من سعد الحصيّن إلى خالد بن عبد الله الغليقة [كتاب ملحمة التوحيد]

بسم الله الرحمن الرحيم

من سعد الحصين إلى خالد بن عبد الله الغليقة، وفقه الله لما يحبه ويرضاه.

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أما بعد: فقد وصلتني رسالتكم بتاريخ 1432/4/1 ومعها نسخة من مؤلفكم: (ملحمة التوحيد)، وشكرت الله ثم شكرتكم لاهتمامكم بهذا الأمر العظيم: (إفراد الله بالعبادة)، وبالتّذكير بمِنَّة الله وفضله على آل سعود وبمنّة الله وفضله بهم علينا وعلى المسلمين في كلّ مكان، ولا يعرف الفضل لأهل الفضل إلاّ من رزقهم الله العدل والوفاء.

ولأن الله تعالى قال: {ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً} حرصْتُ على قراءة الكتاب ومشاركتكم النصيحة لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامّتهم:

1) أوافقكم في تفسير قول الله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} بأن الظّلم هنا هو الشرك، وقد لا يعرف كثير من المسلمين أن هذا تفسير النبيّ صلى الله عليه وسلم للآية وأنه لا يجوز تفسيرها بغيره.

2) وُفِّقَ د.محمد بن خالد الفاضل في تقديمه للكتاب لتركيزه على أعظم نعمتين ميّز الله بهما هذه البلاد المباركة في العهد السّعودي:

الأولى: نعمة تَجْديد الدّين والدّعوة على ما كان عليه النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم منذ تعاقد الإمامان المحمّدان على ذلك في أوّل النّصف الثاني من القرن الثاني عشر.

الثانية: نعمة ما سمّاه (المرجعيّة العلميّة السّلفيّة الرّبّانيّة الرّاسخة في العلم) الشرعي من الكتاب والسّنّة وفقه أئمة السّلف الأوَّلِيْن في نصوصهما.

وقليل من السّعوديّين – فضلاً عن غيرهم – يدرك أنّ الإمام محمد بن عبد الوهاب جمع لدولة آل سعود – في عهد الإمام عبد العزيز بن محمد بن سعود – الولاية في الدّين مع الولاية في الحُكْم، ولا يزال آل سعود (بفضل الله بهم وعليهم) هم الذين يحمون الدّين والبلاد والدّولة من أوثان المقامات والمزارات والمشاهد، ومن زوايا الصّوفيّة ومن سائر البدع في الاعتقاد والعبادات.

واصطفاهم الله لهذا وَحْدَهم من بين دول المسلمين بعد القرون الخيرة (مُنْذ الفاطميّين بخاصّة).

وبقيّة النِّعَم السّتّ ما هي إلا نتيجة لهما، وليته أبرز بينها ميزة الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر التي اصطفى الله لها هذه الدّولة منذ تأسيسها في القرن الثّاني عشر (مِنْ أوّل يوم) على الدّعوة إلى التوحيد والسّنّة ومحاربة الشرك والبدعة حتى تحوّلت في عهد الملك سعود رحمه الله إلى مؤسّسة مستقلّة من أكبر مؤسّساتها.

3) لعله كان من الخير الاكتفاء بمقدّمة الدكتور خالد والاستغناء بها عن مقدمة الاستاذ عبد الحميد الغليقة لأنها لا ترقى إلى مستواها بل هبطت بها إلى الحضيض.

وقد أَخَذَ النّقلُ والاستدلالُ بأقوال مثل تشرشل – فضلاً عن شفيق الحوت ونزار قبّاني – حيِّزاً لا يستحقّه، وزاحم الاستدلال والنّقل من الآيات والأحاديث والفقه الأوّل في الدّين.

4) والأمر بإفراد الله بالعبادة (التّوحيد) والنهي عن الشرك بأوثان المقامات والمزارات والمشاهد والأضرحة هما أوّل وأعظم ما جاء به كلّ رسل الله من الله تعالى منذ عهد نوح إلى قيام السّاعة، {ولقد بعثنا في كلّ أمّة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطّاغوت} {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنه لا إله إلاّ أنا فاعبدون} {وما أمروا إلاّ ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلاّ هو سبحانه عمّا يشركون}.

فلا يليق بهما إلاّ لُغَة القرآن والسّنّة والفقه الأوَّل في نصوصهما.

وأين منها: (إجهاض اليورانيوم المخصّب في أعماقها) بلفظ الاستاذ عبد المجيد الغليقة ص21، أو (نظرية جونز، الحقل الموحّد) بلفظ ناصر الصّالح ونحوهما.

5) لا يليق بأعظم شرع الله رَبْطُه بالتّحليلات الصّحفيّة السّاذجة المنشورة في المؤلَّف نتيجة لمحاولة ربطه بالجغرافيا والسّيادة والتّنميّة بِحَقٍّ وبدون حقّ، وبتعسّف أحياناً.

وما تضمّنه كتاب الله وسنّة رسوله وفقه الصّحابة وتابعيهم في القرون الخيّرة هو الدّين كاملاً غير منقوص، وما عداه أمور دنيويّة لكلٍّ رأيه فيه، ولا ضير من الاختلاف في الأمور الدّنيويّة بتغيّر الحال والمكان والزّمان، والنّاس أعلم بأمور دنياهم وسياستهم الأدنى، ولله ولرسوله ولكتابه وللفقهاء الأُوَل في الدّين: السّياسة الأعلى.

6) ولا يليق بكتاب الله ووحيه اليقيني أن يؤوّل بالظّنّ أو بمجرّد الفكر ولو وُصِف بالإسلامي دون الرّجوع إلى ما جمعه المفسِّرون الأوائل في القرون الخيّرة والتقيّد والالتزام به (في مثل: وفي نظري…، وأحسب…، ص41).

7) ولكنّ هذا لا يعني القدح في نيّة المؤلّف وغيرته على دين الله، وفقه الله.

كتبه سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.