من سعد الحصين إلى عبد الله الطيار وكيل الوزارة

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى فضيلة الشيخ/ عبد الله الطّيّار، وكيل الوزارة، وفقه الله لرضاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أمّا بعد: فقد اطلعت على ملاحظة لكم حول خطبة الجمعة، في عدد ذي الحجّة 1414 من مجلّة العربية، ولي عليها ملاحظات:

1) خطبة الجمعة يا أخي الكريم عبادة، والعبادة توقيفية لا تخضع للآراء والأهواء، ولا تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان.

2) أصح ميزان ومرجع للخطبة، فيما أعلم، حديث أمّ هشام بنت حارثة في صحيح مسلم: «…وما أخذت {ق والقرآن المجيد} إلاّ من فيه (صلى الله عليه وسلم) كان يقرأها كلّ جمعة على المنبر».

3) ورد عن عمر رضي الله عنه (ونحن مأمورون باتباع سنّته) أنه تكلّم في خطبة الجمعة عن الكلالة وعن أكل الثوم والبصل.

4) يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: بأنّ خطب رسول الله صلى الله عليه وسلّم لم تخرج عن الثناء على الله والصّلاة على رسوله، والأمر بالتّقوى، والتّذكير بالآخرة وبالقبر والجنة والنار ونحو ذلك من الأمور الشرعية الثابتة (رغم ما حدث في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحوادث والطوارئ العظام.

5) لم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه استشهد في خطبة الجمعة مرة واحدة ببيت من الشعر ولا قصّة لم يوح بها إليه.

بل لا نعلم أن ذلك وقع في خطب سلفنا الصالح حتى منتصف القرن الأخير، عندما أخذ الاستحسان مكان الاتباع، واستبدل (الفكر الإسلامي والثقافة الإسلامية) بعلوم الشريعة، واستبدلت مناهج حسن البنا وتقي الدّين النبهاني رحمهما الله بمنهج محمد صلى الله عليه وسلم في الدّعوة إلى دينه.

6) أكثر المسلمين اليوم بل وأمس بعد القرون الثلاثة المفضّلة لا يحضرون من دروس الدِّين إلا خطبة الجمعة، فإذا تحوّل منبر الجمعة إلى ملحق للجريدة والإذاعة والإشاعة، وتحول موضوع الخطبة إلى القضايا الاجتماعية والسياسية بل والتربوية الظنّية، ضاعت الفرصة الوحيدة التي فرضها الله لتعليمهم وتذكيرهم.

7) ولقد أنكر الصحابة والتابعون وتابعوهم على الوعّاظ القصّاص خروجهم عن نهج محمد صلى الله عليه وسلم، لأن الدّعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبادة مشروعة لا يجوز الابتداع فيها ولا الاستحسان بمخالفة منهج النبوة، والشعر والقصص والفكاهة وغيرها مما ابتليت به الدعوة إلى الله في زماننا تقوم على الظّنّ والعاطفة بينما العبادة لا تقوم إلا على اليقين من كتاب الله وسنّة نبيّه صلى الله عليه وسلم وفقه الأئمة (في القرون الثلاثة) لنصوص الوحي، قال الله تعالى: {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} عافانا الله وإياكم وجميع المسلمين من ذلك.

8) لقد عطّلت خطب الجمعة في العالم المسلم عامّة بتفريغها من محتواها الشرعي الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم، وكان واجب بلاد التّوحيد والسّنّة أن تقود المسلمين إلى طريق العودة إلى شرع الله، ولكنّها للأسف رضيت بأن تصبح تابعاً للحركية (الإسلامية) الضّالّة عن منهج النبوّة بعد أن وضعها الله في مكان القيادة والصّدارة، كما بيّنت ذلك للرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في الرسالة المرافقة لهذه.

9) أرجو الله أن يوفقكم ويعينكم على تحمّل مسؤولية القيادة إلى طريق الهدى، وعدم الخضوع (للواقع) سواء في القصص والخطب. وفقكم الله، وسدد خطاكم وجعلنا وإياكم هداة مهتدين على طريق سيّد ولد آدم صلى الله عليه وسلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه، تعاونا على البر والتقوى.

الرسالة رقم135 في 1414/12/16هـ.