبْقِ للآخر ما يضيفه في الدّعوة إلى منهاج النبوة بعد أن عرفنا ما قدمه الأئمة الأول من ولاة آل سعود وعلماء الدعوة المباركة من إحياء المنهاج النبوي بعد قرون من ضلال الفاطميين والعثمانيين ومَنْ بينهما عنه؛ ولكن إشارة عاجلةً إلى أهم ما أنجزه الملك عبد العزيز وولي عهده ابنه سعود والملوك بعده قد تنير الطريق لمن يريد معرفة الحق إجمالاً أو تفصيلاً.
1- بعد عشر سنوات من مغادرة الإمام عبد الرحمن وابنه عبد العزيز عاصمة الدولة السعودية الرياض، عاد إليها عبد العزيز فاتحاً ومُجَدِّداً مجد آل سعود في الدين والدعوة والدولة بعد أن عادت جزيرة العرب إلى ما كانت عليه قبلهم من ضعف الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن الخوف والجوع، ومن الاقتتال والنهب وقطع الطريق، وأسوأ من ذلك كلّه عادت بعض مناطقها إلى عبادة الأوثان من المقامات والمزارات والأنصاب ومنها وثن ذي الخلصة في موضعيه جنوب مكة المباركة.
2- أسس عبد العزيز ـ بفضل الله ـ ملكاً عريضاً قائماً على الدعوة إلى الله على بصيرة وعلى أحكام شرع الله في الاعتقاد والعبادة والمعاملة ونَشْر السنة ومحاربة البدعة، وهَدَم جيشه وثن ذي الخلصة (فاصطفاه الله لما اصطفى له جرير بن عبد الله وقومه رضي الله عنهم ثم لما اصطفى له الإمام عبد العزيز بن محمد، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)، وهَدَم جيشه جميع الأوثان التي أعادها الشيطان وأعوانه إلى بلاد كثيرة من جزيرة العرب بعد عدوان العثمانيين ومرتزقتهم على دولة التوحيد والسنة.
3- فتح الله خزائن الأرض في ولاية الملك عبد العزيز وأبنائه فأطعم الله بها أهل جزيرة العرب من جوع بعد أن آمنهم من خوف، ومكّن لهم دينهم الذي ارتضى لهم يعبدونه لا يشركون به شيئاً، وفاض خير الدين والدنيا من دولة الدعوة إلى منهاج النبوة على المسلمين والعرب والمقيمين في بلادها وخارجها ومناصرة المظلومين وإنقاذ المكروبين، وفي هذا السبيل أوقف الملك سعود بيع البترول للأوربيين الذي اعتدوا على مصر عام 1956م ثم أوقف الملك فيصل بيعه إلى الذين اعتدوا على مصر عام 1973م مع أن البترول يكاد يكون السلعة الوحيدة القابلة للتصدير وهو المورد الأكبر للخزينة العامّة، وفي نهاية العقد الأول من القرن الخامس عشرة ذكرت التقارير الاقتصادية الدولية أن المملكة العربية السعودية أنقذت الأردن إثر انهيار سعر صرف الدينار الأردني استجابة لنداء الملك حسين رحمه الله بإيداع ألف مليون دولار في البنك المركزي الأردني وإهداء مائتي مليون دولار للخزينة الأردنية، وأكد الملك حسين هذا الخبر بابراقه من الطائرة إلى الملك فهد: (فرج الله كربكم)، وأعلنت وزارة المالية السعودية رداً على بعض الجاحدين أنها سلّمت السلطة الفلسطينية في فترة معيّنة مبلغ ألفي مليون، وهذه أمثلة قليلة لكثير من أمثالها والمنّة لله وحده والفضل.
4- لتوفر وسائل الطباعة والنشر في ولاية الملك عبد العزيز أمر بطباعة كثير من المراجع الشرعية لأوّل مرة في تاريخ المسلمين منها: المغني والشرح الكبير في الفقه، وجامع الأصول في الحديث، وتفسير ابن كثير، وفي ولاية الملك سعود أمَرَ بجَمْع وطبع فتاوى ابن تيمية لأوّل مرَّة في التاريخ وفيها فُتحت أوّل جامعة في جزيرة العرب، وفيها أُنْشئت الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية وخُصِّص 85% من مقاعد الدراسة فيها للوافدين من بلاد المسلمين؛ لنشر التوحيد والسنة في الخارج مع الداخل، وآثرها الملك سعود بقصره في المدينة كما آثر التعليم في مكة بقصره، وبعد وفاته بعشرات السنين فُتحت جامعة الطائف في قصره بالحويّة. وفي ولايته نُفِّذ مشروع التوسعة الأولى للمسجد الحرام والمسجد النبوي إضافة إلى عدد يصعب إحصاؤه من مشروعات المياه والإسكان والطرق والصحة والتعليم والنقل والإغاثة حتى عَجِزَ الدّخل العام من البترول وغيره عن إرضاء أدنى مستوياتها، كما تقول التقارير الاقتصادية العالمية (لا الإذاعة ولا الإشاعه).
5- وفي ولاية الملك فيصل والملك خالد (رحمهما الله) والملك فهد (حفظه الله قدوة صالحة)، زاد إنتاج النفط وزادت أسعاره أضعافاً مضاعفة، وزاد الإنفاق على مؤسسات العلم والدعوة في الدّاخل والخارج إضافة إلى الخدمات العامّة.
وتُعدُّ دروس إذاعة القرآن السعودية وبخاصة برامج الفتاوى (نور على الدرب أولاً، وغيره ثانياً) أكبر وأصحّ مصدر لمعرفة شرع الله وتبليغه والدعوة إليه وأوسعها انتشاراً بين المسلمين في كل مكان. وقبل عام أسَّس بعض أفراد الأسرة السعودية وعلى رأسهم خادم الحرمين مؤسسةً للدعوة الخيرية تتيح لأيّ مسلم أو غير مسلم (بطريق الأقمار الصناعية) حضور دروس كبار العلماء ومناقشتهم وسؤالهم ـ وجهاً لوجه ـ لاقتناع المؤسِّسين والمستفيدين بأن علماء المملكة المباركة هم أوثق المصادر والمراجع الدينية (على منهاج النبوة) منذ تعاهد الإمامان محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود رحمهما الله على الرجوع بالإسلام والمسلمين إلى ما كان عليه النبي وأصحابه. وبفضل الله على دولة الدعوة إلى التوحيد والسنة وبفضله بها على المسلمين كافة جعلها خير دولة أخرجت للناس منذ القرون المفضلة، وأهلها لخدمة المسجد الحرام والمسجد النبوي وتطهيرهما من الشرك والبدع ولرفع راية التوحيد والسنة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) قولاً وعملاً من أول يوم.
6- ومع كثرة ما ميّز الله به دولة التّوحيد والسنة في مراحلها الثلاث فلن توجد ميزة ـ حتى قيام الساعة ـ أكبر من نشر التوحيد والسنة ومحاربة الشرك والبدعة وبخاصة: هدم أوثان المقامات والمزارات، ومنع مظاهر التّصوّف والتّخريف، ومنع التحزّب والتّعصّب لبشر غير محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو لمنهاج غير منهاجه من وحي الله بفهم السّلف الصالح.
جزى الله ولاة دولة الدعوة وعلماءها عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء وأجزل لهم الثواب وأعزّهم بخدمة دينه وأهله وحفظهم قدوة صالحة.
الرياض 1425هـ.

هامـــــش:

(1) جمعت الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بين الشيخ ابن باز رئيساً والشيخ الألباني معلّماً في خدمة دولة الدّعوة إلى التوحيد والسنة (السعودية)، وأمرَ الملك أثابه الله باستمرار صرف راتب الألباني له مدى الحياة، ومثله نسيب الرفاعي وعبد القادر بن حوفل الأرناؤوط، ومثلهما كثير، حفظ الله دولة الدعوة ذُخراً للإسلام وقدوة للمسلمين.