من سعد الحصين إلى محمد بن ناصر العبودي [3]
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى معالي الأخ في الدّين ووطن الدعوة إليه على بصيرة الشيخ/ محمد بن ناصر العبودي نصر الله به دينه وحمّده العاقبة في كلّ أمره.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أمّا بعد: فقد شاء الله أن تلحق هذه الرّسالة بسابقتها التي تأخرت بسبب توقف البريد السّياسي في إجازة الحجّ:
1) وشاء الله أن أطّلع على مؤلّفكم عن كشمير فأسرّ بذلك لأنّه يليق بالأخ العالم الأديب أكثر من غيره من مؤلّفاته؛ فلم يمنعه أدب الرّحلات من أن يتمعّر قلمه مما يراه من تعبّد المنتمين إلى الإسلام والسّنّة بالبدعة الشركيّة فما دونها! وهل من أمل في عودة الأخ العالم الأديب إلى المنهاج الأصيل؟ لا شك.
وقد يرى غيري عذراً في حساسية وضع الرّابطة وواقع اتّجاهها وغالبية العاملين فيها ممن لم يحالف التوفيق اختيارهم، ولكنّي رأيتك تنتقد مضيفيك في بروناي على سوء التنظيم في ذكرى الاستقلال الأولى وهو أمر لا يتكرّر فلا عبرة بخيره ولا شرّه، ورأيتك تنتقد إحدى الدّول المجاورة لموقفها من حزب الإخوان المسلمين، ومثلك لا يفوته أن الخلاف على السّلطة لا على الدّين والأخوّة فيه، فقد نشر الحزب خريطة للدّولة المقبلة باسم: دولة الإخوان المسلمين لا الإسلام، وقادته مبتدعة وفيهم دعاة إلى الخرافة والبدعة، وغالبية أفرادهم مبتدعة، ولم تكن دعوتهم مطابقة لمنهاج النبوّة في أحسن أحوالهم، وعندما حصلوا على النيابة في البرلمان أجازوا تجنيد البنات، وفي رئاسة البلدية رخصوا البناء في الخمّارات ومزرعة الخنزير والكنائس والأضرحة الوثنية، وفي وزارة الأوقاف قاموا على تطوير أوثان الأضرحة، وفي وزارة العدل قاموا على إدارة المحاكم القانونيّة.
2) ولم أعرف من أين استقى أخي العالم الأديب حُكْمَهُ أن التديّن الوثني خير من عدم التديّن؛ أمِن نصوص الوحي وفقه الأئمّة الأوَل فيها، أم مِنْ ظنّه؟ والفرق بين الأمرين لا يحتاج إلى شرح.
3) أشعار الغزل الشعبية البوسنويّة من التراث الحضاري الإسلامي الذي يستوجب حسرتك عليه؟ (أيّها) التّراث والفنّ والفكر الإسلامي والحضارة والعمارة الإسلاميّة، (كم) باسمكما (ترتكب الآثام) بتضييع الدّعوة على منهاج النبوّة.
4) الخرافة (لا الخلافة) العثمانيّة لم تكبر لوضعها بالإسلاميّة، فالإسلام الحقيقي كان فيها في غربة، وهي التي نشرت البدعة بكلّ أشكالها وهي التي تولّت كِبْر مقاومة دعوة التوحيد والسّنّة في جزيرة العرب وقوّضت بناء الدّولة المباركة ولكن: {يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم} وسلاحهم وولاتهم في مصر {ويأبى الله إلاّ أن يتمّ نوره}، وقد ألف مستشار السّلطان عبد الحميد (الصيادي) في البدعة والخرافة أكثر مما ألف غيره من البشر، وكان الحاكم بأمره في الدّين، وما صغرت لتركها الوصف، ولكنّها الأيّام يداولها الله بين النّاس.
5) هل يرضى الله بتبذير 10ملايين دولار لبناء ما يسمى المركز الاسلامي أو الجامع في زغرب، وصرف 600 ألف دولار لترميم القبّة بعد الحريق، وهي من تبرعات المسلمين أفراداً أو حكومات أو هيئات؟ قال الله تعالى: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كلّ مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنّه لا يحبّ المسرفين}، وأسوأ من مجرّد الاسراف التقرّب به إلى الله ودعوى أنّه وسيلة صالحة للدّعوة إلى دينه. لولا واجب النّصيحة لما قابلت لطف أخي الأدبيّ بما قد يضايقه.
وفقكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاوناً على البرّ والتّقوى وتحذيراً من الإثم والعدوان.
الرسالة رقم349 في 1419/12/16هـ.