من سعد الحصين إلى هاني بن عبد الله الجبير
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى فضيلة الأخ في الدّين وفي وطنٍ أُسِّسَ من أوّل يوم على منهاج النبوة في الدّين والدعوة إليه والجهاد في سبيله الشيخ/ هاني بن عبد الله الجبير، هنّأه الله بطاعته وخدمة دينه.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد قرأت – متأخراً كالعادة – مقالاً لكم من مجلة البيان عن (مقاطعة بضائع الكفار)، وشكرت الله ثم شكرتكم لمحاولتكم الاعتماد على الشرع اليقيني وتجنّب العاطفة والفكر الظّنّي خلافاً لعادة المجلات العلمانية والإسلاميّة اليوم.
وذكّرتَني بالزّميل الشيخ/ عبد الله الجبير الذي جمعتنا به دار التوحيد ثم كلّية الشريعة ثم معهد الدّراسات العربيّة العليا وإن كان أخي صالح ألصق بشخصه وتخصّصه، كما ذكّرتني بالزميل الأستاذ/ أحمد الجبير الذي جمعتني به مؤسّسات العلم ثمّ التّعليم ولعلّ الله أن يجمعنا بالجميع في الجنّة.
وكان بعض الحركيّين في مجلّة البيان أساء استغلال مقالكم فجعل عنوان الغلاف: (قاطعوا بضائع الكفار) وعلّقه على مفترق طرق الرياض، فرددتُ قوله وفعله بأحد المقالين، ولا أدري هل نشرته جريدة أو مجلة لأني (قاطعت) الجرايد والمجلات منذ عشرات السّنين.
كما علّقتُ على مقال في الاقتصاديّة لنجيب الزّامل عن (مقاطعة العلامات التّجاريّة الأمريكيّة) بالمقال الآخر وذُكر لي أن الاقتصادية نشرتْ جزءا منه، ولم أره، فالإخوة جزاهم الله خير الجزاء يرسلون لي ما يرون لي الاطلاع عليه من آراء تخالف رأيي، أو تخالف شرع الله وهو الأهمّ.
ولكن مقالاتي تتسم بالبساطة – إن صحّ التعبير – أو السّطحيّة أو الضّحالة مقارنة بالبحث العلمي أو الفكري الذي اخترتموه لمقالكم، «وكلٌّ ميسّرٌ لما خُلِقَ له».
ومن أهمّ ما لم أتفق معكم عليه: عدم اشتراط إذن الإمام للمقاطعة المنظّمة؛ بدليل حديث ثمامة بن أثال نفسه فقد جعل إذن الإمام شرطاً للتّخلّي عنها، ولا ذكر فيه لموافقة النبي (صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والدعاة إلى سبيله) على إنشاء المقاطعة ولا على أن ثمامة رضي الله عنه اعتمد على فقهه في الدّين فهو حديث عهد بالإسلام مضى في عزمه قبل الاسلام على العمرة فلقي المشركين فاتّهموه وتحدّاهم.
وهذا كلّه في المقاطعة العامّة من أجل الدّين، أما الاختيار الفردي الشخصي فقد تلبّست به منذ عشرات السّنين فلم أشتر آلة لا لضرورة (أو حاجة شديدة) لها، بما في ذلك البيجر والجوّال وأدوات الزّينة (في المركب أو الملبس أو المأكل) وأدوات التكييف إلخ.
وهذه البلاد والدّولة المباركة تتأثر بمقاطعة الدّول الصناعية لنا (وبخاصّة منتجات النفط) أكثر مما تتأثر هي بمقاطعتنا إياها.
ثمّ إن دوافعنا لمقاطعتهم هي للحقد والحسد والدّنيا أقرب منها إلى نصرة الدين وأهله – في رأيي – وإن تظاهرنا بالعكس.
والجهاد – قتالاً أو مقاطعة أو غير ذلك – لا يكون في سبيل الله إلاّ إذا كان «لتكون كلمة الله هي العليا» وآسف لظنّي غياب ذلك.
والنّية الحسنة لا تكفي في أمور الدّين إلا إذا كان العمل مشروعاً فالاستدلال بقول ابن تيمية رحمه الله في غير محلّه كما أراه.
والكلام عن نظري: فقهي يحق المناط وواقعي يعرف الحال صحيح ولكنه يستعمل في غير محله، فمدعي معرفة الحال اليوم لا تتجاوز مراجعهم أخبار الصحف والاشاعات والإذاعات والانترنت (ومجلة القدس) وهي ظنّية في أحسن أحوالهم ومتاحة للجميع أهل الدّين وأهل الدّنيا على حدّ سواء.
سلامي للأهل ولكلّ عزيز بطاعة الله، والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى وتحذيرا من الإثم والعدوان.
الرسالة رقم/155 في 1224/10/15هـ.