من سعد الحصين إلى عبد الرحمن الراشد {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحبّ المسرفين}
بسم الله الرحمن الرحيم
من سعد الحصين إلى الأخ في الدّين/ عبد الرحمن الراشد أرشده الله لكل خير.
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أما بعد: فقد سرّني أن أقرأ مقالكم بعنوان: (زمن الدّلال انتهى) في المجلّة رقم756 في 1415/2/30 فقد كنت أدعوا الله أن يهدي الرّاعي والرّعية في كلّ بلد مسلم وخاصّة في بلد التّوحيد والسّنّة إلى إنهاء زمن الدّلال استجابة لأمر الله تعالى: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحبّ المسرفين}. والدّلال في منطقة الخليج عامة لا يعني إضاعة المال وحده، بل يتعدّاه إلى إضاعة ما هو أهمّ منه: الطاقة المحدودة والحكمة في التعامل معها.
الأزمة المالية التي مرّت بالعالم كلّه مرّت ببلادنا، وواجب الرّعيّة المساهمة في تخفيفها، وواجب الرّاعي تدريب الرّعيّة على تحمّل مسئولياتها: بالاقتصاد أو على الأقل عدم الاسراف الذي لا يحبّه الله.
ولقد عشنا سنين عديدة أكثر ما نهتم به زيادة مكاسبنا المادية على حساب المصلحة العامّة بأقلّ جهد وأقصر وقت.. وذلك نتيجة قلّة خضوعنا للدّين والعقل.. وقد آن لنا أن نغيّر ما بأنفسنا من شحّ وطمع وأنانيّة.
بعض الدّول المجاورة، التي يقلّ دخل الفرد فيها كثيراً عن دخل الفرد في بلادنا، تفرض ثمناً مضاعفاً على الماء والكهرباء والصرف الصحِّي فضلاً عن الضرائب العالية على السّلع والمساكن وغيرها لدعم خزينة الدّولة وتمكينها من تقديم خدمات أفضل للمواطنين مع كثرة مصادر مياهها.
ولو كانت الخزينة في بلادنا في غير حاجة إلى تعاون المواطن فإنها مسئولة شرعاً وعقلاً عن المحافظة على مصادر المياه ومصادر الطاقة الأخرى من التبذير.
إن تخفيض ثمن المياه أو بقاءه على ما كان عليه يشجّع على الاسراف في صرفه واستفحال مشكلة استنزاف كمّية المياه المحدودة المخزونة في جوف الأرض.
وأرى ما رأته إحدى جهات الاختصاص في المملكة: تقديم ثلاثين متراً مكعباً من المياه شهريّاً لكلّ مواطن بلا ثمن، وهذا ما تحتاجه العائلة المتوسّطة العاقلة، ورفع سعر المتر المكعّب (فوق ذلك) إلى ريالين أو ثلاثة أسوة بالبلاد المجاورة الأقلّ دخلاً والأكبر مخزوناً من المياه.
وترشيد الاستهلاك بوضع الضوابط الإدارية والفنّيّة لخفض الاستهلاك من مياه الشرب.
وخفض ثمن الكهرباء أو إعادته إلى ما كان عليه يشجّع على الاسراف من جهة، ويزيد في صعوبة إيصال التيار إلى مناطق جديدة.
وبالمثل يحدّد سعر الكهرباء بحيث يرتفع تدريجيّاً مع زيادة الصّرف.
ويمكن ترشيد الاستهلاك لدى الفرد العادي والمؤسسات العامة. مثلاً: لا يجوز تصغير النوافذ وتعتيم الزجاج في المدارس والمساجد وبنايات الادارة العامة بحيث نحتاج إلى إضاءة المصابيح الكهربائية في رابعة النهار، ولا يجوز إضاءة ثريات الإنارة للزّينة في المساجد، فالزّينة غير مشروعة (فيها) بل منهي عنها.
وخفض الكهرباء والوقود (عدا الديزل)، بالدرجة الحالية أو ما قبلها، وخفض الجمارك يشجع على زيادة الاستيراد وإضاعة المال الخاص والعام فيما لا ضرورة له، بل لا حاجة له.
وملاحظة جانبية: كيف نقول لكم هذا وننسى أن مجلتكم وجميع مطبوعات المؤسسة تقريباً تتميّز بين مطبوعات بلاد التوحيد والسنّة بالدّعاية للتّدخين، الذي يجمع بين الاسراف والضرر والاضرار، ثم تكتب تحته بحروف أصغر ما يثبت ضرره، لزيادة مال التّاجر والمصدّر.
وفقكم الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه/ سعد بن عبد الرحمن الحصين عفا الله عنه.
الرسالة رقم58 في 1415/3/20هـ.